فتاوى من لغو الكلام (2)
من فتاوى لغو الكلام المثيرة للغضب والدهشة فى آن، تلك التى أطلقها عدد ليس بقليل من السلفيين، ومن بينهم المدعو مرجان الجوهرى، حيث أفتى بإباحة تدمير الأهرامات وأبوالهول والمعابد الأثرية، لأنها أصنام وتماثيل من زمن الجاهلية.وفى فتوى أخرى -كوميدية- أجاز الداعية محمد الزغبى أكل لحوم الجن، مشيراً فى فتواه إلى تشكّل الجن فى صورة الإبل والماشية، ولذلك وجب علينا ذبحها وتناول لحومها لقتل ذلك الجن.و
خرج علينا بعض قادة جماعة الإخوان الإرهابية بفتاوى لا تحتاج لكثير من الفطنة لتشتم غرضها السياسى، من بينهم أكرم الكساب الداعية الإخوانى، وعضو ما يسمى بـ«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، حيث أفتى بأنه يجوز لأعضاء «الإخوان» المشاركين فى المظاهرات أن يفطروا، معتبراً مظاهراتهم جهاداً فى سبيل الله!، وفتوى الإخوانى عصام تليمة بجواز توجيه زكاة الفطر إلى قيادات وعناصر الإخوان فى السجون باعتبارهم من فئة المحتاجين!، وغيرها من الفتاوى التى تتقابل مع محاولات الجماعة الإرهابية -منذ تأسيسها- تطويع الدين لخدمة مصالحها.
ظاهرة فوضى الفتاوى لم تكن محلية فقط، ولكن «هبت» علينا من دول المنطقة فتاوى متطرفة تبناها -بالطبع- متطرفون فى الداخل المصرى، مثل فتوى تنظيم «الشباب المجاهدين» فى الصومال بتحريم أكل السمبوسك بزعم تشابه أضلاعها مع أضلاع الثالوث المُقدس المسيحى، وفتوى تنظيم «داعش» الإرهابى بمنع النساء الصائمات من الخروج إلى الشارع، وإن كنّ يرتدين النقاب، فى نهار رمضان، حتى لا يبطل صيام المسلم إذا رأى امرأةً، وإذا اضطرت المرأة للخروج، لا بد من فعل ذلك بعد صلاة المغرب، مع مرافقة محرم.
من أغرب الفتاوى التى ارتبطت بشهر رمضان فتوى سابقة أطلقها داعية سلفى فى الجزائر يدعى محمد على فركوس حرّم فيها أكل «الزلابية» فى رمضان، معتبراً إياها من بدع الصيام وعمل الحلوى يحتاج إلى دليل شرعى.كلها فتاوى أبعد ما تكون عن الشرع، ولا يقبلها العقل السليم، فهى بلا منطق، ومن لغو الكلام.
ولغو الكلام هو الحديث الباطل، وقال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَشَدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ».
والـ«ثرثار»: هو من يكثر الكلام بغير ضرورة، والـ«متشدق» هو الشخص المتقعر فى كلامه مستعملاً الألفاظ المهجورة، والـ«متفيهق» هو الشخص الذى يتحدث فى علوم أو فنون أو شئون لم يحط بها علماً كافياً.
وذكر القرآن لفظ «اللغو» أكثر من مرة، ومنها حينما عدّد صفات المؤمنين فقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ومعنى اللغو فى الآية: هو ما يتلفظ به الإنسان من ألفاظ لا فائدة فيها، أو يعمل عملاً لا ثمرة له.
فذلك «قول لغو» و«عمل لغو»، ويجب على العاقل أن يصون لسانه عنه فلا يتفوه به حيث لا فائدة ولا عائد، فضلاً عن استهلاك وقت المتكلم والسامع.
ومن أمثلة لغو القول: أن تسأل عما لا يعنيك من أمور الناس، ومن لغو القول أيضاً أن يتحدث أحد فيما لا يتيقن منه، أو فيما لم يتخصص فيه من العلوم، فتلك مسئولية كبرى، وكذلك الثرثرة بما لا فائدة منه فإذا لم تكن معلماً أو متعلماً فالصمت أولى.وللحديث بقية