الاحتلال يقهر الأسرى "القصر".. "ليس هكذا يعامل الأطفال"

كتب: محمد علي حسن

الاحتلال يقهر الأسرى "القصر".. "ليس هكذا يعامل الأطفال"

الاحتلال يقهر الأسرى "القصر".. "ليس هكذا يعامل الأطفال"

{long_qoute_1}

تفاصيل منهجية سوء معاملة وتعذيب الأطفال الفلسطينيين، في نظام الاعتقال العسكري في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولمحة عن ظروفهم اليومية في السجون، قدمتهما "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين"، في تقرير جديد أصدرته بشأن الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال، والذي عنونته بـ"ليس هكذا يعامل الأطفال"، وذلك بالتزامن مع يوم "الأسير الفلسطيني".

شهادات 429 طفلا في سجون الاحتلال، استند التقرير إليهم، اعتقلهم جيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية المحتلة، في الفترة بين يناير 2012 وديسمبر 2015.

يقول مدير عام "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين"، خالد قزمار: "إنه لا يجوز احتجاز الأطفال إلا كملاذ أخير، ولأقصر فترة زمنية ممكنة، موضحا أن الطفل يجب ألا يتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة، تحت أي ظرف من الظروف، فالقانون الدولي واضح"، مضيفا: "رغم ذلك.. نرى الأطفال يعانون عاما بعد عام وعلى نطاق واسع، من ضروب التعذيب والحرمان المنهجي من معايير المحاكمة العادلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".

وأشارت الحركة العالمية، إلى أن ارتفاع عدد الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منذ اندلاع الهبة الشعبية في خريف العام 2015، إلى 440 طفلا حتى نهاية فبراير 2016، بينهم 104 أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما، ويعتبر العدد هو الأعلى منذ يناير 2008، حين بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية، الإفصاح عن أعداد المعتقلين من الأطفال لديها. 

وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تحاكم بشكل منهجي نحو 700 طفل أمام المحاكم العسكرية كل عام، ومنذ العام 2012 كان يتم احتجاز ما معدله 204 أطفال فلسطينيين كل شهر، وفقا للبيانات التي قدمتها مصلحة السجون. 

{long_qoute_2}

وما زالت إسرائيل، ومنذ العام 1967، تعمل على تطبيق نظامين قانونيين منفصلين في الضفة الغربية المحتلة؛ وذلك بإخضاع المستوطنين للقانون المدني والجنائي، في حين يخضع الفلسطينيون للقانون العسكري. 

وذكر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بعنوان "الأطفال في الاحتجاز العسكري الإسرائيلي.. ملاحظات وتوصيات"، أن إساءة معاملة الأطفال في نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي، ما تزال تجري على نطاق واسع وبشكل منتظم ومنهجي في كافة مراحل الاحتجاز". 

وكانت أهم النتائج التي خلص إليها تقرير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بشأن الأطفال الأسرى، هي كالتالي: 

1. تعرض 324 طفلا من أصل 429 طفلا فلسطينيا، أي ما نسبته 75.5%، اعتقلوا بين عامي 2012 و2015 لـ"عنف جسدي"، ويشمل "الدفع، الصفع، اللكم، الركل، أو الضرب بخوذة الجندي أو بندقيته". 

2. 179 طفلا من أصل 429 أي ما نسبته 41.7%، اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي من منازلهم في منتصف الليل، و378 من أصل 429 أي ما نسبته 88.1%، اعتقلتهم قوات الاحتلال دون إبلاغ الوالدين بسبب الاعتقال أو مكان الاحتجاز. 

3. 416 طفلا من أصل 429 أي ما نسبته 97%، لم يكن أحد من الوالدين موجودا في أثناء التحقيق معهم، وكذلك لم يحصلوا على استشارة قانونية، وفي 84% من حالات الأطفال المعتقلين لم تبلغهم شرطة الاحتلال بشكل صحيح بحقوقهم. 

