أكدت الباحثة الإسرائيلية «مائيرا فايس» أن الأطباء فى معهد أبوكبير فى «تل أبيب»، يأخذون من جثامين الفلسطينيين أثناء تشريحهم، القرنيات والجلد وصمامات القلب بطريقة احترافية، يصعب على غير المتخصصين ملاحظتها، ويعوضون القرنيات بأجسام بلاستيكية، كما ينزعون الجلد من الخلف كى لا تراه أسرة المتوفى. بالإضافة إلى استخدام الجثث فى كليات الطب لأغراض بحثية.
وأشارت «فايس» إلى قيام الجيش الإسرائيلى بدعم ممارسات المعهد، خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عندما سمح -بموجب قرار عسكرى- بتشريح جثث الفلسطينيين، ورافق عمليات التشريح سرقة الأعضاء.
وقالت «فايس» فى كتابها «على جثثهم الميتة»، إنها فى إطار بحثها حول الآثار الثقافية والاجتماعية والسياسية لممارسات معهد «أبوكبير» للطب الشرعى، تأكدت أن أجساد الفلسطينيين المتاحة للاستخدام بطريقة غير مقبولة، تعكس اتجاهات أوسع فى إسرائيل للتحكم فى المجتمع الفلسطينى والسيطرة عليه، ويتضح ذلك من طريقة استغلال الأجساد، واستخدامها من قِبل الجيش كأداة للحرب والاحتلال، ومن قِبل المؤسسة الطبية الإسرائيلية فى التجارب الطبية، وحصد (سرقة) الأعضاء.
رغم قيام إسرائيل بارتكاب جريمة سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين بطريقة ممنهجة منذ عشرات السنين، إلا أن الكشف عنها للرأى العام الدولى، لم يتم إلا (عام 2001)، بواسطة الصحفى السويدى «دونالد بوستروم»، الذى تلقبه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ«المزعج»، بعد نشره تحقيقاً استقصائياً حول تلك الجريمة.
وفى «عام 2009» عاود النشر عن الموضوع نفسه، فى مجلة «أفتونبلاديت» السويدية، وأشار إلى أنه على الرغم من قيام وزارة الصحة الإسرائيلية بإطلاق حملة قومية «عام 1992» لتشجيع التبرع بالأعضاء، إلا أن الفجوة ظلت واسعة بين الطلب والمعروض من الأعضاء.
وذكر «بوستروم» أنه تلقى اتصالات عديدة خلال زياراته المتعددة للمنطقة (الأراضى الفلسطينية المحتلة) من موظفى الأمم المتحدة، أعربوا خلالها عن قلقهم بسبب تصاعد الأخبار حول سرقة أعضاء الضحايا الفلسطينيين، وأخبروه أنه تم منعهم من فعل أى شىء يتعلق بهذا الموضوع. ولاحظ الصحفى «المزعج» أنه بالتزامن مع حملة تشجيع التبرع بالأعضاء فى إسرائيل، تزايدت حالات اختفاء عدد من الشباب الفلسطينى، ليعودوا بعدها فى نعوش مغلقة، وتفرض السلطات الإسرائيلية على أهاليهم دفنهم ليلاً، وبدون جنازات.
والتقى «بوستروم» العديد من عائلات الشهداء، الذين أكدوا سرقة أعضاء أبنائهم، وكان من بينهم عائلة الشهيد بلال أحمد غنان، الذى اعتقله الجيش الإسرائيلى (عام 1992)، وكان عمره (19 عاماً)، واستشهد داخل السجن، وتسلمت العائلة جثمانه بلا أعضاء داخلية، بعد أن تمت خياطته من العنق حتى أسفل البطن.
وواجه «بوستروم» السلطات الطبية الإسرائيلية بما تعرضت له جثة الشهيد بلال من سرقة لأعضائها، ولم تنف الاتهام، وقال «تشين كوجل» مدير معهد «أبوكبير» للطب الشرعى -آنذاك- إنهم أخذوا كل ما أمكن أخذه من كل الجثث، وبدون الحصول على موافقة الأهالى.
وبسبب تحقيقات الصحفى السويدى «دونالد بوستروم» حدثت أزمة بين بلاده وإسرائيل، بعد أن عرف العالم ما كان يجهله عن جريمتها البشعة، التى ظلت ترتكبها سراً إلى أن فضحها ذلك المزعج.. وللحديث بقية.