قدر «الشرق الأوسط» أنه مُشتعل دائما
حينما يحدُث -لا قدر الله- (حريق) فى أول الشارع الذى تُقيم فيه فإنك تتأثر - تأثيراً مباشراً - بدُخان الحريق وبأثاره وبجميع ما ينتج عنه من آثار سلبية، حينما تكون هناك (خِناقة) بين إتنين مواطنين من جيرانك فإنك تتأثر -تأثيراً مباشراً- بهذه الخِناقة.. هذا هو وضع «مصر» بالضبط فيما يجرى حولها من مشاحنات ومواجهات بين جيرانها، هذا هو وضع «مصر» مع دول الجوار، تتأثر «مصر» تأثراً مباشراً، ويمثل ضرورة من ضرورات الأمن القومى المصرى ومحدداً مهماً من محددات الأمن القومى، لهذا تسعى للدخول كطرف وسيط فى المواجهات بين إسرائيل وحركة حماس، لأن الوضع المذرى القائم الآن فى قطاع غزة لا نرضاه ونرفضه رفضاً قاطعاً ولا نصمت على المجازر التى ترتكبها إسرائيل يومياً ضد الأشقاء فى فلسطين، التى تمثل بالنسبة لنا قضية مركزية وقضية أولى للعرب جميعاً، لأننا ندرِك أنه لا أمن ولا سلام ولا استقرار فى الشرق الأوسط إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية وإعطاء الأشقاء الفلسطينيين حقهم بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل (٥ يونيو ١٩٦٧).
ما يحدث فى (السودان) من مواجهات بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع يدعونا للقلق ويدعونا لضرورة مطالبة الطرفين بوقف المواجهات والصدامات لأننا نسعى لتهدئة الأجواء فى حدودنا الجنوبية.. خلال الـ(١٣) عاماً الماضية تسعى (مصر) إلى جلوس الفرقاء الليبيين على طاولة المفاوضات والعمل على وجود حل سياسى ورسم خريطة طريق بين الجميع وتنفيذها للحفاظ على عدد من نقاط مهمة تعتبرها «مصر» بمثابة (رؤية وطنية خالصة لإخراج ليبيا من عثراتها) وهى (رفض أى تدخل خارجى فى الشأن الليبى، الحفاظ على وحدة الجيش الوطنى الليبى، رفض وجود أى ميليشيات مسلحة، العمل على وحدة المؤسسات الليبية وضرورة تقويتها ومساندتها، رفض تقسيم الأراضى الليبية).
وبالتالى الدور المصرى مع دول الجوار مهم جداً، وسيط بين إسرائيل وحماس لكننا نرفض الاعتداءات الإسرائيلية وندينها ونتصدى لها فى المحكمة الجنائية الدولية، ونعمل على إقناع العالم بعدالة القضية الفلسطينية وضرورة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ونعمل على إدخال المساعدات لقطاع غزة، ونصر على إتمام الهدنة وإعادة الهدوء للبدء فى إعمار غزة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووقف أعداد الشهداء والمصابين.
الدور المصرى مع الأشقاء فى السودان مهم جداً، نوضح لهم -باعتبارنا أشقاء ووسطاء- بأن استقرار السودان شىء أساسى، الحل السياسى هو السبيل الوحيد لرأب الصدع بين الجانبين، السلام هو الذى نسعى إليه جميعاً والعيش الكريم هو الهدف الذى نتمناه للأشقاء.
من ينظر للخريطة سيجد أن منطقة الشرق الأوسط مشتعلة منذ سنوات، لا تهدأ وإذا هدأت فإنها تعود وتنفجر انفجاراً أقوى، هذا الانفجار يؤثر على جميع دول الشرق الأوسط، كل بحسب قِربه من الانفجار وحسب مصالحه المرتبطة بالدول التى حدث فيها الانفجار.
وهذا قَدَر الشرق الأوسط الذى يعتبر محط أنظار العالم، فيه البترول والثروات والملاحة الدولية إضافة إلى وجود إسرائيل المدعومة من القوى العظمى والدول الكبرى.
وفى ظل كل هذه الأحداث تحتاج كل دولة أن تهيئ نفسها لمواجهة أى متغيرات جديدة لضمان تحقيق أمنها عن طريق عدة عوامل مهمة، منها (تقوية جيشها أو عن طريق زيادة نفوذها السياسى أو عن طريق حضورها القوى فى المنظمات الدولية أو عن طريق نفوذها الاقتصادى).. كل هذا يجعلنا نقول: إن ما يحدث فى الشرق الأوسط يؤثر فينا ولا بد من الاستعداد للتصدى لهذه الآثار.