مصر محتجالك

كتب: جهاد مرسى و إنجى الطوخى

مصر محتجالك

مصر محتجالك

كان ولا يزال الزعيم الذى يجمع الجماهير حوله، هو الملهم لهم حياً وميتاً، عندما يتحدث يصمت الجميع، عندما يقرر لا يتراجع، وعندما يقسو لا يَغضب محبوه بل يزيدونه حباً، هو تجربة زعامة فريدة لم تتكرر، حاول نظراؤه استدعاءها ففشلوا وتأرجحواا. بين ماض «ناصرى» وحاضر «إخوانى» يبدو المستقبل مبهماً غامضاً مخيفاً، وهو ما دفع الكثيرين إلى رفض الحاضر والتوقُّف عن أى توقعات للمستقبل واستحضار الماضى والعيش فى رحبه الضيق، ليظل «ناصر» الحاضر الغائب.. الحى الميت.. الزعيم الرئيس. فى ذكرى ميلاده الـ95، هل يكون «عبدالناصر» هو رجل المرحلة.. صاحب سيناريو العبور من أزمتنا الحالية؟ المفكر والكاتب السيد ياسين رفض استحضار صورة «ناصر» فى الأزمة الحالية، وعلق: «كلمة الزعيم لا تُذكر فى أى نظام ديمقراطى يكون فيه الصندوق الانتخابى هو الفيصل الوحيد لنجاح أى تيار سياسى»، متسائلاً: «لماذا كلما مررنا بأزمة نُطالب بزعيم، وكأنه حلال المشاكل أو سوبرمان؟!». «عبدالناصر كان يمثل حالة خاصة جداً فى السياسة المصرية»، قالها «ياسين» قبل أن يضيف: «عندما ترشّح للرئاسة كانت الساحة خالية تماًما أمامه، ولم تكن هناك أحزاب أو أشخاص أو أى نوع من المعارضة تواجهه أو تترشح ضده»، معتبرا أن أى مقارنة بين نظامى «مرسى» و«عبدالناصر» ستكون ظالمة، فكلا النظامين وصل إلى الحكم بعد ثورة، ولكن ثورة 1952 كانت انقلاباً عسكرياً تحول إلى ثورة، أما ثورة 25 يناير فكانت ثورة شعبية. وطالب «ياسين» المعارضة بأن تتوقف عن ترديد نغمة «إسقاط الرئيس» إلا إذا كان لديها بديل واضح: «يجب أن يفهم الجميع أن من قام بثورة يوليو هو من تولى الحُكم، أما الشباب الذى قام بثورة 25 يناير فلم يحكم، لأن الإخوان قفزوا على السلطة». برؤية مختلفة تحمل تفاؤلاً أكثر، رأت الدكتورة كريمة الحفناوى، الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى، أن نموذج «عبدالناصر» لا يمكن استنساخه بالكامل، ليكون السيناريو الأمثل للخروج من أزمتنا الحالية، فحين نترحم على زمن «عبدالناصر»، نتذكر سياساته الاقتصادية والوطنية العظيمة، التى إذا طبِّقت بما يتناسب مع الظروف الداخلية والخارجية لمصر حالياً، ستسهم بلا شك فى انفراج الأزمة. معاداة المصالح الرأسمالية الأمريكية والصهيونية كانت على رأس سياسات عبدالناصر، وتوقعت «الحفناوى» أن يسير عليها النظام الحالى، بالإضافة إلى إقامة علاقات مع جميع الدول من مُنطلق الشراكة والنديّة والمصلحة المشتركة، وتطبيق سياسات «عبدالناصر» التى تقوم على الاستقلال الاقتصادى والوطنى فى بناء الدولة والمجتمع، بما يُحقق الاكتفاء الذاتى. مشاركة المجتمع مع القطاعات «العام والخاص والتعاونى»، التى كان يتّبعها «عبدالناصر»، وفقاً لرأى «الحفناوى»، نحتاج إليها الآن بشدة، لأنها تسهم بلا شك فى الحد من ارتفاع الأسعار، ورعاية صغار الفلاحين والعمال، ومشاركتهم فى الأرباح، أما مصادرة الحياة الديمقراطية والحزبية، فلا تتناسب مطلقاً مع الوقت الحالى، وإذا حاول أى حاكم التلويح بها، سيجد مقاومة شعبية عنيفة. المحور الأخير فقط فى كلام كريمة الحفناوى، يتفق معه الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، فهو يرى أن «عبدالناصر» ابن بيئته وزمنه، ولا يستطيع أن يقود سفينتنا ويعبر بمصر لبر الأمان، فنموذج المستبد العادل لا يصلح لهذا الزمان، فقد ولّى عهد التأميم وانتهى إلى الأبد حكم العسكر، ولم يعد اللعب على الوتر القومى يُجدى مع المصريين، فنحن نريد حاكماً ديمقراطياً