الـ100 يوم الأولى "تأميم القناة": ضربة كانت من معلم .. خلى الاستعمار يسلم

الـ100 يوم الأولى "تأميم القناة": ضربة كانت من معلم .. خلى الاستعمار يسلم
«تأميم قناة السويس»، «إلغاء الأحكام العرفية»، «إنشاء جيش التحرير الوطنى»، «استكمال التخطيط لبدء مشروع السد العالى».. كانت هذه هى أهم القرارات التى اتخذها جمال عبدالناصر خلال الـ100 يوم الأولى من توليه رئاسة مصر عقب استفتاء يونيو عام 1956.
اختار المصريون عبدالناصر رئيساً لهم بأغلبية بلغت ٩٩٫٦% من جملة من أدلوا بأصواتهم، كما نشرت الصحف وقتها. وجرى الاستفتاء وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦، أول دستور لثورة 23 يوليو، الذى وافق عليه الشعب بأغلبية ٩٧٫٧%. وخلال المائة يوم الأولى من حكم عبدالناصر عمل الرئيس الراحل على طمأنة الشعب، مع محاولة توفير الموارد اللازمة لبناء دولة صناعية كبرى، حيث ألقى كلمة يوم 25 يونيو 1956 عقب توليه رئاسة الجمهورية أمام وفود المهنئين، أكد فيها أن مصر أعلنت إرادتها قائلاً: «نزحف زحفاً فى الجهاد المقدّس لتحقيق أهداف هذه الثورة.. مصر أعلنت إرادتها.. أعلنتها للعالمين وأعلنتها لأبنائها»، مضيفاً أن «كل فرد من أبناء مصر يشعر أننا نتعاون جميعاً من أجل تحقيق هذه الأهداف»، وذلك لأن «مصر أجمعت بالأمس على أنها ستسير قُدماً لتحقيق أهداف الثورة».
كان أول قرار يصدره عبدالناصر عقب أدائه اليمين الدستورية كأول رئيس مصرى منتخب بعد الثورة هو تأليف المجلس التنفيذى للاتحاد القومى من أعضاء مجلس قيادة الثورة فى 23 يونيو 1956، أتبعه فى 25 يونيو بقرار منح «قلادة النيل» لـ8 من الأعضاء، بينهم عبدالحكيم عامر وأنور السادات وعبداللطيف البغدادى وزكريا محيى الدين، وذلك.. «تقديراً لهم، لأنهم حملوا الأمانة فى السنوات الأربع التى أعقبت الثورة». وفى اليوم الثانى لتوليه الرئاسة أصدر قانون إلغاء الأحكام العرفية، التى كانت قد صدرت لأول مرة على يد الاحتلال الإنجليزى عام 1914. وخلال نفس اليوم أهدى وشاح النيل للوزراء المدنيين ووسام الجمهورية لنائبى رئيس الوزراء، وذلك تقديراً لجهودهم جميعاً. بعد ذلك قرر فى 27 يونيو منح نوط الاستقلال لجميع موظفى ومستخدمى وعمال الحكومة الموجودين فى الخدمة منذ 18 يونيو من نفس العام، كما قرر منح هذا النوط لجميع أعضاء مجالس إدارات الشركات والنقابات المهنية والعمالية والجمعيات التعاونية المختلفة.
أصدر عبدالناصر فى 29 يونيو 1956 قرار تشكيل الوزارة الجديدة، وأدى الوزراء اليمين الدستورية، وكانت تلك هى المرة الأولى فى تاريخ مصر التى يؤدى فيها الوزراء اليمين القانونية أمام رئيس جمهوريةٍ أجمعَ الشعب على انتخابه. فيما أصدر فى 3 يوليو 1956 قراراً جمهورياً بإجراء انتخابات أعضاء ونواب المجلس الملى العام للأقباط الأرثوذكس. وفى 5 يوليو رحّب عبدالناصر بقرار مجلس نواب سوريا بتأليف لجنة وزارية لمفاوضة مصر فى قيام اتحاد فيدرالى بين مصر وسوريا، حيث قال: «تلقيت بترحيب بالغ نبأ قرار مجلس نواب سوريا الشقيقة بإقامة الاتحاد بين مصر وسوريا، ففى تحقيق هذا الاتحاد تحقيق لأمنية يهفو إليها قلب كل عربى يؤمن بالقومية العربية ويعمل من أجلها. وقيام الاتحاد إنما هو تحقيق للمادة الأولى من دستور جمهورية مصر، الذى نص على أن مصر دولة عربية مستقلة وأن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية».
