فتاوى من لغو الكلام (3)

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

فوضى الفتاوى استنفرت فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، للتصدى ولهذا خرجت جريدة صوت الأزهر -لسان حال المشيخة- يوم الأربعاء أول يونيو من العام الماضى، بتصريحاته ومن أبرزها، «أننا نعيش زمن الاجتهاد الجماعى والمؤسسى، والعمل الفردى فات أوانه، ولم يعد ممكناً الآن»، و«أن تعدد الاختصاصات العلمية وتشابك القضايا بين علوم عدة يفرض التماس الرأى الشرعى من الجهات المختصة»، و«الأزهرِ الشَّريفِ ليس مسئولاً عما يبثُه بعض الأفراد من فتاوى.. وآراء الأزهريين كأفراد تمثل -فى الغالب الأعم- أشخاصهم ولا تمثل بالضرورة الأزهر إلا إذا خرجت بشكل مؤسسى من هيئاته المخولة بالبيان والفتوى، ولا يكون ذلك لفرد أو أفراد».

وحدد شيخ الأزهر الهيئات المخولة بتبليغ الأحكام للناس، وبيان الحكم الشرعى فيما يُثار من قضايا أو مشكلات تواجه المجتمع هى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى بالجامع الأزهر ومركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، بالإضافة لدار الإفتاء.

لم يكن الأزهر وحده من تصدى لفوضى الفتاوى، فالقضاء أيضاً تصدى من خلال محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، التى أصدرت حكماً عام 2016 بقصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها الدقيق فى مجال الإفتاء، تأسيساً من المحكمة على أن مستجدات العصر فى المسائل الخلافية بحاجة إلى اجتهاد جماعى وليس فردياً فلا ينفرد بها فقيه واحد.

محكمة القضاء الإدارى أكدت فى حكمها أنه لا يجوز الإفتاء بغير شروط ولو من العلماء فى غير تخصصهم الدقيق، فشروط الإفتاء ليست بالأمر اليسير فى الفقه الإسلامى حتى يمارسه غير المتخصصين حتى من العلماء أنفسهم خارج تخصصهم، وإنما هو أمر بالغ الدقة والصعوبة يستفرغ فيه العالم المجتهد الفقيه المفتى وسعه لتحصيل حكم شرعى يقتدر به على استخراج الأحكام الشرعية من مآخذها واستنباطها من أدلتها.

طلب الفتوى مشروع، وواجب الجهات المخولة بالإفتاء القيام بمسئولياتها فى إجابة السائلين، ولكن ليس بكثرة عدد الفتاوى تؤكد هذه الجهات جدارتها، فهناك أسئلة تافهة هى من لغو الكلام، ولا تستأهل الرد عليها، وإن تم الرد فلا يجب أن يخرج الرد على السائل إلا بجملة «هذا من لغو الكلام».

لا يليق أن يخرج من هيئات كالأزهر أو دار الإفتاء بما لهما من وزن على مستوى العالم الإسلامى كله فتاوى تتعلق بمشروعية الألعاب الإلكترونية، ومدى اتفاق مشاهدة كرة القدم مع صحيح الدين، أو الرأى الشرعى فى أكل لحوم ماشية شربت الخمر قبل ذبحها، أو ذبح خروف الأضحية المجنون أو الأحول، وأرجو ألا يتصور أحد أننى أستعرض خفة ظلى بهذه الأمثلة، فقد صدرت بشأنها فتاوى رسمية!