الحماية الاجتماعية.. وضع لبنتها نجيب وأكملها السيسي بالجمهورية الجديدة

كتب: محمد أسامة رمضان

الحماية الاجتماعية.. وضع لبنتها نجيب وأكملها السيسي بالجمهورية الجديدة

الحماية الاجتماعية.. وضع لبنتها نجيب وأكملها السيسي بالجمهورية الجديدة

وضع المصريين نصب عينيه، ونذر نفسه لاتخاذ قرارات من شأنها مساندتهم؛ ليواجهوا الحياة بكل قوة ممكنة، فكانت الحماية المجتمعية شغل اللواء محمد نجيب الشاغل قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952 وبعدها؛ لتضع الثورة أولى لبنات الحماية المجتمعية في النظام الجمهوري، والتي تبلورت وتطورت بامتدادها الطبيعي في ثورة 30 يونيو على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي أكمل البناء وجعله في أبهى حلة له، والتي بدأت بقانون الإصلاح الزراعي ورفع الحد الأدنى للأجور وخفض إيجار الوحدات السكنية.

فبعد تولي «نجيب» رئاسة الحكومة بعد الثورة، أصدر قانون الإصلاح الزراعي، برقم 178 لسنة 1952، كأول قانون يصدره كرئيس للوزراء، والذي قال عنه في مذكراته، «كان هناك ملابسات تحيط هذا القانون، فعندما قامت الثورة كان يقطن بمصر نحو 22 مليون نسمة، يعيشون على إنتاج ومحاصيل 6 ملايين فدان، باستثناء نحو 3 ملايين شخص كانوا يعيشون حياة معقولة، وباقي السكان يعيشون عند أدنى مستوى من مستويات المعيشة في العالم»؛ ليحدد القانون الحد الأقصى لتملك الأراضي الزراعية بـ200 فدان والأدنى بـ5 أفدنة.

وكان أول ما قاله للصحفيين بعد حلف اليمين، وفق كتاب «كنت رئيسا لمصر»، «إن هدف وزارته تحديد الملكية وتطهير البلاد والعمل على خفض تكاليف المعيشة، وكل ما من شأنه أن يعود على أبناء البلاد بالخير». وبعد 48 ساعة صدر قانون الإصلاح الزراعي، رغم بعض الخلافات بين أعضاء مجلس قيادة الثورة على طريقة تطبيق القانون وبعض بنوده إلا أنه صدر.

خفض 15% من القيمة الإيجارية للوحدات السكنية

وفي 17 سبتمبر 1952 أصدر القانون رقم 199 لسنة 1952، بخفض 15% من القيمة الإيجارية للوحدات التي أنشئت من أول يناير 1944، وحتى 18 سبتمبر 1952، وسرى القانون من أكتوبر 1952، وفق موقع مكتبة الإسكندرية.

كما أمر نجيب بتكوين محكمة الثورة التي صادرت أموال من أثروا بطرق غير مشروعة، وأمر بإنفاق هذه الأموال على بناء المدارس والمستشفيات والإسكان الشعبي، وفي 8 نوفمبر 1952 قرر مجلس قيادة الثورة مصادرة أموال أفراد أسرة محمد علي وممتلكاتهم.

كما أن زيادة الحد الأدنى للأجور من الأساسيات التي وضعها «نجيب» على رأس أولوياته، وذكر في مذكراته أنه من غير المجدي إلقاء اللوم على أحد، «فقررنا إصلاح أنفسنا بأنفسنا، وذلك بزيادة الحد الأدنى للأجور، فلم يعد مقبولا أن يدفع للإيجار في تلك الأيام، أقل من 18 قرشا يوميا، ولا النساء والأطفال أقل من 10 قروش، وكان ملاك الأراضي قبل الثورة يدفعون للفلاح الأجير 8.5 قرش في اليوم، في حين أن تكاليف اليوم للحيوانات كانت أكثر من ذلك، فكانت تكاليف البغل 12 قرشا، والجامسة 22 قرشا، والحمار 9 قروش. على أن زيادة الحد الأدنى للأجور لم يكن كافيا لإصلاح الريف وكان لابد من اتخاذ خطوة أكثر جرأة وكانت هذه الخطوة هي قانون الإصلاح الزراعي»، حسب مذكراته، والذي كان أول قرارات «نجيب» بعد أن تولى رئاسة الوزراء يوم 7 سبتمبر 1952

أستاذ تاريخ: الثورة امتلكت قوة القرار والتغيير

يرى الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة، أن خطة ثورة 23 يوليو للحماية المجتمعية والإصلاح كان هدفها تحقيق آمال وأحلام الأمة، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة الاجتماعية الحادة التي مرت بها مصر بعد الحرب العالمية الثانية.

«كانت الأفكار التي تبنتها الثورة وعلى رأسها الرئيس محمد نجيب، مطروحة قبل الثورة بشكل كبير - سواء فكرة الإصلاح الزراعي أو فتح مجال التعليم أو تحديد ساعات العمل، وخفض قيمة الإيجارات - في الصحافة أو البرلمان، ويحسب لنجيب والثورة أنهم وضعوا هذه الأمور محل تنفيذ، ولأنها ثورة فكانت تملك قوة وسهولة لتنفيذ هذه المشاريع»، حسبما أوضح عفيفي لـ«الوطن».

ويضيف أن القرارات كانت تخرج بمرسوم بقرار من مجلس قيادة الثورة وعلى رأسه الرئيس نجيب، بشكل سريع وبلا أي عائق، «كان بالفعل فيه أزمة اجتماعية، وكانت مصر خرجت من الحرب العالمية الثانية منهكة للغاية، وأثر دا على الفئات الفقيرة والطبقة الوسطى، ولو رجعنا للسينما على سبيل المثال وشفنا فيلم العزيمة اللي أنتج عام 1939 بيمثل حالة الطبقة الوسطى المتدهورة في الحرب العالمية الثانية، ولو يحسب شيء لثورة يوليو فهو الاهتمام بالعدالة الاجتماعية بشكل كامل سواء الإصلاح الزراعي، ورفع مستوى الأجور ثم تحديد ساعات العمل، وكل دا يحسب لثورة يوليو ومحمد نجيب».

الرئيس السيسي يكمل الطريق

ومن الرئيس محمد نجيب إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أكمل بناء الحماية الاجتماعية في مصر باستراتيجية شاملة لمراعاة الأسر الأكثر احتياجا من خلال برنامج «تكافل وكرامة»، ومشروع القرن في الجمهورية الجديدة «حياة كريمة» لإنقاذ بسطاء ريف مصر.

وتتواصل برامج دولة «30 يونيو» ببرنامج «سكن كريم» لتوفير الخدمات الأساسية للأسر الفقيرة والمحرومة، وبرنامج «أطفال بلا مأوى» لحماية الطفل وتقديم الرعاة له، وإنشاء الجامعات والمدارس والمستشفيات بأحدث الإمكانيات، وكذلك المدن الجديدة، وإدخال الوسائل الحديثة في الزراعة والصناعة والاستزراع السمكي، وإنشاء مشاريع الصرف الصحي والمياه.


مواضيع متعلقة