يحترم القانون، ويرعى دولة المؤسسات. «رجل وطنى بحق، لم يفرِّق يوماً بين المصريين، وزعيم لديه رؤية ومشروع حاول تطبيقه بكل أمانة، سواء حظى بالإعجاب أو لا»، هى صفات حكم ناصر، التى يفتقدها الحاكم الحالى، حسب رأى الدكتورة إجلال رأفت، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، التى أصابها الإحباط الشديد «كل يوم مصر بتقع فى مشاكل أكبر، وأنا قريت كتير فى التاريخ وأؤكد أن الإخوان لن يتركوا مصر إلا بعد كثير من الدماء». لخّصت «إجلال» رؤيتها للمشهد السياسى الحالى: «لست ناصرية ولكن جمال عبدالناصر كان الزعيم الذى يمتلك مشروعاً يُقدِّر حجم مصر، وهو ما لا يمتلكه الإخوان الذين ضحكوا على الناس بمشروع ليس له وجود». رغم هذا الإحباط فإن أستاذة العلوم السياسية رفضت أى أمنيات بعودة «ناصر» جديد، فالقيادات لا تتكرر.. والناس ليست فى حاجة إلى زعيم جديد، بل فقط لأن يتحد الشباب الذين قاموا بالثورة ضد الظلاميين الجُدد «عندنا زعماء كثيرون، ولكن هيعملوا إيه لوحدهم؟ الأمل فى الشباب إنه ينهى الانقسام». استشهدت «زكريا» بالداعية الإسلامى السعودى محمد العريفى، الذى اشتُهر فى مصر خلال 3 دقائق، استخدم نفس أسلوب جمال عبدالناصر فى خطابه للجماهير، وهو أكبر دليل على أن لغة «عبدالناصر» تصلح لهذا الزمان، تلك اللغة التى كانت تُخاطب الفقراء على أنهم أسياد، وترفعك فى عيون العالم أجمع، فيُصرّح نيلسون مانديلا، رئيس جنوب أفريقيا الأسبق، قائلاً: «أنا أمشى على خُطى جمال عبدالناصر»، ويُبجله جيفارا، الثورى الكوبى، أثناء لقائه معه عام 1959، ويقول: «نحن نحاول أن نُقلدك يا سيادة الرئيس». أما الشاعر عبدالرحمن الأبنودى فأكد أن مصر فعلاً بحاجة إلى زعيم بحجم عبدالناصر فى الوقت الحالى، ولكن للأسف لن يكون فى مقدورها الحصول عليه، فالزعامة هى توليفة صفات، غير قابلة للافتعال أو التصنيع، وإنما هى استعداد فكرى ونفسى، وصاحبها يجب أن يكون منفتحاً على الأمة والعالم الخارجى ولديه قدر من الوعى والإنسانية، وكل هذه الصفات لا تتوافر فى الحاكم الحالى الذى ينتمى فعلياً إلى جماعة الإخوان المسلمين. بلهجة تغلب عليها الجرأة المعهودة فى «الأبنودى»، قال «لا يمكن لأى شخص تربى فى قبو، ومارس حياته فى الظلمات ولم يعتد إلا التعامل مع نوع معين من البشر أن يصبح زعيماً، هو ممكن أن يصبح والياً أو حاكماً، ولكن لن يستطيع أبداً أن يفهم معنى كلمة زعيم». وطالب «الأبنودى» الحكّام الحاليين بأن يسألوا أنفسهم سؤالاً «لماذا المواطن دوماً يترحم على زمن عبدالناصر؟»، مؤكداً أنهم لن يتوصلوا إلى إجابة، لأن سياستهم عكس سياسة «عبدالناصر» تماماً، معلقا:ً «سياستهم أن نعيش على الاستدانة والإعانة، (نطنش) أمام الأعداء، بل نعتمد عليهم فى الوصول إلى كرسى الحكم». الفقراء هم من اعتبرهم «الأبنودى» الفيصل الذى يرجح دوماً الكفة لصالح «عبدالناصر»، الذى بمجرد أن وضع يديه على السلطة اندفع بكل قوته لخدمة الجماهير الغفيرة، وكان الاستصلاح الزراعى أبرز مشروعاته لخدمتهم، أما السلطة الحالية فهى على وشك إدخال المواطن المصرى. أخبار متعلقة: عائلة "عبد المقصود أفندى": 4 أجيال نامت على مخدة الزعيم كمال الهلباوى: الخلاف بين الإخوان وعبدالناصر كان سبباً فى هزيمة 67 حكاية عبدالناصر والإخوان: «تار بايت».. ثم «تبادل مواقع» بتحب عبد الناصر؟.. طبعا.. زرت "الضريح"؟.. لسه .. يبقى مابتحبوش "عبد الناصر لم يمت": تلك أفة الحكام فى مصر من "السادات" إلى "مرسى" الـ100 يوم الأولى "تأميم القناة": ضربة كانت من معلم .. خلى الاستعمار يسلم إحنا آسفين يا زعيم