وما زالت الجماعة الإرهابية تدفع بكتائبها الإلكترونية، بين وقتٍ وآخر، لتؤدى دورها فى نشر الأكاذيب، وبث الكراهية، ومحاولة الوقيعة بين الشعب والنظام الحاكم، وكل ما يأملونه هو إسقاط هذا النظام، وانهيار الدولة.
وآليات تزييف الوعى باتت معروفة لدى عموم المصريين، سواء كانت معلومات مضللة، أو صوراً مزيفة، أو مشاهد مفبركة، أو شائعات لا يحكمها منطق، ولا يتصورها العقل.
وهذه الديمومة ما زالت مستمرة رغم كل ما يلاحقها من فشل، وتتفق تماماً مع ما قاله قبل عشرات السنين عالم الفيزياء «ألبرت أينشتاين» عند وصفه للغباء: «هو فعل الشىء نفسه مرتين، بالأسلوب نفسه، بالخطوات نفسها، وانتظار نتائج مختلفة»، هذه المقولة تنطبق بالحرف على قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية ومن يناصرونهم، جميعهم يتصفون بالغباء الإنسانى، وليس السياسى فقط.
والدليل الدامغ على هذا الغباء، هو عدم إدراكهم أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب بعد أقل من شهر من توليه رئاسة مصر عام (2014) من رؤساء تحرير الصحف وقيادات الإعلام القيام بدورهم فى بث الوعى للمواطنين، وتأكيده أننا فى حالة حرب -فى الداخل والخارج- مما يستدعى الانتباه الشديد إلى أهمية دعم تماسك المجتمع بالكامل.
وكثيراً ما تحدث الرئيس عن تطور وسائل القتال فى تدمير الدول، وأن الجيل الرابع من الحروب لا يعتمد على المواجهة المباشرة، وإنما على وسائل الاتصال الحديثة لنشر الشائعات ليفقد الناس الثقة فى أنفسهم وفى بعضهم البعض وفى قياداتهم.
راهن «السيسى» على وعى المصريين، وكسب الرهان، وقالها ذات مرة: «أنا مش قلقان عليكم.. حجم الوعى عندكم بقى كبير قوى».
والمفارقة أن الوعى الذى عاد للشعب المصرى لم يمس بعضاً ممن يحسبون أنفسهم على قوائم المعارضة، لكن هذه المفارقة يمكن تفسيرها بقليل من التأمل، فمن بين هؤلاء من تماهوا مع الجماعة الإرهابية فور سيطرتها على المشهد بعد ساعات من بدء أحداث 25 يناير عام 2011.
ومنهم من شارك فى اتفاق «فيرمونت» للمناداة بتنصيب مرشح الجماعة رئيساً لمصر، ووقتها علّق الراحل الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع آنذاك، قائلاً: «حاولنا تذكير بعض المشاركين فى لقاء فيرمونت بحقيقة الجماعة وقادتها، وأنه لا يُعوَّل على وعد يقدمونه أو يقطعونه على أنفسهم، وحذرناهم من الاستمرار فى عقد اللقاءات مع الجماعة التى لا تعمل إلا لخدمة مصالحها، لكن دون جدوى».
المؤسف أن هؤلاء لم ينتبهوا لتحذيرات «السعيد»، وصدقوا أكاذيب الجماعة حول لم شمل القوى السياسية، والعمل من أجل «الاصطفاف الوطنى»، وما زالوا حتى الآن يتجرعون سم «الإخوان» الذين ينفثونه عبر كتائبهم الإلكترونية، ويرددون عباراته التحريضية على الدولة والنظام، وكأنها مفردات معارضة من بنات أفكارهم، وهو مسلك لا يعبر إلا عن قصور فى فهم معنى المعارضة السياسية، وعجز عن تقديم أى أفكار تخصهم.
محاولات الجماعة الإرهابية ومن يناصرونها حتى الآن -فى الداخل والخارج- لهدم الدولة الوطنية المصرية، محكوم عليها بالفشل، لا يعرفون الشعب المصرى تمام المعرفة، ولم يقدروا معنى خروج عشرات المصريين فى 30 يونيو لإسقاط حكم المرشد وليس مجرد إسقاط «رئيس».
المصريون لديهم المثل العبقرى «ياما دقت ع الراس طبول».. ويعتبرونه إحدى مواد دستورهم الشعبى لعبور الأزمات والمحن والانتصار عليها، والتى ما أن تقع حتى تمر، ولا يتبقى منها سوى الذكرى، التى تعلق فى أذهانهم كمادة للتندر والفكاهة، وياما دقت ع الراس «كتائب إلكترونية».. وللحديث بقية.