4. استخدم المحققون الإسرائيليون، "الإساءة اللفظية، التهديدات، والعزل الانفرادي"؛ لانتزاع الاعترافات من الأطفال المعتقلين، وفي هذا السياق وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، حالة 66 طفلا تعرضوا للحبس الانفرادي، لفترة متوسطها 13 يوما، خلال الفترة التي شملها التقرير، وفي العام 2015، وضعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الطفل عبدالفتاح عوري (17 عاما) في العزل الانفرادي لمدة 45 يوما، في حين قدم أكثر من 90% من الأطفال الذين وضعوا في العزل الانفرادي اعترافات. 

{long_qoute_3}

5. نادرا ما يستبعد قضاة المحاكم العسكرية الإسرائيلية، الاعترافات التي تأتي عن طريق الإكراه أو التعذيب، أو حتى تلك التي صيغت باللغة العبرية، وهي لغة لا يفهمها غالبية الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، بل الأكثر من ذلك هو اعتماد المدعين العسكريين في بعض الأحيان فقط على الاعترافات للحصول على إدانة، وذكر 144 طفلا من أصل 429، أي ما نسبته 33.6%، أنّ المحقق عرض عليهم وثائق مكتوبة باللغة العبرية، أو أجبرهم على التوقيع عليها، في حين أنّ التحقيق عادةً ما يكون باللغة العربية.

<< "إلقاء الحجارة" كانت التهمة الأكثر شيوعا التي وجّهت للأطفال الفلسطينيين

6. "إلقاء الحجارة"، كانت التهمة الأكثر شيوعا التي وجّهت للأطفال الفلسطينيين، حيث إنّ ما مجموعه 235 ملفا من أصل 297، عمل محامو الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال على إغلاقها بين عامي 2012 و2015، واشتملت تهمة إلقاء الحجارة التي تصل عقوبتها القصوى من 10 إلى 20 عاما بحسب الظروف والحيثيات. 

7. بغض النظر عن الإدانة أو البراءة، يقر غالبية الأطفال بالذنب مقابل تخفيف العقوبة، لأنّ البديل يعني البقاء رهن الاحتجاز العسكري قبل المحاكمة لفترات طويلة، قد تتجاوز على الأرجح أي عقوبة قد تفرض عليهم بموجب الاتفاق مع الادعاء، وبين عامي 2012 و2015، تمكن محامو الحركة من إغلاق 297 ملفا، منها 295 أي ما نسبته 99.3% تمت بعد عقد صفقة مع الادعاء. 

8. بين عامي 2012 و2015، تلقى الأطفال الذين أدينوا بتهم أحكاما بالسجن، وتلقى 151 طفلا أي ما نسبته 51.2% عقوبة السجن الفعلي بين 3 أشهر وحتى 12 شهرا، فيما تم فرض عقوبة السجن لأكثر من عام على 59 طفلا، أي ما نسبته 19.9%، وتم فرض أحكام مع وقف التنفيذ على 256 طفلا، أي ما نسبته 86.6%، بين 3 و5 أعوام، كذلك في الفترة ذاتها فرض قضاة المحاكم العسكرية الإسرائيلية، غرامات على 261 طفلا أي ما نسبته 88.5%، كان متوسط الغرامة نحو 1.550 شيكلا، أي ما قيمته 400 دولار. 

9. تنقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، نحو 60% من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين من الأراضي المحتلة إلى سجون داخل إسرائيل، في انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، بحسب معطيات وبيانات مصلحة السجون الإسرائيلية، ما يعني تقييد الزيارات العائلية لعدم حصول العائلات على تصاريح دخول إلى إسرائيل. 

ويذكر أن إسرائيل صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، في العام 1991، وبموجب ذلك ألزمت نفسها بتنفيذ كافة الحقوق والحماية المدرجة في الاتفاقية، لكنّ لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة المعنية بمراقبة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، أعربت عن قلقها العميق خلال استعراضها الأولي لامتثال إسرائيل للاتفاقية في العام 2002، إزاء الادعاءات والشكاوى من الممارسات اللا إنسانية أو المهينة والتعذيب وسوء المعاملة بحق الأطفال الفلسطينيين، خلال الاعتقال والتحقيق والاحتجاز. {left_qoute_1}

- القدس الشرقية -

بعكس الضفة الغربية المحتلة التي تخضع للقانون العسكري الإسرائيلي، تخضع القدس الشرقية للقانون المدني الإسرائيلي، وذلك منذ العام 1967، عقب احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. 

