بروفايل| وردة.. العودة بقرار جمهوري

بروفايل| وردة.. العودة بقرار جمهوري
تقف على خشبة المسرح شامخة، لا تعرف الانكسار، يرنو لها معجبوها القابعون أمامها في سُكرة بافتتان، وحدها تشدو بأوتارها الحساسة فتداعب قلوب مستمعيها، الذين تركت لهم ما لهم ما يرددونه في رثائها: "لكن يا خسارة الأيام تمرق ما فينا نردها".
وردة، اسم على مسمى، أُطلق على الفتاة الجزائرية المولودة في الحي اللاتيني بباريس في فرنسا، لأب جزائري وأم لبنانية، ومن فندق والدها محمد فتوكي، الذي كان يملكه في باريس، طلت على الجمهور لتشدو أغاني لأم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم حافظ.
الميلاد الحقيقي، ليس ما يدوّن بالشهادات، لذا ولدت وردة فنيًا في أغنية "أوقاتي بتحلو"، التي أطلقتها عام 1979 في حفل فني مباشر، من ألحان الراحل سيد مكاوي، حيث كانت تنوي كوكب الشرق أم كلثوم تقديمها في 1975، لكن الموت فاجأها لتعيش سنوات طويلة في أدراج سيد مكاوي حتى قدمتها وردة كأفضل ما غنت.
زارت وردة الجزائرية مصر بدعوة من المخرج والمنتج الراحل حلمي رفلة، الذي قدّمها في أول أفلامها السينمائية "ألمظ وعبده الحامولي" 1962، وبعدها تم اختيارها ضمن المجموعة التي غنت أوبريت "الوطن العربي".
في أوائل الستنيات أُشيع أنها على علاقة بالمشير عبدالحكيم عامر، حسب موقع بيانات الأفلام العربية، ما أدى إلى صدور قرار بإبعادها خارج البلاد ومنعها من دخول مصر، ولم ترجع إلا في مطلع السبعينيات خلال حكم الرئيس السادات، وكانت في هذه الفترة تزوجت من المناضل الجزائري جمال قصيري، وأنجبت ولديها رياض وداوود.
اعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين، كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها 1972، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها جمال قصيري، وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري، وعادت إلى القاهرة وانطلقت مسيرتها من جديد، وتزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي، لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه عام 1979، وهي الفترة التي قدّمت فيها وردة معظم أغنياتها الناجحة حتى الآن.
بعد انفصالها عن بليغ تعاونت مع العديد من الملحنين، الذين قدّموا لها ألوانًا مختلفة من الموسيقى، مثل محمد عبدالوهاب، وسيد مكاوي، ومحمد الموجي، وصلاح الشرنوبي، وتنوعت أعمالها الدرامية بين السينما والتليفزيون.
"يا سنين لو فينا بنعيد ماضينا.. حتى كل دمعة بكينا كنا بالضحكة محيناها.. حرام نضيع أيام ما فينا نردها"، مقتطف من كلمات أغنية "أيام" آخر ما شدت به وردة الجزائرية قبل رحيلها في 17 مايو 2012، بثلاث سنوات، ولم تتمكن من استكمال تصويرها بسبب مرضها، وأذعيت الأغنية للمرة الأولى إعلاميًا في الذكرى الأولى لرحيل وردة في احتفال خاص بصالة "الموجار" بالعاصمة الجزائرية، بعد أن أطلقها ابنها رياض القصري، لكونها من إنتاج والدته الخاص.
وقال رياض، حينها، إنه سيطلق الأغنية المصورة في العاصمة اللبنانية "بيروت" قريبًا بمؤتمر صحفي، موضحا أن والدته كانت تحب لبنان، كما كانت تحب مصر التي عاشت فيها طويلًا، مثلما تحب وطنها الأم الجزائر، وكان لديها إصرار كبير على طرح هذه الأغنية لأنها اعتبرتها تناقش العلاقات الإنسانية بين البشر، مشيرا إلى أنه قرر طرحها بعد رحيلها تنفيذًا لرغبتها، بالطريقة التي وافقت عليها قبل وفاتها.