أسرة البابا تواضروس.. ولد في المنصورة باسم وجيه صبحي باقي وتوفي والده قبل يومين من نكسة 1967

أسرة البابا تواضروس.. ولد في المنصورة باسم وجيه صبحي باقي وتوفي والده قبل يومين من نكسة 1967
- المنصورة
- إيبارشية البحيرة
- نكسة 1967
- جامعة الإسكندرية
- المنصورة
- إيبارشية البحيرة
- نكسة 1967
- جامعة الإسكندرية
عقود من الزمن رسمت رحلة الطفل الذى ولد فى المنصورة يوم الثلاثاء الموافق 4 نوفمبر 1952م باسم «وجيه صبحى باقى سليمان»، حتى صار ذلك الجالس على الكرسى المرقسى باسم «البابا تواضروس الثانى».
ففى الرابع من نوفمبر لعام 1952م رُزق مهندس المساحة «صبحى باقى» بأول أبنائه من زوجته «سامية نسيم إسطفانوس»، كان ولداً فسمّاه «وجيه».
فى مدينة المنصورة استقرت أسرة المهندس صبحى، قاهرى المولد والمنشأ، وبرفقته زوجته «سامية» بنت قرية القديسة دميانة ببرارى بلقاس بالدقهلية، بمنطقة السكة الجديدة فى المدينة، وتربى فى كنفهما ابنهما «وجيه» قبل أن يرزقا بعده بثلاث سنوات بابنتهما «هدى»، لتنتقل الأسرة مرة أخرى إلى سوهاج التى ظلت بها لمدة 3 سنوات، والتحق هناك بمدرسة «عبدالله وهبى الابتدائية»، قبل أن تعرف الأسرة الرحيل للمرة الثالثة وتلك المرة انتهى المطاف بهم فى «دمنهور»، وهناك رزقت الأسرة بابنتهم الأخرى «إيمان» التى تصغر «وجيه» بـ12 عاماً، والتحق «وجيه» بمدرسة «الأقباط الخيرية الابتدائية» بشارع المحبة الذى أصبح «عرابى» الآن، وكانت شقيقتا البابا كيرلس السادس البطريرك الـ116 للكنيسة، تعملان فى نفس المدرسة، الأولى «شفيقة» ناظرة المدرسة، والثانية «عزيزة» مدرّسة بنفس المدرسة.
وقبل يومين من نكسة 1967م، فاضت روح الوالد «صبحى باقى» إلى بارئها بعد رحلة مع مرض «قرحة المعدة»، ولم يكن لأسرة المرحوم «صبحى» من أقارب فى دمنهور حيث توفى، فعائلته فى القاهرة تعيش، وعائلة زوجته «سامية» فى برارى بلقاس موطنهم، إلا أن الأطفال الصغار فضلوا أن يعيشوا فى «دمنهور» حيث يوجد أصدقاؤهم، وكان «وجيه» وقتها فى نهاية المرحلة الثالثة الإعدادية يستعد للذهاب إلى الثانوية العامة، إذ توفى والده فى أول أيام امتحانات الإعدادية.
شقيقته: كان متفوقا دراسيا وطفلا شقيا وحصل على مجموع 300.5 من 360 درجة في الثانوية العامة
كان «وجيه» متفوقاً دراسياً وطفلاً شقياً كما تقول شقيقته «هدى»، وتمنى الصبى منذ صغره أن يكون صيدلانياً تأثراً بمرض والده الذى كان يعانى من آلامه ويرى كيف يؤثر دواء الصيدلى فى أوجاعه، وكان له ما كان بعدما حصل فى الثانوية العامة على مجموع 300.5 من 360 درجة، وفى الكلية كان تقدير «وجيه» سنوياً هو «جيد جداً» ليحصل على مكافأة تفوق 5 جنيهات فى الشهر.
فى رحلة الصبى «وجيه» كانت هناك شخصيات كثيرة مؤثرة، كان أبرزها والده الذى تعلم منه «التنظيم، وحب القراءة، وإتقان الخط العربى، والإبداع فى التربية والتفكير»، وكانت أمه التى تلقت تعليمها الأساسى فى دير القديسة دميانة ببرارى ببلقاس هى صاحبة التأثير الكنسى الكبير فى حياته، فهى من ربطته بالكنيسة، فيقول عنها البابا: «والدتى هى من اهتمت بربطنا بالكنيسة، فالحديث فى البيت كان كنسياً، وكان يزورنا بعض الوعاظ فى البيت ويعطوننا هدايا مثل كتب الأجبية».
ويضيف البابا: «والدتى كانت حنونة رغم إظهارها الصلابة فى المواقف الصعبة التى واجهتها، أتذكر كيف كانت تسمّع لى النصوص فى دراستى».
والدته حصلت على لقب الأم المثالية من إيبارشية البحيرة
ورشح الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، والدة «وجيه» لتكون الأم المثالية، كونها ترملت وهى فى الرابعة والثلاثين من عمرها وعملت على تربية أولادها تربية كنسية وتعليمية جيدة، فكانوا متفوقين دراسياً ومرتبطين بالكنيسة.
عاش «وجيه» مع أسرة والدته أكثر من أسرة والده التى كانت تعيش فى القاهرة وكانت مقتصرة على إرسال الخطابات للاطمئنان على أحواله وأحوال إخوته من جده «باقى سليمان» خلال الفترة من 1967م وحتى وفاته عام 1980م، بينما كان يذهب إلى أسرة والدته فى فترة الصيف ليختلط بجده «نسيم إسطفانيوس» وجدته «جميانة عزيز» فى منطقة برارى بلقاس اللذين كانا يكنان لأمه حباً من نوع خاص، فهى ابنتهما الوحيدة بجانب 6 صبيان، حتى إنهما أخذاها وهى طفلة ذات الأربع سنوات فى رحلة حجهما إلى القدس، تلك الرحلة التى تركت وشماً على ذراع «سامية» تبركاً حتى وفاتها.