وخلافا لمبادئ القانون الإنساني الدولي والدولي، ضمت إسرائيل القدس الشرقية إليها في 28 يونيو من العام 1967، وذلك في خطوة غير معترف بها من قبل المجتمع الدولي، ومنذ ذلك الحين، اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات إدارية وتشريعية وديموجرافية لضم القدس من جانب واحد، كانت إحدى نتائجها إخضاع الأطفال فيها لقانون الأحداث الإسرائيلي الذي يُطبق نظريا على الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء، ويوفر ضمانات وحمايات خاصة للأطفال في نزاعٍ مع القانون خلال عملية الاعتقال والنقل والتحقيق والمحاكمة. 

وينص قانون الأحداث الإسرائيلي على توفير الضمانات والحماية الخاصة للأطفال في نزاعٍ مع القانون خلال عملية الاعتقال والنقل والتحقيق والمحاكمة، بما في ذلك استخدام الاعتقال كملاذٍ أخير، وتوجيه إشعار مسبق قبل التحقيق، واستخدام الحد الأدنى من القيود، ووجود أحد أفراد العائلة البالغين في أثناء التحقيق. 

وتفيد معطيات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، بأن شرطة الاحتلال الإسرائيلي حرمت الأطفال المقدسيين من حقوقهم في أثناء الاعتقال والتحقيق، من خلال الإفراط في استخدام الاستثناءات في حالة عدم وجود الظروف الضرورية المصاحبة، أي بعبارة أخرى، أصبحت الاستثناءات هي القاعدة في التعامل مع الأطفال المقدسيين، وهنا يتجلى التمييز العنصري بتطبيق القانون. 

وتستند هذه المعطيات والنتائج على إفادات، أخذت من 65 طفلا تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 17 عاما، اعتقلوا وجرى التحقيق معهم من قبل شرطة الاحتلال، بين شهري يناير وديسمبر من العام 2015. 

وبتحليل الإفادات، تبين أنّ شرطة الاحتلال استدعت 6 أطفال منهم، أي ما نسبته 9.2% للتحقيق، في حين جرى اعتقال 59 طفلا، أي ما نسبته 90.8%، مباشرة من منازلهم أو من الشوارع المجاورة لمنازلهم، مع العلم أنّ 25 طفلا منهم جرى اعتقالهم من منازلهم بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحا، أي ما نسبتهم 38.5%. {left_qoute_2}

وينص قانون الأحداث على ضمانة أخرى، وهي حظر تكبيل الطفل المعتقل إذا كان من الممكن تحقيق الهدف ذاته من خلال تدابير أخرى، وفي حال اضطرت شرطة الاحتلال لاستخدام القيود، عليها تكبيل الطفل لأقصر فترة ممكنة، لكنّ الأدلة التي جمعتها الحركة، تشير إلى أن شرطة الاحتلال تقيد الأطفال الفلسطينيين في كثيرٍ من الأحيان خلال عمليتيّ النقل والتحقيق، فمثلا في 57 حالة من أصل 65 حالة، أي ما نسبته 87.7%، استخدمت شرطة الاحتلال القيود خلال الاعتقال والنقل، وكبّلت 28 طفلا، أي ما نسبته 43% خلال التحقيق. 

وأفادت بيانات الحركة، بأن 61 طفلا من أصل 65 طفلا، أي ما نسبته 93.8%، وقعوا على وثائق باللغة العبرية، وهي لغة لا يفهمونها ولم تشرح شرطة الاحتلال محتواها. 

وتشير ممارسات شرطة الاحتلال، التي شملتها الإفادات وبشكل قاطع، إلى التساهل في تفسير قانون الأحداث الإسرائيلي، والاستخدام غير المبرر للاستثناءات بحق الأطفال الفلسطينيين في القدس، الذين يتعرضون للتمييز على أساس القومية على الرغم من الضمانات القانونية. 

ورغم الاختلاف بين النظم القانونية سواء القانون المدني والقانون العسكري، يقع الأطفال الفلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية، ضحية لنفس المعاملة السيئة خلال الاعتقال والتحقيق.


مواضيع متعلقة