بروفايل| الشهيد.. جندى الله فى الأرض

كتب: مروى ياسين

بروفايل| الشهيد.. جندى الله فى الأرض

بروفايل| الشهيد.. جندى الله فى الأرض

هم جنود من السماء يتحركون بيننا، تعرفهم بسيماهم، لا يمكن أن تنسى تلك الملامح التى غمرها الرضا بقضاء الله، فتترك ابتسامتهم أثرها فى نفوس من يتعاملون معهم، لتظل بشاشة وجوههم هى آخر ما تذكره عنهم مهما كانت نهايتهم، جسد الشهيد ضياء فتحى قصة واحد منهم، ليستشهد فى الثلاثين من العمر، تاركاً خلفه طفلة رضيعة قبل أن تعرفه، وكلمات واحدة لكل من عرفه: «كان ابن موت»، وثروة من الشجاعة برزت فى كل أعماله التى أتقنها طيلة حياته.

بحماس الشباب وعزيمته، بدأ حياته العملية رجلاً فى الشرطة شعاره فى الحياة: «أن يقدم نفسه فداء للوطن»، تنقل الضابط «ضياء» بين أقسام الشرطة على اختلافها إلى أن استقر به المقام فى إدارة الحماية المدنية بالجيزة وحدة إبطال المفرقعات، تتضاعف المسئولية لديه ويزداد الحماس فى كل لحظة يدرك فيها قيمة عمله الذى وضعه على المحك، فحساسية دوره فى إبطال المفرقعات يضعه أمام حقيقة واحدة احتمالية الخطأ فيها هى نهايته، كان يدرك حقيقة الأمر ولم يتخاذل يوماً عن دوره، ولم يقصر فى مهمته، توفر إدارته بعض المهام اللازمة لتفكيك العبوات الناسفة، أهمها تلك السترة المخصصة لهذه المهمة الحساسة التى يصل وزنها إلى 35 كيلوجراماً، ما هى إلا وسيلة لحفظ الجثة من أن تتحول إلى أشلاء، وخوذة موصلة بميكروفون يبلغ وزنها نحو 15 كيلوجراماً، يستعد «ضياء» فى كل مهمة كان يذهب إليها بمعداته بمعاونة بعض من مرافقيه، حتى يتمكن من ارتداء تلك السترة التى لا تغنى عن الموت شيئاً، يرتديها وهو يردد الشهادة فاحتمالية الموت قائمة لا مفر منها، يعى ذلك ويعرف أن ارتداءه للسترة لن يحميه من الموت، لكنه يحمى جثته من تحولها إلى أشلاء، يودع أحبته فى صمت قبل بدء مهمته فى تفكيك ما زرعه الإرهابيون من عبوات تستهدف أرواح الأبرياء، وحده من يقدم على التقرب من تلك المتفجرات فى الوقت الذى يهرب الجميع من حولها خوفاً من الانفجار، تدرب «ضياء» وكل من معه فى تلك المهمة بعقيدة واحدة؛ من يخطئ مرة لن يتمكن بعدها من تصحيح ما ارتكبه من أخطاء، ليكون المصير المنتظر هو الموت، «ضياء» الذى لم يخش الموت لحظة كان يسرع من خطواته كلما تلقى إخبارية بوجود جسم غريب، يخاف ألا يسعفه الوقت ويتسبب الأمر فى وفاة العشرات، يقدم نفسه قبل الآخرين ليقف هو فى مواجهة الموت، فى المرة الأخيرة، ويكتب الإرهابيون نهايته فى يناير 2015، بتفجير العبوة أثناء تفكيكه لها.


مواضيع متعلقة