حينما يكون «الاستعباط» أسلوب حياة فإننا نضرب كفاً على كف، حينما يُكشَف المدعى ويُحرَق ويُرمى فى صناديق القمامة مثل أوراق الكلينكس فإننا نقول له: انتهى دورك خلاص، حينما يتخلى عن بلاده التى وُلِد فيها ولا ينصُرها ولا يُناصرها ولا يحمل همومها ولا يُعير أى اهتمام بشعبها المكلوم ويظل يتحدث حديثاً أجوف لا فائدة منه فإننا نقول له: كَفى كلام ابن عم حديت يا غُلام، حينما يخرج ليُحمِّلنا - نحن المصريين - المسئولية عن أحداث غزة فإننا نقول له: انت بتستعمانا يا هَرَم.
هَرَم هُنا المقصود به (وضاح خنفر) الفلسطينى البائس اليائس المراوغ المثير للجدل منذ سنوات طويلة، الذى قالت عنه مجلة «فورين بولسى» إنه من أهم (١٠٠) شخصية مؤثرة فى العالم، رغم أنه خريج هندسة وعمل فى إحدى القنوات العربية وطُرِد منها إلا أنه يقول عن نفسه إنه «رئيس منتدى الشرق» وهى شبكة مُستقلة مُكرسة لتطوير الاستراتيجيات طويلة الأجل للتنمية السياسية والعدالة الاجتماعية والازدهار لشعوب الشرق الأوسط.. ما كل هذه الفلسفة الفارغة يا «خنفر»؟ ما كل هذا الكلام الكبير قوى يا «خنفر»؟.. قُم بالتنمية السياسية فى بلدك فلسطين أولاً، دافع عن قضية بلدك فلسطين أولاً وهى التى نعتبرها - نحن المصريين - أنها قضيتنا وقضية العرب المركزية الأولى؟، حقق العدالة الاجتماعية فى بلدك فلسطين أولاً قبل أن تدعو لتحقيقها فى بلاد الشرق الأوسط، لماذا لم تتحرك لتدافع عن أهالى غزة بشىء ملموس وليس بالكلام؟، لماذا لم تتظاهر -وهذا أضعف الإيمان- من أجل بلدك فلسطين وتدعو لمقاطعة إسرائيل؟، لن أقول لك ادعُ لمقاومة إسرائيل التى تحتل أرضك وأرض أجدادك بدلاً من جلوسك فى مكتبك الفخم وأنت ترتدى أفخم البِدَل وتحرص -كل الحرص- على تغيير البِدَل مع كل حوار لك على (بودكاست ديوان الشرق) مع تغيير منديل البَدلة كل مرة؟، فما أحقر هذا البودكاست؟ وما أسوأ كلامك فيه؟ وما أردأ أسلوبك ومنطقك ومنهجك الفاسد الذى تتحدث فيه عن رمى المسئولية على الآخرين وتترك القضية الأساسية وهى قضية شعب يُباد على يد احتلال غاشم وأطفال يُعانون والمجاعة منتشرة فى كل أرجاء قطاع غزة؟ لماذا تُخرِج نفسك من المعادلة السياسية وتُهاجم «مصر» وأنت لا دور لك سوى الكلام فقط؟
«وضاح خنفر» زار أمريكا فى عام ٢٠٠٩ وزار مجلس العلاقات الخارجية وجامعة جورج واشنطن والتقى مع كبار المسئولين والمستشارين فى البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون لدرجة أنه ظهر فى برنامج («شارلى روز» شو)، «وضاح خنفر» ذُكر اسمه فى مذكرات هيلارى كلينتون -وزيرة خارجية أمريكا السابقة- وكلنا قرأناها وعرفنا وتَفهَّمنا حيثيات وجود اسمه فى هذه المذكرات التى كشفت عن كوارث وبلاوى وفضائح لن ننساها أبداً، «وضاح خنفر» الذى وصفته مجلة «أربيان بيزنس» بأنه ثامن شخصية مؤثرة فى العالم العربى.. لذلك أَطلُب من «وضاح خنفر» أن يستغل علاقاته بالأمريكان ويقول لهم -مُجرد قول- لو يجرؤ على القول بأن يُنهوا الحرب على قطاع غزة ويأمروا نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى المُتعجرِف بأن ينهى المجازر اليومية والاعتداءات المتوالية على أهالى غزة لأننا نعلم أن الأمريكان هم الراعون له وهُم الداعمون له وأوراق اللعبة فى يد أمريكا بنسبة (١٠٠٪) وليس (٩٩٪) كما قال الرئيس الراحل العظيم أنور السادات بطل الحرب والسلام.. هل يفعلها «خنفر»؟، بالتأكيد لن يفعلها ولن يجرؤ على فعلها ولن يُقدِم على فعلها لأنه مُجرد شخص لسانه طويل فقط، لسان طويل فى الهرى والجدل والتنظير غير المفيد لقضية بلاده.
