«زينب خاتون».. مأوى الجارية المعتوقة وملاذ الفدائيين والثوار

كتب: آية المليجى

«زينب خاتون».. مأوى الجارية المعتوقة وملاذ الفدائيين والثوار

«زينب خاتون».. مأوى الجارية المعتوقة وملاذ الفدائيين والثوار

هنا الملاذ والأمان، وهنا الخيال والتاريخ، فلا أحد يصدق أن الجارية المعتوقة أصبحت أميرة، وهى البطلة التى وقفت فى وجه الحملة الفرنسية، والمرأة الهادئة التى رحلت فى صمت وخلّد التاريخ حكايتها بأحد مبانيه العريقة، فهى «زينب خاتون»، صاحبة المنزل الذى يخضع حالياً للتطوير ضمن مشروع تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية.

خلف جامع الأزهر، يقبع منزل زينب خاتون ضمن مجموعة مميزة لكل منها حكايته، لكن عمليات التطوير التى تجرى حالياً بالمنزل الأثرى حالت دون زيارته، ورؤية ما تبقى من شواهد على تاريخ مضى.

إغلاق المنزل فى وجه الزوار لم يمنع الباحث الأثرى محمود مرزوق من وصف معالمه الشاهدة على صعود «زينب» من الجارية المعتوقة إلى الأميرة صاحبة المنزل، التى عاصرت فترات تاريخية مهمة، وبرز اسمها فى القرن الـ19.

روى «مرزوق» لـ«الوطن» ما تبقى عن سيرة الجارية التى عاشت فى قصر الأمير محمد بك الألفى، أكبر أمراء المماليك، ومع حسن أخلاقها وسيرتها الطيبة نالت حريتها وتزوجها الشريف حمزة الخربوطلى، فمن هنا جاءت حكاية الأميرة «زينب»، التى اقترن اسمها بـ«خاتون»، أى المرأة الشريفة الجليلة.

وانتقلت «زينب خاتون» للعيش برفقة زوجها فى المنزل، الذى اشتراه خلف الجامع الأزهر، وتعود ملكيته إلى شقراء هانم من حفيدات السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وانتقلت ملكيته بعد ذلك إلى الأميرة زينب خاتون، بحسب «مرزوق».

استطرد الباحث الأثرى فى حديثه عن وصف المنزل المبنىّ على الطراز الذى يجمع بين العصرين المملوكى والعثمانى، والذى غلب عليه الاهتمام بالقاعات المعدَّة لاستقبال الضيوف، كعادة أهل الزمان فى ذلك الوقت، لكن يعد أكثر ما يميزه هى «غرفة الولادة» التى توجد فى الطابق الثالث.

تحدث «مرزوق» عن الغرفة التى تقتصر وظيفتها على الولادة فقط، وتتوافر بداخلها الرعاية الطبية، إذ تلد فيها المرأة، وتقيم بداخلها لمدة 40 يوماً على سرير مرتفع قليلاً عن مستوى الأرض، ويجاورها المولود فى سريره الخاص، وطيلة هذه المدة غير مسموح بالخروج منها إلا للضرورة القصوى.

واستكمالاً للوجه الآخر للأميرة صاحبة المنزل، التى عرف عنها انضمامها للفدائيين ضد الحملة الفرنسية، إذ تناقلت الروايات حول العثور على بقايا 27 جثة لضحايا المقاومة فى إحدى غرف المنزل بالدور الأرضى، فكان منزل «زينب» ملجأ وملاذاً للثوار ضد الحملة الفرنسية، لكن هذا الحديث يبقى مجرد رواية مزعومة لم تثبت صحتها بعد، ومن الأساطير الشعبية المتوارثة، بحسب «مرزوق».

رحلت «زينب خاتون» وبقى منزلها الأثرى يتهافت كثيرون على زيارته، بينما السكان المحيطون به بمنأى عنه، فرغم أن مصطفى أحمد، من مواليد منطقة الأزهر، فإن الفضول لم يدفعه يوماً لزيارة منزل زينب خاتون أو معرفة هويتها، مبرراً ذلك بقوله: «اتولدت لقيته قدامى.. بالنسبة لى بيت مش غريب ومفيش فضول لزيارته، ولا أعرف مين هى».

أجانب كثر ومصريون اعتاد الشاب العشرينى رؤيتهم يزورون المنزل الأثرى، فهو المكان ذو الشهرة الواسعة فى القاهرة القديمة، بحسب «مصطفى»، لكنه المشهد اختلف مع بدء عمليات التطوير والترميم بالمنزل.

الموقف ذاته لم يختلف كثيراً مع محمود نصرالدين، الرجل الأربعينى، من سكان المنطقة التاريخية، حيث يمتلك قدراً قليلاً من المعلومات حول هوية زينب خاتون، عرفها من حارس المكان حين دخله منذ سنوات للتعرف عليه: «ما دخلتوش كتير.. يمكن مرة ولا اتنين».

وتكررت زيارة «محمود» للمنزل أثناء عملية ترميمه الجارية: «حاولت أدخله مرة وعمليات الحفر لسَّه شغالة، تطوير البيت وترميمه كويس جداً، خاصة أنه معروف جداً للزوار».

 


مواضيع متعلقة