وزير الثقافة الأسبق: العذراء رمز للطهر والسمو.. ولها مكانة خاصة في الوعي الجمعي لدى المصريين «حوار»

وزير الثقافة الأسبق: العذراء رمز للطهر والسمو.. ولها مكانة خاصة في الوعي الجمعي لدى المصريين «حوار»
أكد د. عبدالواحد النبوى، وزير الثقافة الأسبق، أن السيدة مريم لها مكانة خاصة فى الوعى الجمعى لدى المصريين، فـ«أم النور» مباركة فى الوجدان الشعبى المصرى على مر العصور.
وأوضح «النبوى»، فى حواره مع «الوطن»، أن السيدة مريم تمثل رمز الطهر والسمو، وهناك تقديس كبير من جموع المصريين لمكانتها المباركة.. وإلى نص الحوار:
د. عبدالواحد النبوي: «أم النور» مباركة في الوجدان الشعبي المصري على مر العصور
بمَ تفسر اختيار العائلة المقدسة مصر؟
- مصر بلد مُرحب بالجاليات والوافدين، كما كان هناك طرق سفر وتجارة مطروقة ومفتوحة بين المصريين وبلاد الشام والكنعانيين آنذاك، كذلك مصر البلد الذى كان موطن النبى موسى -عليه السلام- وقومه، وتجربته ليست ببعيدة عن الأذهان آنذاك، وقبله نشأ يوسف الصدِّيق بمصر واحتضنت أرض مصر أسرته، أى أن هناك صورة طيبة عن مصر لدى الشعوب المحيطة، من هنا كانت خياراً مناسباً وآمناً للعائلة المقدسة.
وكيف تعامل المصريون معها وابنها؟
- تحدث المؤرخ الإسلامى المقريزى الذى عاش نحو منتصف القرن الخامس عشر الميلادى، رحلة العائلة المقدسة، وعن الأماكن التى حلت بها، لكن علينا أن نلاحظ أن هذه الرحلة كانت سرية، والمصريون حافظوا على هذه السرية حفاظاً على العائلة الوافدة، ووجدت السيدة مريم وابنها المسيح ترحاباً كبيراً من المصريين، بدليل أنها تنقلت من نقطة إلى نقطة عبر الأراضى المصرية، وأتصور أنها لو شعرت بالقلق على أرض مصر لغادرتها، ولما استكملت الرحلة، فالمصريون بطبيعتهم شعب متدين، ومحب بالسلام، ولديهم آلهتهم منذ أزمنة بعيدة، لكنهم لم يرفضوا الدعوات الجديدة، كما أنهم اهتموا بالترحيب بصورة كبيرة، وأحسوا بوداعة ورقى السيدة مريم.
وما الأسباب التى ساعدت على حسن استقبال المسيحية بمصر؟
- هناك ملاحظة مهمة فيما يخص الأديان، هى أن حضور طقوس وتقاليد الأديان ينشط تحت رعاية وقوة الفرعون، والعكس صحيح، وفى هذه الفترة لم تكن الدولة فى أوج قوتها، أى الصراع السياسى والعسكرى سمح للديانة المسيحية بأن تجد ترحيباً وحباً وتلقفها المصريون، لذلك وجدت المسيحية أرضية مناسبة للانتشار فى مصر منذ بداية الدعوة للمسيحية، ورحب بها المصريون واعتنقوها لأنها دين سلام ومحبة، دين يشبه المصريين، وبالتالى أصبح للسيدة مريم مكانة خاصة باعتبارها أمّاً للمسيح، وتم بناء الأديرة والكنائس فى مصر، ومن خلال الكنيسة المصرية تم الحديث عن رحلة العائلة المقدسة وتناقلتها الأجيال بشىء كبير من الإجلال للسيدة مريم والسيد المسيح.
كيف ترى التعامل مع صورة العذراء؟
- هناك سنوات من الاضطهاد حدث فى عصر الشهداء (وقت الدولة الرومانية)، وتعرض المسيحيون للاضطهاد والقتل، واضطر الرهبان إلى ترك كنائسهم وأديرتهم وفروا إلى الصحراء، لكن مع دخول الإسلام إلى مصر طلب عمرو بن العاص من الرهبان الفارين إلى الصحراء الغربية العودة إلى كنائسهم وأماكنهم، ومن هنا يمكننا استنتاج علاقة المصريين بالسيدة مريم، من خلال فهم علاقة الحاكم، وبالتالى الموقف الشعبى من الدين المسيحى، وهو ما تأثر بشكل أساسى إيجابياً بصورة السيدة العذراء فى العقل الجمعى آنذاك، والمستمد فى الأساس من صورة مريم فى القرآن الكريم، وتم تأمين الكنائس وممارسة العبادات بحرية، تأميناً لمكانة السيدة مريم.
ماذا عن مكانتها فى نفوس المصريين بالعصر الحديث؟
- هناك إعزاز وتقديس كبير من جموع المصريين لمكانة السيدة مريم، إذ تمثل رمز الطهر والسمو، لعدة أسباب؛ لا تنفصل مكانة مريم عن مكانة عيسى من التقدير عند المصريين، كون الإيمان بجميع الرسل شرط اكتمال الإيمان، كما أن المصرى فى معتقده أن مريم مكرمة من عند الله، باعتبارها المرأة الوحيدة التى توجد سورة فى القرآن الكريم باسمها، بل نجد أن البعض يحب سورة مريم بشكل خاص، ووصل المعتقد الشعبى عند المصريين فى محبة مريم البتول بنسب نوع من الفضل إلى هذه السورة تحديداً، فى المعتقد الإسلامى المتوارث أيضاً أن عيسى عليه السلام سوف ينزل آخر الزمان ليقيم العدل ويطهر الأرض.
زيارة الكنائس
كثير من المصريين يحرصون على زيارة الكنائس تقديراً للسيدة العذراء التى كرمها الله فى كتابه العزيز، هذا غير العديد من الأسر المصرية التى تطلق اسم مريم على بناتها على مر العصور، فعلينا فقط النظر حولنا لعدد البنات والسيدات اللاتى يحملن اسم مريم.