بعد ذلك بدأت التحديات تتوالى على عبدالناصر، حيث أعلنت الخارجية الأمريكية فى بيان لها يوم 20 يوليو 1956 انسحاب الولايات المتحدة من الاشتراك فى تمويل السد العالى، لكن عبدالناصر لم يستسلم لهذه العراقيل وألقى كلمة أثناء افتتاح خط أنابيب البترول بمناسبة العيد الرابع للثورة، قال فيها إن الدخل القومى ارتفع فى العامين الأولين من الثورة -أى من 1952 إلى 1954- بمقدار ١٦%، وقُدِّر خلال العامين الماضيين بنفس النسبة تقريباً، أى أننا نعمل ونزيد الدخل ونزيد الثروة، أى أننا ننتج.. وننتج إنتاجاً حقيقياً بعزيمة وجد واجتهاد». وخلال كلمته رد على رفض الولايات المتحدة، قائلاً: «إذا قامت فى واشنطن ضجة تعلن، وقد تجردت من الحياء ومن أى مبدأ من المبادئ التى تتعامل بها الدول، تعلن كذباً وخداعاً وتضليلاً أن الاقتصاد المصرى يدعو إلى الشك. إننى أنظر إليهم وأقول لهم: موتوا بغيظكم، فلن تستطيعوا أن تتحكموا فينا، ولن تستطيعوا أن تستبدوا بنا. إننا نعرف طريقنا؛ طريق الحرية والشرف، طريق العزة والكرامة، وإننا حينما ننظر إليكم إنما نقول لكم: هللوا من واشنطن وأصدروا البيانات من واشنطن، واكذبوا من واشنطن، إننا حينما ننظر إليكم بعد هذه البيانات إنما نقول: إذا كانت هذه البيانات عن اعتقاد يدل على القِصر فى المعرفة، فتلك مصيبة فى تعامل الدول بعضها البعض، أما إذا كانت هذه البيانات عن خداع وعن تضليل؛ فإن المصيبة تكون أكبر.. من زعيمة العالم الحر التى تنادى بالحرية وتنادى بالديمقراطية». وأضاف: «الدخل القومى زاد فى سنتين ١٦%، الميزانية زادت، مشروعاتنا زادت، إنتاجنا الزراعى زاد.. كلام يُكذب هؤلاء المخادعين المضللين؛ اللى بيخدعوا العالم وبيخدعوا الشعوب، واللى سياستهم تتجه نحو التحكم والسيطرة. ونقول.. الرد الذى نقوله على هذا الكلام اليوم غير الرد اللى حنقوله يوم الخميس القادم إن شاء الله».. وكانت تلك إشارة من عبدالناصر إلى يوم 26 يوليو الذى اتخذ فيه واحداً من أخطر القرارات طوال فترة حكمه.. «قرار تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية».
خاض عبدالناصر بعد هذا القرار التاريخى معارك كبرى مع الدول الغربية، خصوصاً إنجلترا وفرنسا، نظراً للمزايا التى كانت تتمتع بها أثناء إدارتها للقناة، مما وجه بعدها تحذيراً إلى الدولتين ولكل الدول الاستعمارية من القيام بأى محاولة لتعطيل الملاحة فى القناة أو تحويل مسألة التأميم إلى مشكلة سياسية دولية، مؤكداً أن مصر حافظت وستظل تحافظ على حرية الملاحة فى القناة، ولن تسمح لأى دولة أو «عصابة» بأن تنتقص من سيادة مصر واستقلالها، وستقابل الإساءة بالإساءة والعدوان بالعدوان. وفى أول أغسطس قرر استئناف الأعمال التخطيطية اللازمة لمشروع السد العالى، وأصدر بعدها فى 9 أغسطس قرار إنشاء جيش التحرير الوطنى، الذى يتكون من الحرس الوطنى وكتائب الشباب والمتطوعين من سن ١٨ إلى ٥٠ عاماً، وذلك بقيادة كمال الدين حسين، لكن الصراعات بين عبدالناصر ودول الغرب لم تنتهِ، وتوالت تصريحاته وتحذيراته، حيث عقد فى 12 أغسطس مؤتمراً صحفياً عالمياً أكد فيه أن إعلان تأميم القناة كان تفادياً للمؤامرة المدبّرة لمد امتياز الشركة المؤمّمة. وأعلن رفض مصر حضور مؤتمر لندن، وأعقبه بعد شهر مؤتمر صحفى آخر أعلن فيه رفض مصر أى إشراف دولى على القناة، وبعد ذلك أصدر قراراً جمهورياً بتأليف وفد مصر إلى مجلس الأمن لمناقشة مسألة قناة السويس.
أخبار متعلقة:
عائلة "عبد المقصود أفندى": 4 أجيال نامت على مخدة الزعيم
كمال الهلباوى: الخلاف بين الإخوان وعبدالناصر كان سبباً فى هزيمة 67
حكاية عبدالناصر والإخوان: «تار بايت».. ثم «تبادل مواقع»
مصر محتجالك
بتحب عبد الناصر؟.. طبعا.. زرت "الضريح"؟.. لسه .. يبقى مابتحبوش
"عبد الناصر لم يمت": تلك أفة الحكام فى مصر من "السادات" إلى "مرسى"
إحنا آسفين يا زعيم