أما شقيقتا «وجيه»، الأولى «هدى» المهندسة فى شركة كهرباء غرب الدلتا، وتعيش فى منطقة سموحة بالإسكندرية، والتى تعرفت على زوجها الدكتور «مجدى إسكندر» وخُطبت له بعد ثلاثة شهور من تخرجها عام 1979م واستمرت الخطبة لمدة عامين، وبعد زواجهما بشهرين توفى زوجها فى حادث سير، قبل أن تكتشف «هدى» أنها حامل فى ولد هو المهندس «ميناس مجدى» الذى كان الحفيد الأول فى أسرة «وجيه»، وهذا الحفيد متزوج حالياً من الدكتورة «يوستينا رأفت».
أما شقيقته الثانية «إيمان» فقد توفيت فى سن صغيرة وكانت متزوجة من المهندس «مدحت صبحى» ولديها ابن هو المهندس «يوسف مدحت» وابنته هى «مريم مدحت».
وللبابا 6 أخوال، إذ إن والدته هى الابنة الوحيدة والصغرى فى أسرة «نسيم إسطفانيوس»، التى تضم إلى جانب «سامية» كلاً من: «عزيز، وسامى، وسيدراك، ويونان، وميخائيل، وميلاد». يختص البابا بالذكر فى حديثه خاله «المقدس سامى» كما يطلق عليه، الذى قال البابا إنه تعلم منه مسئولية «الكبير» إذ كان مسئولاً عن أرض الأسرة وكان «كبير البلد» - يقصد قرية القديسة دميانة - فيرى كيف يتعامل وكيف يحل المشكلات ويواجه الأمور، رغم أن خاله «عزيز» هو سبب تعارف والده على والدته، إذ كانت تربطهما علاقة عمل، ليتعرف وقتها المهندس «صبحى» على سامية، ويتم خطبتهما فى 4 نوفمبر 1948م.
كما للبابا 5 عمات و4 أعمام إذ إن والده «صبحى» كان أكبر أشقائه، وكان «وجيه» هو الحفيد الأول لأسرة «باقى سليمان» التى تضم «عفيفة، وتهانى، وكاميليا، وحياة، ومنى»، إلى جانب «الدكتور شوقى، والقمص الراحل أنطونيوس، والدكتور نبيل، والقمص يوحنا».
كانت حياة «وجيه» بين البيت والمدرسة وبعدها الجامعة والكنيسة. فى منزله بدمنهور كان يعيش فى غرفة ملحق بها شرفة «بحرية» وتشتمل الغرفة على سرير مفرد ودولاب ومكتبة ومكتب صغير لم يغيره إلا فى الصف الثانى الثانوى ليحضر مكتباً أكبر، وعلى الحائط صليب معلق وصورة للعذراء تحمل وليدها المسيح. كانت الغرفة هى صومعة البابا؛ فيها يصلى ويقرأ، ويتنقل بين المكتب والـ«بلكونة» والجلوس على الكرسى والأرض، وكانت بداية طريقه للتفوق والالتحاق بكلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية التى حصل منها على شهادة البكالوريوس عام 1975م بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، ليلتحق بالعمل كصيدلى تابع لمؤسسات وزارة الصحة، حتى كانت آخر وظيفة له قبل الرهبنة مديراً لمصنع أدوية تابع للوزارة فى دمنهور.
وكما كانت للفرحة فى حياة «وجيه» مكان، كان للحزن نصيب، فكانت فاجعته الأولى بوفاة والده «المهندس صبحى» وهو ابن الخمسة عشر ربيعاً، ولم يعرف بوفاته إلا بعد 3 أيام بسبب خشية الأسرة على تأثره تعليمياً بسبب أدائه امتحانات الإعدادية، والثانية كان وفاة زوج شقيقته «هدى» الدكتور «مجدى إسكندر» الذى توفى فى حادث عقب الزواج بشهرين ليترك لـ«وجيه» مسئولية رعاية شقيقته الأرملة والتى اكتشفت بعد وفاة زوجها أنها «حامل». استمرت الحياة التى زهدها «وجيه» منذ صباه واشتاقت نفسه للهدوء فى «برارى النساك» فقادته أقدامه إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، إلا أن الحزن كان من نصيبه مرات أخرى، إذ توفيت شقيقته الصغرى «إيمان» بعد صراع مع أورام السرطان، وتلقى النبأ وهو فى رحلة للولايات المتحدة فى نوفمبر 2008م ليعود للقاهرة فوراً، إذ كان يعتبر «إيمان» بنته وليست شقيقته، حيث تكفل برعايتها بعد وفاة والده وهى بنت الأربعة أعوام.
والصدمة الكبرى كانت وفاة والدته «السيدة سامية» فى أحد مستشفيات الإسكندرية التى كانت تتلقى فيها العلاج منذ فترة طويلة فى مارس 2014م عن عمر ناهز الـ83 عاماً، وتلقى البابا صدمة فراق أمه أثناء زيارته الرعوية إلى لبنان وقتها ليعود ويحضر صلاة الجنازة عليها دون أن يحضر مراسم دفنها التى تمت فى دير القديسة دميانة بالبرارى مع أسرتها حيث ولدت وعاشت.