حمدي الحسيني يكتب: القتل من المسافة صفر

حمدي الحسيني يكتب: القتل من المسافة صفر
يأبى المحتل الإسرائيلي أن يترك يوماً يمر دون أن يبعث رسائل مليئة بالكراهية والبغضاء للعرب والفلسطينيين، ويثبت كل يوم أن فكرة العيش في سلام مع شعوب المنطقة أمل بعيد المنال.
آخر تلك الرسائل الملغومة، بعث بها جندي إسرائيلي خلع ثوب الإنسانية وارتدى ثوب الوحوش الكاسرة، عندما أفرغ رصاص رشاشه الآلي في صدر الشاب الفلسطيني عمار مفلح من المسافة صفر، في وضح النهار وأمام كاميرات المارة، بعد شجار جرى بينهما حاول خلاله الجندي الإسرائيلي اعتقاله بالقوة، ثم لجأ بعد ثوانٍ من مقاومة الشاب إلى إفراغ ذخيرته الحية في صدره فأرداه قتيلًا على الفور.
المشهد الذي حرك المشاعر الإنسانية الحية حول العالم، يتكرر تقريبًا بشكل يومي، في مدن وبلدات فلسطينية عديدة سواء في الضفة الغربية، ونابلس، والقدس المحتلة، وسبق تكراره من قبل مع الصحفية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأميركية شيرين أبوعاقلة.. هذا المشهد الذي يجسد جبروت المحتل الإسرئيلي ربما يستمر بوتيرة أوسع خلال الفترة المقبلة، وبالتحديد مع وصول حكومة نتانياهو اليمينية المثيرة للجدل إلى السلطة!
جريمتا قتل شيرين أبوعاقلة وعمار مفلح، وضعتا كلاً من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في مأزق كبير باعتبارهما أكبر رعاة للمحتل الإسرائيلي دوليًا، وبدأ الجانبان في ممارسة ضغوط سياسية خجولة على سلطات الاحتلال للتخفيف من مسلسل القتل الجماعي التي اعتادت تنفيذه بحق الشعب الفلسطيني بطريقة يومية ممنهجة.
التحرك الأميركي والأوروبي تجاه الممارسات الإسرائيلية الإجرامية، يعد ذرًا للرماد في عيون العرب الذين يتابعون باستنكار حجم الدعم والتعاطف الغربي والأميركي المفتوح للشعب الأوكراني في أزمته مع الاحتلال الروسي، ويقارن العرب بين صمت هذه القوى أحياناً و«تواطؤها» في أحيانٍ كثيرة تجاه جرائم المحتل الإسرئيلي، في فلسطين.
إن الحكومات الغربية وحكومة الولايات المتحدة، اعتادوا غض الطرف عن التوسع الإسرائيلي المستمر في بناء المستعمرات على الأراضي المحتلة، ويتغاضون عن الحصار والقتل الجماعي وهدم المنازل على رؤوس أصحابها الفلسطينيين، في ظل ازدواجية معايير دولية فاضحة.
قبل أيام أعلن حزب «الليكود» أنه أبرم اتفاقاً مع حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف، بزعامة إيتمار بن غفير، لتوليه وزارة الأمن الداخلي ومقعداً في مجلس الوزراء الأمني.
لن ينسى العرب لـ«بن غفير» قيادته قطعان المستعمرين اليهود ومحاولته الدائمة تدنيس الأقصى في أكثر من مناسبة، فهل يعد تحول بن غفير من متهم بالتطرف والإرهاب من جانب بعض الحكومات الغربية إلى مسؤول عن ملف الأمن الداخلي في حكومة نتانياهو المرتقبة تصعيداً لموجات جديدة من العنف في الأراضي المحتلة؟
وهل نتوقع مزيدًا من المواجهات اليومية الدامية بين قوات الاحتلال والفلسطينيين خلال الأيام المقبلة، ومن ثم يتلاشى أي أمل في حل للقضية الفلسطينية، يتضمن تسوية شاملة، تضع نهاية عادلة للصراع في الشرق الأوسط؟