من النخلة إلى «القفص».. حرفيو شنوان يبدعون في صناعة الجريد بالمنوفية

كتب: عصام علم الدين

من النخلة إلى «القفص».. حرفيو شنوان يبدعون في صناعة الجريد بالمنوفية

من النخلة إلى «القفص».. حرفيو شنوان يبدعون في صناعة الجريد بالمنوفية

مع دقات السادسة صباحاً، تبدأ رحلة العمال في شوارع قرية «شنوان» بمحافظة المنوفية، للذهاب إلى ورش صناعة الجريد، بينما يفترش آخرون الساحات أمام المنازل بأعواد النخيل، لتحويلها إلى أقفاص وكراسٍ و«أسبتة»، وبيعها في الأسواق، أكثر من 300 أسرة من أهالى القرية يعملون في مهنة صناعة الجريد، وتتوارثها الأجيال على مدار 100 عام، لجنى الأرباح، وتكملة مسيرة الأجداد بكل حب وشغف.

منتجات مهنة صناعة الجريد 

 ويروى يونس عثمان، 60 عاماً، صاحب ورشة في قرية شنوان: «منذ الطفولة ترعرعت على حب المهنة، وكسب قوت يومى من عرق جبينى، مرت السنوات ونجحت في فتح ورشة لصناعة الجريد، ويتوافد علىّ كثير من العمالة على مدار اليوم، بداية من السادسة صباحاً وحتى السابعة مساء لمدة 13 ساعة، يشكلون العدّاية والكرسي والترابيزة والسبَت وأقفاص الحمام والعيش والفراخ وطبلية الأكل، وكل ما يطلبه الزبون من أدوات المنزل».

مراحل تكوين القفص

عن مراحل تكوين القفص، يحكى «عثمان»: في البداية نقطّع الجريد بشكل متساوٍ، ثم تعليم المكان المراد تخريمه بالقلم، وبعد ذلك تخريم الجريد بالماسورة وتختلف أحجامها باختلاف الشكل المراد تصنيعه، ثم تأتى مرحلة تقفيل المنتج وربطه بالأسلاك الرفيعة، مشيراً إلى أن «العدّاية» أكثر المنتجات التي يوجد عليها إقبال خلال الآونة الحالية، لحاجة تجار الخضار والفاكهة دائماً لها في الأسواق، لذا تُصنع مئات القطع خلال اليوم الواحد في الورشة، دون كلل أو ملل، وتُباع للتجار في جميع المحافظات، من محافظة أسوان إلى الإسكندرية.

تمسك العمالة بمهنة صناعة الجريد 

«أول ما وعيت على الدنيا لقيت أبويا ومن قبله أجدادى شغالين في مهنة صناعة الجريد، فاشتغلت معاه، عشان أتعلمها وأصبح حرفى، وعلى مدار 60 سنة مارستها وكانت مصدر دخلي الوحيد، وعلى الرغم من كبر سني لكن متمسك بها لآخر نفس في عمري، وعلّمتها لأولادي وأحفادي، عشان يشتغلوا فيها بجانب دراستهم»، ويضيف إبراهيم أبوسريع، 74 عاماً، أن المهنة ليست سهلة، ويراها أصعب من النجارة، بسبب المجهود الكبير الذى تطلبه، لكنه ينسى التعب، ويشعر بالسعادة والفرح بعد مشاهدة نتاج عمله في نهاية اليوم.

يتفق معه محمود السيد، 44 عاماً، موضحاً أن مهنة صناعة الجريد يمارسها الشخص وهو جالس، ولكنها تحتاج إلى مجهود كبير أثناء العمل، وعلى الرغم من أنها تواجه شبح الانقراض، في ظل ترك البعض لها، لكنه يتمسك بها، ويؤمن أنها لن تندثر ما دام هناك أشخاص وحرفيون يحبون العمل بها، ويسعون إلى التوسع في صناعة الجريد، من خلال تشكيل كل ما يطلبه الزبون، كما أنهم يصطحبون أولادهم الصغار إلى الورش، لتعليمهم مهنة الأجداد، وتوصيتهم بالحفاظ عليها.


مواضيع متعلقة