خرج علينا «ابن خنفر» فى (بودكاست ديوان الشرق) ليتحدث عن الفتح الإسلامى وأبوسفيان والخلفاء الراشدين، وهذا يدل -بلا شك- على ثقافة واسعة فى فيديوهات مطولة مُدة أقل فيديو تتجاوز الـ(٤) ساعات، وحينما قرر أن يتحدث عن قضية فلسطين ارتدى بَدلة بُنية وقميصاً بُنياً وساعة فاخرة وجلس فى مكتب مُكيف وخرج بفيديو مدته (٣) دقائق فقط، لم يذكر شيئاً على الإطلاق به إدانة للاحتلال وقال نصاً (دُولنا عاجزة وليس علينا أن نُنقِذ أهالى غزة فقط بل علينا أن نُنقذ كرامتنا وأنفسنا من حُكم التاريخ أمام أبنائنا من حالة المهانة حينما نرى شعباً يُحاصَر ونحن لا نفعل شيئاً ومصر عليها أن تُقدم الدعم إذا كانت تريد لشعبنا أن يعيش).
- أولاً: هذا كلام شخص يجلس فى مكتبه المكيف ويُلقى بمسئوليته على الآخرين، «مصر» ليست عاجزة وقدمت (٧٥٪) من حجم المساعدات التى قدمت لأهلك الذين تركتهم ولم تدن العدوان عليهم ولم تُحرِّك ساكناً ولم تتحمل مسئوليتهم.
- ثانياً: شعب غزة ليس مُحاصراً يا «ابن خنفر»، شعب غزة يُقتل ويُقصف بالصواريخ الأمريكية التى يُطلقها جيش الاحتلال على أهلك وناسك، شعب غزة يُباد إبادة جماعية بشهادة الجميع ومنهم سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، شعب غزة تم تشريده وتشتيته وتهجيره من الشمال للجنوب ومن الجنوب للغرب وحينما ذهب للغرب تم قصفه بالصواريخ فى المواصى وتل السلطان، شعب غزة تم ضرب مستشفياته ومدارسه وجامعاته ومنازله ومساجده وأنت تجلس فى مكتبك لتلقى بالمسئولية على غيرك ولم تدن الجرائم الإسرائيلية ولم توجه كلامك نحو الأمريكان.
- ثالثاً: «مصر» تُقدم الدعم باستمرار للأشقاء فى غزة وتعالجهم ومجهودها مشكور ومحمود بشهادة جميع قيادات حركة حماس والرئيس أبومازن شخصياً وتقود التفاوض من أجل وقف القصف الإسرائيلى وتواجه ضغوطاً دولية كبرى لا يقدر عليها إلا «مصر» وما زالت صامدة للدفاع عن القضية الفلسطينية.
- رابعاً: يسقط «منتدى الشرق»، ويسقط «بودكاست ديوان الشرق»، ويسقط كل من يستبعد نفسه من المسئولية ويُلقى بها على غيره.
كلام «وضاح خنفر» عن الأحداث فى غزة -بالتأكيد- كلام بلا مضمون، كلام كُتُب غير مفهوم ولا يفهمه هو، هو يقول (غزة امتحاننا الأكبر أمام التاريخ، علينا استغلال تفكُك النظام الدولى، معركة فى فلسطين ضد الاستكبار العالمى، نحن فى مخاض عالم جديد وهو صراع المدفع والإرادة).. الله.. الله على اللغة والتحليل والألفاظ.. ما الجديد الذى ذكرته يا «وضاح»؟ نحن نعرف ما قُلته، نحن نقول ذلك منذ سنوات طويلة، كلامك هذا ليس وقته وليس مجاله ونحن لسنا فى وقت التحليل الفلسفى الذى تقوله لنا، نحن نبحث الآن عن إنقاذ غزة وإدانة الاحتلال وبذل أقصى الجهود لوقف الحرب وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات، فالوضع خطير ولابد من وقفة قوية بدلاً من التنظير الذى تقوله لنا.. أقول لك يا «وضاح»: اغرُب عن وجهى الآن فالوقت ليس وقتك وأمثالك بالنسبة لنا لا نعطيهم أى اهتمام لكن نرُد عليهم مرة واحدة لكى يخرسوا ويصمتوا لأن فى خَرَسهم وصمتهم فائدة لقضيتهم.