بروفايل| ريال مدريد.. الكرة لن تشفع للدماء

بروفايل| ريال مدريد.. الكرة لن تشفع للدماء
من رحم السياسة تسكن الأهداف الشباك، المنافسة تخطت التحدي الكروي بين قطبي الكرة الإسبانية، ووصلت لجذورها الصراعية دفاعًا عن الحق في الوجود، أي الصراع الأزلي بين النظام والأقاليم المضطهدة، ولـ"كلاسيكو" نزاعات حمراء تحكمها الدماء، لكنها تُمارس على أرض خضراء، ليست شفيعًا لـ"ريال مدريد" عند أهالي "برشلونة".
"الريـال" النادي الملكي الذي تأسس في 6 مارس 1902، منذ أن شاعت في إسبانيا رياضة جديدة قادمة من بريطانيا تدعى "كرة القدم"، في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وللإقبال الكبير عليها أُنشئ أول مؤسسات لممارسته، ومنها كان نادي (مدريد فوتبول كلوب)، الذي يمثل بذرة نادي ريال مدريد بصورته الراهنة.
تحتبس أنفاس المتابعين على مستوى العالم عند مشاهدة "كلاسيكو"، وللأسبان حسابات تفوق الشباك، تعود جذورها إلى منتصف الثلاثينيات، عندما تولى حكم إسبانيا الملك الديكتاتوري فرانكو أو "برانكو"، وأطلق على إقليم "كاتالونيا" مستودع المجرمين والأشرار لوجود معارضيه به، واتخذ من "برشلونة" عاصمة للإقليم المغضوب عليه، وأحلّ دماء ساكنيه وأعدم "لوكا الفاريس" أشهر شعراء ذلك الإقليم والمعارض الشديد لحكم "برانكو" وسياساته، لم يكتف بذلك فحاول محو هويتهم بمنع اللغة الكاتالونية والعلم الكاتالوني الذي يرتديه "كابتن برشلونة" الآن.
لم يفلح الحاكم، المشجع لـ"ريال مدريد" في طمس الهوية، بمعاملة النادي الذي منحه "فرانسو الثالث عشر" شعار الملكية عام 1929، بأرقى الأساليب، ومع الوقت زادت ثورة أهالي الإقليم المضطهدين والمنبوذ ناديهم من السلطات الحاكمة، خاصة بعد "الكُره الهستيري" من الحاكم لتلك المقاطعة ما دفعه إلى قصف مقر النادي الكاتالوني في 16 مارس 1936، مطلقًا أطنانا من القذائف على قلب كاتالونيا "الكامب نو"، ونشبت بعدها حربًا أهلية تراوحت أعداد ضحاياها، وفقا لروايات مختلفة، من نصف مليون حتى مليوني إسباني، وأنشأوا ناديهم "كامب نو" أثناء الحكم الديكتاتوري لتنطوي منافساتهم على هزيمة النادي الملكي، الذي لا يغمض للحاكم جفنًا إذا بات مهزومًا.
"مباراة العار"، جمعت بين"الريـال" النظامي و"البارسا" المضهد في 13 يونيو 1943، تقدَّم في بدايتها الفريق الكاتالوني على الفريق الملكي بهدف وحيد دون رد، حتى غضب "برانكو" واقتحمت الشرطة الإسبانية غرفة تبديل الملابس بين الشوطين وهددت لاعبي برشلونة بقتل وسجن أسرهم إذا لم يتركوا ريال مدريد يفوز بالمبارة، وانتهت المبارة بنتيجة (11 – 1) لصالح ريال مدريد، وأُطلق عليها فيما بعد مباراة العار، وأشارت تقارير رياضية إلى محو الاتحاد الإسباني هذه النتيجة من سجلاته، بسبب الخسارة تحت التهديد الذي تعرض له لاعبو برشلونة.
يُحرّم في الشرع الكروي الإسباني انتقال لاعبين من وإلى أي فريق منهما، وعلى المخالف تحمُل صفة الخيانة، وذكرت تقارير رياضية أن المواجهة عندما تكون بين الفريقين في "كامب نو" معقل برشلونة، تتلهب أجواء كاتالونيا المختلفة عن العاصمة مدريد، عندما يحين موعد "كلاسيكو"، وبسبب الجذور الدموية والمعادية أقسم "فلورنتينيو بيريز"، رئيس نادي ريال مدريد الحالي، ألا يعود لذلك المكان مرة أخرى منذ أن تلقى لطمة على وجهه عام 1997.