بروفايل| عمار الشريعي.. المُكتشف

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| عمار الشريعي.. المُكتشف

بروفايل| عمار الشريعي.. المُكتشف

التراب والنيل إذا نطقا سيكون صوتهما، كما قال يومًا، عازف سلس على جميع أوتار المشاعر حبًا وحنينًا وأنينًا، يستمع إلى موسيقى وهي في أشد درجاتها انخفاضًا، متذوقًا روحها، وبنفس الطريقة الهادئة صنع نجومًا على يديه، تراءت أسماءهم في الأفق ولم ينكر أحدهم يومًا فضل عمار الشريعي "المُكتشف".

رعاية المواهب الجديدة، القضية التي أولى لها الشريعي اهتمامًا كبيرًا، فكان دائمًا مُغرم باكتشاف المواهب الغنائية المميزة، وكوّن فرقة الأصدقاء عام 1980، وكانت تضم المطربين منى عبدالغنى، وحنان وعلاء عبدالخالق، وقدّموا مجموعة كبيرة من الأغنيات الناجحة التي ظلت عالقة بأذهان الجمهور حتى الآن.

"منى عبد الغنى، حنان، علاء عبدالخالق، هدى عمار، حسن فؤاد، ريهام عبدالحكيم، مي فاروق، أجفان الأمير، آمال ماهر، وأحمد علي الحجار، سماح سيد الملاح"، قائمة أوليّة بالمواهب التي أُذيع عن اكتشاف الشريعي لها، الموهوب بالفطرة منذ ميلاده في 16 أبريل 1948.

منى عبدالغني، صبية صغيرة في المرحلة الثانوية لم تكمل العشرين من عمرها، دخلت على "الشريعي" عندما بدأ اختبار الأصوات لاختيار أعضاء فريق الأصدقاء، وروت في حديث صحفي أن يومها كانت مع مجموعة كبيرة من الأصوات، ورغم كثرة الموجودين وخوفها الشديد من مقابلته ورعبها من الغناء أمام موسيقار بحجمه، إلا أنها تماسكت وغنت "ليه خلتني أحبك" للفنانة ليلى مراد، وكانت معها في اليوم نفسه زميلتها "حنان"، التي غنت أغنية شادية الشهيرة "إن راح منك يا عين".

نالت الفتاتان إعجاب الموسيقار الكبير، وقرر ضمهما إلى علاء عبدالخالق، الذي سبق واختاره قبلهما، وأثناء التدريبات في منزله كان كريمًا وسخيًا جدًا معهم ومع الفرقة الموسقية، وكان حريصًا أكثر منهم على مستقبلهم، ومن الأغاني المحفورة لتلك الفرقة في الأذهان أغنية "الموضات"، "تحت العشرين"، "إلى كل طير مهاجر" و"الحدود".

ضاق صدره من لقاء العديد من المتقدمين لمسابقة اختبار الأصوات غير الصالحين، حتى استمع إلى صوتها في "شريط كاسيت"، وطلب مقابلتها، وازداد إعجابه باتقان فتاة "كونسيرفتوار" للأغاني الشرقية، والصوت الجامع بين لونين مختلفين، فاكتشفها وقدمها للجمهور في فترة التسعينات ووهبها اسمه حتى اشتهرت بـ"هدى عمار".

شجع الشريعي "هدى" لتواصل مسيرتها الفنية، ولحن لها أول ألبوم لها، كما لحن لها الموسيقار الكبير محمد الموجي أغنية إذاعية، وحُفر صوتها في أذهان أجيال بغنائها مقدمة ونهاية مسلسل "هوانم جارن سيتي" بجزئيه، و"بنات سعاد هانم" وحلقات "ألف ليلة وليلة"، وأغنية "حبيبتي من ضفايرها"، التي لحنها الموسيقار عمار الشريعي في فيلم "كتيبة الإعدام"، للمخرج الراحل عاطف الطيب، قبل أن تختفي كغيرها من نجوم التسعينات.

الشريعي، لم يكن يومًا داعمًا ومكتشفًا فنيًا فقط، بل عاش قنديلًا يضيء المناطق الساكنة داخل نفوس المبدعين، لم تنس له ريهام عبدالحكيم تعليمها مهارات التعامل بالوسط، وكيف تعتاد الغناء ومجاله وتتفق على حفلة وترفض دون إساءة، وأشار لها على حرفيات في الغناء، كسماع الأغاني بصوت منخفض لتدرك عيوب صوتها في كل أغنية، وكان مُشجعًا دائمًا لها على الخروج من عباءة غناء ما أنشدته أم كلثوم، وغناء لونها الخاص وأغانيها الذاتية.

كسابقاتها، جمع أول لقاء للصاعدة آمال ماهر مع الشريعي في استوديو عمار وكانت مريضة، وباغتها بسؤاله: "عندك كام سنة؟"، فأجابت بكل ثقة: "13" فسألها: "هتغني لنا إيه؟" أجابت، كما روت في حديث صحفي: "هاغني هلت ليالي القمر"، فكانت تحب هذه الأغنية لأن والدها يحبها، وبعد غنائها شعرت بانبهاره، لكن في قرارة نفسها كطفلة وقتها كانت تقول: "أنا بغني عادي يعني"، ومن وقتها بدأت علاقة التبني الفني لها من قِبل المخضرم عمار الشريعي.

لم يجمعهما العمل بقدر ما جمعتهما العلاقات الإنسانية، تعلمت منه الكثير، فتعلمت ماذا تعني الدنيا، حيث كنت طفلة وقتها والدنيا كانت غريبة وصعبة عليها، ولم تفهمها إلا متأخرة، فكانت تقول: "عندما كان ينصحني كنت أقول في نفسي: ما هذا الكلام الذي يقوله، لكني عرفت معناه فيما بعد، حتى الآن نصائح عمار الشريعي في ذاكرتي".


مواضيع متعلقة