الطيب: تقديس تراث الفقه ومساواته بالشريعة يجمد الفكر الإسلامي

الطيب: تقديس تراث الفقه ومساواته بالشريعة يجمد الفكر الإسلامي
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، إنّ الدعوة لتقديس التراث الفقهي ومساواته في ذلك بالشريعة الإسلامية، تؤدي لجمود الفكر الإسلامي المعاصر، ونقول اليوم إنّها أدت إليها بالفعل في عصرنا الحديث نتيجة تمسك البعض بالتقيد الحرفي بما ورد من فتاوى وأحكام فقهية قديمة، كانت تمثل تجديدا ومواكبة لقضاياها في عصرها التي قيلت فيه، لكنها لم تعد تفيد كثيرا ولا قليلة بمشكلات اليوم، تلك المشكلات التي لا تشابه نظيراتها الماضية، اللهم إلا في مجرد الاسم أو العنوان.
وأضاف الطيب، خلال تقديمه برنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر فضائية «DMC»، أنّ قضية التجديد الفقهي خاصة بمجال الأسرة والمرأة والأحوال الشخصية والاقتصاد والبنوك والربا والقضايا السياسية وغيرها ليست بنت اليوم ولا بنت هذا القرن، والحديث حول ذلك حديث طويل، والكلام فيه حوارا ومناقشات وتأليفا ومحاضرات عرفه المصريون منذ 25 عاما على الأقل، فتاريخ وفاة الإمام محمد عبده هو 1905، وهو رحمه الله لم يرحل إلا بعد أن ملأ أسماع المسلمين شرقا وغربا بأنّ شريعة الإسلام أوسع وأرحم بالناس من الأحكام الفقهية المأخوذة حصرا من المذهب الحنفي، مذهب دولة الخلافة آنذاك دون سائر المذاهب الأخرة وكغيره من أئمة الإصلاح شغلته قضايا المرأة بأكثر مما شغلته القضايا الأخرى، ورغم ذلك ظل الوضع على ما كان عليه قبل الإمام وبعده جمودا وخوفا من تحمل مسؤلية التغيير في أوضاع ارتبطت بالشريعة قرونا متطاولة.
وتابع الطيب، «جاء أحد الأساتذة بالأزهر الشريف وكلية الحقوق، وهو الدكتور محمد يوسف موسى ونشر بمجلة الأزهر بمايو 1953 مقالا ضافيا بعنوان كفانا تقليدا في الفقه، يلوم فيه علماء الأزهر وزملائه من أساتذة كلية الحقوق، وهو يرددون المقولة الشهيرة بأن صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ويكتفون بمجرد الترديد ومداعبة الأحلام والأماني دون أن يخطو خطوة واحدة على طريق تحقيق هذه المقولة وإنزالها للأرض وتطبيقها على واقع الناس وحياتهم».
وأوضح الإمام الأكبر: «وكان يرى أن السبب الأكبر بهذا الجمود والعقبة الكبرى التي تقف سدا منيعا في طريق التجديد هي عقبة التقليد الذي ران على القلوب والعقول منذ قرون طويلة، والعلة الأخرى التي لا تقل خطرا عن علة التقليد ويسميها الطفرة في الرغبة في الاجتهاد والتجديد وفتح الأبواب لكل من هب ودب ممن ليسوا أهلا لاجتهاد وممن يورن أنّه آن الآوان لهذا الباب أن ينفتح على مصرعيه بعد طول إغلاق وأن نجتهد ونستحدث ما يناسب العصر الذي نعيش فيه».