مع تصاعد حركة الاحتجاج الطلابية فى الولايات المتحدة، ضد العدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة، ومطالبات الطلاب للجامعات بسحب استثماراتها من الجامعات والشركات الإسرائيلية، خرج رؤساء الجامعات الإسرائيلية بتصريحات تنفى وقوع أى تأثيرات سيئة محتمَلة، بسبب تشابك الاستثمارات مع الجامعات الأمريكية.
وللمرة الأولى أعربت الجامعات الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضى عن انزعاجها من تأثير هذه المقاطعة على قدرتها على إجراء البحوث على مستوى عالٍ.
والسبب الرئيسى فى انتقال الجامعات الإسرائيلية من حالة الاطمئنان إلى الانزعاج بهذا الشكل المعلن، يرجع إلى تطور حركة الاحتجاجات الجامعية، بعد انضمام الأساتذة والباحثين للطلاب المحتجين، ورفع سقف المطالب إلى حد الضغط فى اتجاه فرض مقاطعة أكاديمية على إسرائيل، وهو المطلب الذى يحظى الآن بدعم متزايد داخل الأوساط الأكاديمية الأوروبية.
وقبل أيام نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية مقالاً لاثنين من الباحثين الأكاديميين حول فرض المقاطعة الأكاديمية على إسرائيل.واستطلعت «الجارديان» رأى الأكاديمى والمؤرخ الإسرائيلى «إيلان بابى»، الذى يعمل أستاذاً فى كلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية فى جامعة «إكستر» فى المملكة المتحدة.
كما يتولى موقعه مديراً للمركز الأوروبى للدراسات الفلسطينية التابع للجامعة، ويشغل أيضاً موقع المدير المشارك لمركز إكستر للدراسات العرقية والسياسية، وقال «بابى»: إن الجامعات الإسرائيلية متواطئة، وتشارك فى العدوان على غزة.
وأشار إلى استثمار جامعة «تل أبيب» فى شركة «إكس تيند - Xtend» المصنّعة للطائرات بدون طيار، وتسبّبت -وفق شهادة «غسان أبوستة» رئيس جامعة «جلاسكو»- فى إصابة أهالى غزة بأفظع الجروح والإصابات.
الثابت أن الروابط بين الكثير من الجامعات الأوروبية والأمريكية مع نظيراتها فى إسرائيل، ومؤسساتها العسكرية والبحثية، تنامت على مدى عقود، حتى باتت منظومة شديدة التعقيد، ويصعب تفكيكها فوراً، وبسبب تراكم العلاقات بين الجانبين، فشلت كل المحاولات السابقة لتفكيكها أو إيقافها، سواء فى شقها المالى المباشر، أو فى ما يرتبط بالتعاون الأكاديمى البحثى والتطوير التقنى.
وهذه المحاولات السابقة كانت تتم على فترات متفاوتة، ارتباطاً بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية المحتلة.
وبعد عملية «طوفان الأقصى»، واستمرار العدوان الإسرائيلى غير المسبوق على قطاع غزة، لنحو ثمانية شهور -منذ السابع من أكتوبر الماضى- وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا، والجرحى، والمصابين، تصاعدت المطالبات بوقف استثمارات الجامعات الأوروبية والأمريكية فى الجامعات والشركات الإسرائيلية، وانتقلت الآن للمطالبة بالمقاطعة الأكاديمية، لوقف الأبحاث الجامعية الداعمة للجيش الإسرائيلى.
الطرح الجديد لا يدخل فى عداد الموجات الاحتجاجية، لكنه يثبّت أقدامه يوماً بعد يوم، مع استمرار العدوان، ورفض «بنيامين نتنياهو» والوزراء المتطرفين فى حكومته اليمينية إنهاء الحرب، وهذا ما يدفع الجامعات الإسرائيلية للضغط فى اتجاه قبول أى مبادرات للتسوية.. ليس إنقاذاً للفلسطينيين أو حباً فى السلام، وإنما لتفادى ما سيصيبها جراء المقاطعة الأكاديمية إن حدثت، ولو بشكل جزئى.