دستور «الراعي الصالح».. «طوبى للمساكين وصانعي السلام»

دستور «الراعي الصالح».. «طوبى للمساكين وصانعي السلام»
- البيت الفنى
- المجلس الأعلى للثقافة
- المخرج أحمد السيد
- المسرح القومى
- أحمد عبد العزيز
- أيو
- البيت الفنى
- المجلس الأعلى للثقافة
- المخرج أحمد السيد
- المسرح القومى
- أحمد عبد العزيز
- أيو
على قمة جبل، وقف يسوع المسيح يخاطب جموع الرعية، وضع دستوراً إنسانياً لتعامل البشرية، قائماً على المحبة والسلام والتسامح، عُرف بـ«عظة الجبل»، والتى تُعد واحدة من أشهر المواعظ التى قدمها السيد المسيح، ووُثقت فى الإنجيل، تشمل سلسلة من العبارات والتعاليم التى تعلم الناس كيف يجب عليهم أن يعيشوا حياتهم، بناءً على قيم الحب والتسامح.
وجاءت وصايا السيد المسيح فى «موعظة الجبل»، قبل أكثر من ألفى عام، لتمنح العالم سلاماً، وتتضمن «طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات، طوبى للحزانى لأنهم يتعزون، طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض، طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون، طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون، طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدعون، طوبى للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السماوات، طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين، افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم فى السماوات».
وجاءت كلمات السيد المسيح فى موعظته على الجبل بمثابة صورة حية ونقية عن السلام والمحبة فى العالم عبر العصور، ودستوراً لكل شخص يقتدى به فى سلوكه، فى وسط العالم وظلامه، لكى يعرف كيف يكون صورة حية وسط العالم لتلك الوصايا التي وضعها «ملك السلام» منذ ميلاده.
شيخ الأزهر: رسالة السيد المسيح جاءت بجرعة كبيرة من الروحانيات والأخلاق
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قال، فى تصريحات مسبقة، إن «رسالة السيد المسيح ظهرت فى مجتمع مادى وأنانى، يعبد الدرهم والدينار، ويقتل من أجله أى شىء، ولهذا كانت جرعة الروحانيات والأخلاق كبيرة جداً فى الديانة المسيحية»، واستشهد على هذا بـ«موعظة الجبل» التى وصفها بأنها «جميلة ورقيقة».
د. أحمد الطيب: «هذه النزعة المثالية جاءت لكى تعدل كفة ميزان المجتمع الذى كان يهوى المادية والأنانية»
وتابع أن «المسيح قال هذا الكلام لكى ينقل المجتمع من مجتمع النخبة التى تتعبد للمال والنوازع الشخصية والأنانية القاتلة إلى المجتمع المثالى، فهو هنا يبرر الاضطهاد ويقول تقبّل الاضطهاد لأن على الجانب الآخر أنت لا تستطيع أن تقاوم»، مضيفاً أن «هذا البرنامج الأخلاقى بالجرعة المكثفة من الروحانيات والأخلاق، وهذه النزعة المثالية جداً، جاءت لكى تعدل كفة ميزان المجتمع الذى كان يهوى المادية والأنانية».
القس متى: وصاياه تؤكد أن العطاء والمحبة هما أسلوب الأقوياء
بدوره، قال القس متى بديع، مدير مركز «اللاهوت الدفاعى» بأسقفية الشباب، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن كلمات السيد المسيح خلال الموعظة على الجبل، هى «كلمات روح وحياة، تدفعنا لما يجب أن نكون عليه كصورة حية للمسيح، فقديماً تسلم موسى النبى الشريعة فوق جبل سيناء، وكان الناموس طريقاً يكشف مبادئ العلاقة السليمة مع الله، وفوق الجبل ألقى السيد المسيح عظته، لينقلنا، أو بالأحرى يعيدنا، إلى عمق وهدف العلاقة الحية مع الله».
وأوضح «بديع» أن المسيح فى عظته على الجبل «كشف للبشر الصورة النقية التى هى على مثاله، والتى يجب أن نكون عليها نحن كبشر فى هذا العالم، إذ أعطى الله تطويبات كثيرة لصفات يتمتع بها مَن يعيشون مع الله فى علاقة حية وفعَّالة، ليعم السلام والمحبة فى العالم الذى يفتقدهما»، وأكد أن تلك التطويبات، التى وضعها السيد المسيح، هى كلمات مفرحة منحها ملك السلام لرعاياه بسرورٍ وفرحٍ، لأن قلبه مملوء فرحاً، من أجل مَن كانوا أمناء فى حياتهم، فقد وضع تطويبات من أجل المساكين بالروح، أتقياء الرب المتمسكين به، بالرغم من المعوقات والمحاربات التى يواجهونها، وتابع بقوله إن «المساكين بالروح، مَن يتقون الرب الذى يرونه أمامهم فى كل حين، فى الجبال وشقوق الأرض وفى داخل كل النفس، فهؤلاء يستحقون ملكوت السماوات، لأن الله ملك على قلوبهم وحياتهم وفكرهم».
واستكمل القس «بديع»: «طوَّب المسيح كل هؤلاء، الذين سعوا بكل أمانة فى طريق الرب، طوَّب أيضاً مَن تحملوا آلاماً وأحزاناً من أجل أمانتهم هذه، فطوَّب المطرودين من أجل البر، لأنهم تحملوا هذا الألم بشكر ورضاً، حتى ينالوا ملكوت السماوات، طوَّب كل مَن عُيِّر وطُرِد، وكل مَن قيلت فى حقه شهادات كاذبة وكلمات شريرة، من أجل أمانتهم فى الحياة مع الله».
واستطرد بقوله: «مَن ينال كل هذه التطويبات، يستحق أن يكون ملحاً للأرض ليحفظ نفوساً كثيرة من فساد الخطية، ملحاً ينشر ويملأ الأرض بسلام الرب، ويكون نوراً للعالم، يضىء قلوب وأفكار كثيرين بنور الله، فالله محبة، ومَن لم يعرف المحبة لم يعرف الله، وحينما نمتلئ من محبة الله غير المحدودة ننال قوة محبة الأعداء وكل مَن يسىء إلينا أو يجرحنا».
واختتم تصريحاته بقوله: «خلال الموعظة على الجبل، التى كانت خير دليل على قوة المحبة السماوية، أظهر المسيح مبدأً يتجاوز المنطق البشرى القائم على الانتقام، داعياً إلى محبة الأعداء، والصلاة من أجل المسيئين، بل ومسامحتهم على أخطائهم التى تنبع من الجهل، هذا النهج، الذى يرتقى فوق دوافع البشر الطبيعية، يبرز كقوة عظيمة، ترد الشر بالخير، وتنشر قيم السلام والفرح، مؤكدة أن العطاء والمحبة هما أسلوب الأقوياء الحقيقيين، وليس الضعفاء».