وزير الأوقاف يستشهد بالقرآن: تنظيم النسل واجب والإنفاق شرط الزواج

كتب: إسراء سليمان

وزير الأوقاف يستشهد بالقرآن: تنظيم النسل واجب والإنفاق شرط الزواج

وزير الأوقاف يستشهد بالقرآن: تنظيم النسل واجب والإنفاق شرط الزواج

قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، اليوم، إن المشكلة السكانية ثاني أكبر تحد أمام الدولة المصرية بعد الإرهاب، وتنظيم النسل في واقعنا المصري الراهن واجب، موضحا أن الأمر في تنظيم الإنجاب لا يقاس بقدرات الأفراد وحدهم منفصلة عن قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية.

الزيادة السكانية في مصر متعددة الأبعاد 

ووجّه «جمعة»، خلال اجتماع لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ اليوم، بحضور محمد جزر رئيس اللجنة، الشكر لأعضاء اللجنة على هذه الدعوة، موضحًا أن مشكلة الزيادة السكانية في مصر ذات أبعاد متعددة «اقتصادية واجتماعية وصحية وثقافية»، وللجانب الديني أهميته الخاصة في ذلك، مبينًا أن لوزارة الأوقاف دور مهم في هذا الجانب الديني، يتكامل مع جميع مؤسسات الدولة، سواء وزارة الصحة والسكان أم المجلس القومي للمرأة، مؤكدا أن المسألة في بؤرة الاهتمام.

وأضاف أن هذه القضية، ثاني أكبر تحدٍّ أمام الدولة المصرية بعد مواجهة الإرهاب والتطرف، فأي جهود للتنمية يمكن أن تأكلها الزيادة السكانية غير المنتظمة، مشيرًا إلى أننا نؤمن إيمانًا حقيقيًّا بدور العلم وأهميته، ودور التخطيط والدراسات المستقبلية في مجال التنمية، ولا يمكننا إطلاق أحكام غير مبنية على العلم والدراسة المتخصصة.

وتابع: «نؤكد أن تصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتصل بالقضايا السكانية يدخل في صميم تجديد وتصويب الخطاب الديني وتصحيح مساره، وهذا نبينا صلَّ الله عليه وسلم يقول: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، مؤكدا أن النبي صلَّ الله عليه وسلم، اشترط الباءة التي تشمل القدرة على الإنفاق كشرط للزواج، ومن باب أولى فهي شرط للإنجاب، فما بالكم بالإنجاب المتعدد؟!، ألم يقل النبي: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقوت»، وفي رواية أخرى: «كَفى بِالمرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»، ولا شك أن قوله عليه السلام: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ»، بيّن بيانًا لا لبس فيه أن الاستطاعة هنا ليست الاستطاعة البدنية فحسب.

وأردف: «طالما أكدنا أن الكثرة إما أن تكون كثرة صالحة قوية منتجة متقدمة يمكن أن نباهي بها الأمم في الدنيا، وأن يباهي نبينا صلَّ الله عليه وسلم بها الأمم يوم القيامة، فتكون كثرة نافعة مطلوبة، وإما أن تكون كثرة كغثاء السيل عالة على غيرها، جاهلة، متخلفة، في ذيل الأمم؛ فهي والعدم سواء».

وأكد وزير الأوقاف، أن القدرة ليست مادية فقط، إنما بدنية ومادية وتربوية، وقدرة على إدارة شئون الأسرة، وكل ما يشمل جوانب العناية بها والرعاية لها.

وأشار «جمعة» إلى أن الأمر تجاوز قدرات الأفراد إلى إمكانات الدول في توفير الخدمات التي لا يمكن أن يوفرها آحاد الأفراد بأنفسهم لأنفسهم، ومن هنا كان حال وإمكانات الدول أحد أهم العوامل التي يجب وضعها في الحسبان بكل جوانب العملية السكانية، فما استحق أن يولد من عاش لنفسه.

الزيادة السكانية غير المنضبطة لا تنعكس على الأسرة فقط 

وشدد على أن تناولنا للقضية يجب ألا يقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية، إنما يجب أن يبرز إلى جانب هذه الآثار الاقتصادية كل الآثار الصحية والنفسية والأسرية والمجتمعية التي يمكن انعكاسها على حياة الأطفال والأبوين والأسرة كلها ثم المجتمع والدولة، مشيرا إلى أن الزيادة السكانية غير المنضبطة لا ينعكس أثرها على الفرد أو الأسرة فحسب؛ إنما تشكل ضررًا بالغًا للدول التي لا تأخذ بأسباب العلم في معالجة قضاياها السكانية، مع تأكيدنا على عدة أمور، وهي:

1- أن قضية تنظيم النسل والمشكلات السكانية هي من المتغيرات التي يختلف الحكم فيها من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن دولة إلى أخرى، بحيث لا يستطيع أي عالم أن يعطي فيها حكمًا قاطعًا أو عامًّا، ففي الوقت الذي تحتاج فيه بعض الدول إلى أيدٍ عاملة ولديها من فرص العمل ومن المقومات والإمكانات ما يتطلب زيادة الأيدي العاملة لديها يكون الإنجاب مطلبًا، وتكون الكثرة سبيلًا من سبل تقدم هذا البلد.

وأكد أن الدول التي لا تمكنها ظروفها من توفير المقومات المطلوبة من الصحة، والتعليم، والبنى التحتية، وفرص العمل اللازمة، في حالة الكثرة غير المنضبطة، تصبح الكثرة هنا كغثاء السيل، وأن أي عاقل ليدرك أنه إذا تعارض الكيف والكم كانت العبرة والمباهاة الحقيقية بالكيف لا بالكم.

2- المتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها أولت إعداد الإنسان عناية خاصة؛ بداية من تكوين الأسرة، مرورًا بمراحل الحمل، والولادة، والرضاعة، فكفلت له حقه في الرضاعة الطبيعية حولين كاملين حتى ينمو في صحة جيدة، ويقول تعالى: «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا»، و«وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ».

وأوضح أن الفقهاء اعتبروا إيقاع الحمل مع الإرضاع جورًا على حق الرضيع والجنين، وسمّوا لبن الأم التي تجمع بين الحمل والإرضاع لبن الغيلة، وكأن كلًّا من الطفلين اقتطع جزءًا من حق أخيه، ما يعرض أحدهما أو يعرضهما معًا للضعف.

3- تنظيم النسل لون من ألوان وفاء الوالدين بحقوق أبنائهم، فكل رب أسرة مسئول عن أبنائه في التربية القويمة، والتعليم الصحيح، والتنشئة السوية؛ ليكون عضوًا نافعًا لدينه ووطنه، وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أَدِّبِ ابْنَكَ، فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ وَلَدِكَ، مَا عَلَّمْتَهُ؟».


مواضيع متعلقة