بروفايل| عبدالحليم حافظ.. الإذاعي

بروفايل| عبدالحليم حافظ.. الإذاعي
أمام الميكروفون يكن بارعًا، اُشتهر كعندليب يشدو، بينما أبدع في استخدامه مذيعًا غير متكلّف، كالجالس بين أسرته يقصص عليهم حكاية "مقدمة" لبرامج يحاور فيها عظماء بدءًا من الغناء وحتى الأدب، في سلاسة يتلو أسئلته، وبمرونة يتنقل من جواب الضيف لسؤال جديد، فكما برع عندليبًا، أثبت عبدالحليم حافظ نفسه مذيعًا.
"مش شغلتي الميكرفون أو إني أبقى مذيع لكن الإذاعة شافت تخليني مذيع النهاردة"، خضع في البداية لطلب الإذاعة، ومن ثَم هوى التجربة، وأجرى حليم حوارات عدة في ظاهرها فني باستضافته لشخصيات فنية من مطربين وملحنين ولكن بطابعها عامة وإنسانية وثقافية.
بنبرة صوت هادئة، والمحاورة بإيقاع بطيء قدّم حليم إحدى حلقات البرنامج الإذاعي "الميكروفون مع" محاورًا صديقيه بليغ حمدي ومفيد فوزي، مستغلًا فرصة "اختيار ناس بيحبوني وبحبهم وهقدر أسألهم شوية أسئلة محرجة"، مجريًا الحوار مع كل ضيف على حدة، ومواجهًا إياهم بكل ما يقيل عنهما سلبًا وإيجابًا، ولم يكن مستمعًا لإجاباتهم فقط بل تمرّس دور الإذاعي وصار لهم مناقشًا.
حاور التليمذ أستاذه محمد عبدالوهاب، في أكثر من لقاء إذاعي، ورغم جدية موسيقار الأجيال اتسمت لقاءاته مع حليم بالبساطة والظُرف، رغم التطرق لمناقشة قضايا فنية وأدبية أيضًا، وحاور صديقه النجم العالمي عمر الشريف في النمسا عام 1968، ووجّه له أسئلة جعلت من اللقاء حديثًا عامًا لتمسك الإذاعي برد صديقه على كل ما يشيع عنه بدءًا من تخليه عن جنسيته وحتى إجراءاه حوارًا في إذاعة إسرائيل.
"من الأضحى للتضحية من أجل الوطن"، تجلّى حليم في مقدمته في برنامج "سهرة ليلة العيد" عام 1970، راويًا قصة عيد الأضحى ومنها إلى المعنى الأسمى، حتى حاور كل من الكاتبين الصحفيين مصطفى وعلي أمين، ولم يكن يذيع أغانيه في تلك البرامج متقمصًا دور المذيع فقط وتاركًا الفواصل الغنائية لمطربين آخرين ليس منهم.
لحليم مع الإذاعة مشوارًا لم يكن يكتمل دونها، فكما جاءها مذيعًا بعد شهرته، اشترك كراويًا في مسلسل "قاهر الظلام"، وغنى به 13 أغنية من كلمات الشاعر محمد حمزة، وأُذيع في إذاعة الشرق الأوسط بمصر، وكان هدية منه للإذاعة، كما أهداها 5 أغنيات في المسلسل الإذاعي الوحيد الذي أدى دورًا به "أرجوك لا تفهمني بسرعة"، وظل مُحبًا لـ"الميكروفون الإذاعي" رغم عدم احترافه له كما قال، حتى توفي في 30 مارس 1977، بعد سفره للعلاج بلندن في 3 يناير عام 1977، وخرجت جموع الشعب تستقبل جثمانه وتودعه في موكب مهيب.