«حرس الحدود».. الشهيد أحمد فؤاد حسن «الضابط الملثم وصائد الأنفاق»

«حرس الحدود».. الشهيد أحمد فؤاد حسن «الضابط الملثم وصائد الأنفاق»
«ترك لنا فخراً يمتد لأجيال، ونحس بوجوده معنا رغم غياب الجسد».. بهذه الكلمات تحدثت دينا أسامة محمد، أرملة الشهيد الرائد أحمد فؤاد حسن، ابن مدينة كفر شكر بمحافظة القليوبية، الذى استشهد دفاعاً عن الوطن فى مارس 2015 أثناء مداهمة لقوات حرس الحدود فى سيناء. وأشارت أرملة الشهيد، لـ«الوطن»، إلى أن الشهيد البطل كان من خريجى الكلية الحربية، تاركاً كلية الهندسة عقب قبوله فيها، حباً فى خدمة الوطن واللحاق بركب خير أجناد الأرض.
وقالت «دينا»، فى حديثها الذى غلبتها الدموع خلاله، إن الشهيد كان يُطلق عليه من قبَل العدو قبل الصديق عدة ألقاب، منها «صائد الأنفاق» و«الضابط الأسمر الملثم»، وكان مشهوراً بكفاءته فى اكتشاف الأنفاق ضمن قوات حرس الحدود، سواء فى مواجهة المهربين أو الإرهابيين، لدرجة أنه أصبح مرصوداً من أعداء الوطن الذين رصدوا مكافأة مالية لاصطياده، وأصيب قبل واقعة استشهاده بما يقرب من عام، وظل فى إجازة للعلاج، ثم عاد مرة أخرى للخدمة، لتقرر القيادة نقله من سيناء، إلا أنه رفض بشكل قاطع وطلب استكمال مهامه على أرض سيناء، متمنياً الشهادة فيها.
واستمر فى عمله بسيناء ليعود مرة أخرى إلى كتيبته الأصلية، ويستشهد فى إحدى المداهمات، ويُقال إنه أصيب برصاص قناص من الإرهابيين الذين كانوا يخططون لاغتياله بعد أن أحدث فيهم الكثير من الخسائر، وأوقع العديد من القتلى فى صفوفهم، وساهم فى هدم أنفاق كثيرة لهم.
وأضافت أرملة الشهيد أحمد فؤاد أن الراحل كان مرشحاً للعمل فى إحدى الجهات الرقابية والنقل إليها قبيل واقعة استشهاده، ولكنه نال شرف الشهادة.
وقالت: «ترك لنا فخراً سنظل نعيش به رغم مرارة الفراق، إلا أننا نحس بوجوده حولنا وبجوارنا، حيث تركنا بجسده فقط».
وأشارت إلى أنه رغم استشهاد الراحل منذ 10 سنوات، تاركاً نجله الوحيد «إياد» فى عمر سنتين ونصف، إلا أنهم لا يشعرون بغيابه، وكأنه موجود بينهم. وأوضحت أرملة الشهيد أن الراحل قبل استشهاده قضى بين أسرته إجازة بلغت 10 أيام، زادت يومين بعد أن عاد إلى وحدته وفى الطريق لم يتمكن من الوصول إلى سيناء، فعاد لقضائهما معهم، وكأنه يودعهم، وقام بإصلاح كل شىء فى شقة الزوجية وتلبية متطلباتهم، قائلاً لها: «أنا عملت لكم كل حاجة هنا». وأضافت: «وقتها أحسست بشعور غريب، وكأنه يودعنا»، ولم تنسَ مشهد توديعه لابنه إياد قبيل سفره فجراً متوجهاً إلى سيناء، قبل حادث استشهاده بساعات قليلة.
وعن يوم الشهادة، قالت أرملة الشهيد إن الراحل اتصل بها فجراً على التليفون الأرضى، وسأل عن الأحوال، وطلب منها أن تسلم على إياد، ووصاها به خيراً، وقال لها: «هنوحشه جداً»، وعندما سألته عن سبب كل هذا، قال لها: «أنا خارج كمان ساعتين، وهيبقى صعب الوصول لى»، لتفاجأ بعدها بإبلاغها باستشهاده.
شهادة أصدقاء الشهيد وقادته تؤكد أن زوجها كان بطلاً من نوع خاص، حتى إنه جرى تكريمه من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما كان وزيراً للدفاع؛ حيث طلب الشهيد وقتها من الرئيس عدم نقله من سيناء، وأن يواجه الإرهابيين والمهربين هناك، ونال وقتها تكريماً وتقديراً من الرئيس، كما أنه رفض ترك سيناء بعد إصابته الأولى.
زوجة الشهيد ونجله: ترك لنا فخراً يمتد لأجيال وموجود معنا بروحه.. والروح أقل هدية لمصر
ووجهت أرملة الشهيد الشكر والتقدير إلى القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية التى ترعى نجلها إياد، الطالب بالصف السادس الابتدائى ببنها، ولم تتأخر المؤسسة العسكرية فى توفير وظيفة لها بجامعة بنها عقب استشهاد الراحل، ورعاية نجلها، وتقديم الدعم النفسى والمعنوى له، والتكريم المستمر وسط زملائه.
وأشارت إلى أن الشهيد لم يتأخر يوماً عن الدفاع عن الوطن، وكان من أجود الناس وأرجل الرجال، وشهادات قادته وزملائه وجنوده تؤكد أنه كان مقداماً، ينزل النفق لتأمينه وضبط العناصر الإرهابية فى مقدمة الصفوف والقوات، وكان يمنع نزول العساكر قبله لتأمينهم، لدرجة أن أحدهم، من شدة حبه فيه، فقد النطق مؤقتاً وقت إعلان استشهاده، وكل ما سمعته عنه من ملاصقيه فى الخدمة يجعلها ونجلها فى غاية الفخر به.
ووجهت أرملة الشهيد رسالة لكل أسرة شهيد ولكل أم مصرية، قائلة: «الشهادة تختار أصحابها، وفضل الله كبير فى اختيارى لأكون أرملة شهيد؛ فرغم الفراق، إلا أنه شرف وثواب كبير ورضا من الله وفخر سنعيش فيه حتى نلقى الشهيد على باب الجنة جزاءً على الصبر.. وإن شاء الله تظل مصر منصورة وتحيا مصر».
الطالب إياد أحمد فؤاد، بالصف السادس الابتدائى بإحدى المدارس فى مدينة بنها، ابن الشهيد، أكد أنه يشعر بالفخر لكونه ابن شهيد، مؤكداً أن حرمانه من والده هو ثمن رخيص من أجل رفعة وانتصار مصر، مشيراً إلى أن الجميع يؤكد له أنه نسخة من والده فى كل شىء بالفطرة، وهو ما كان له أثر فى تعويضه عن غياب والده الذى لم يره وحُرِم منه صغيراً، ولكنه يعيش على ذكراه ويحس بوجوده دائماً بجواره فى سيرته وبطولاته، ويتمنى أن يخدم مصر فى مجال الهندسة والإلكترونيات التى يعشقها، ويتمنى دراستها على أعلى مستوى، كما أنه إذا سنحت له الفرصة للخدمة بالقوات المسلحة سيجتهد ويحاول ليكون خير خلف لخير سلف.. والده الشهيد.