المبادرة تحصِّن أبناء المنيا ضد «الأوبئة».. والأهالي: كنا بنشرب مياه ملوثة.. ومفيش صرف.. والوضع تغير

المبادرة تحصِّن أبناء المنيا ضد «الأوبئة».. والأهالي:  كنا بنشرب مياه ملوثة.. ومفيش صرف.. والوضع تغير

المبادرة تحصِّن أبناء المنيا ضد «الأوبئة».. والأهالي: كنا بنشرب مياه ملوثة.. ومفيش صرف.. والوضع تغير

عقب أعوام عديدة من الانتظار تحقق حلم أبناء قرى محافظة المنيا، وأصبحت لديهم مشاريع ضخمة تخدمهم بعد عقود من الإهمال والتهميش، الآن أصبحت الأحلام واقعاً بعدما تبنّت مبادرة «حياة كريمة» العديد من المشروعات الخدمية، التي حُرمت منها تلك القرى لسنوات، وتصل إليهم مياه الشرب، وتحميهم المبادرة من الأوبئة بعدما كانوا يشربون من المياه الجوفية الملوثة بمخلَّفات المنازل.. طريق طويل وممتد لمسافة تزيد على 10 كيلومترات، بيوت متراصة إلى جوار بعضها البعض، على اليمين عند الدخول من مركز أبوقرقاص، بمحافظة المنيا، ترعة تمتد بطول القرية وتزيد لتصل قرى أخرى.

العمل المستمر والأصوات الصاخبة الناتجة عن آلات الحفر العملاقة أهم ما ميّز القرية التي حُرمت لعقود دام أمدها من الخدمات الأساسية والمرافق، ما أدى إلى ترسيخ يقين لدى أبناء القرية بأن قريتهم لن تصلها الخدمات يوماً، وستظل هكذا دون مرافق أمد الدهر.

تبدّد هذا الاعتقاد بعدما بدأت مبادرة حياة كريمة في تبطين الترعة التي أتعبت أبناء القرية لسنوات ممتدة، وعرّضت صغارهم للعديد من المشكلات، حيث كانت بمثابة مقبرة للأطفال بعد تكرار حالات الغرق بها، الأمر الذي جعل الأهالي يخشون على صغارهم من الترعة العميقة التي كانت تدور حولها الأساطير قديماً.

«الصغير»: «ماكانش حد بيسمع شكوتنا» مشرف «تطوير الترع»: نستهدف تعظيم الاستفادة من المياه

يقول عيد الصغير، أحد أبناء قرية الشيخ مبارك، التي شملها التطوير، إن تلك الترعة كانت مصدر إزعاج لأبناء القرية، بعد تكرار حالات غرق الأطفال بها: «عيالنا كانت بتغرق قدام عنينا، ده غير التعابين اللي كانت منتشرة طول الوقت بسبب البوص اللي كان حواليها».

أهالي قرية الشيخ مبارك: «أنقذت عيالنا من الغرق في الترع.. ده غير التعابين اللي ملت الدنيا»

ميزات عديدة لمشروع تبطين الترع لأهالي قرية الشيخ مبارك، من أكثرها أن هذا المشروع سيسهم بشكل كبير في توفير المياه، إلى جانب تقليل مخاطرها على الأطفال: «شكلها كان مزعج، والروايح فيها كانت مش حلوة، وبقالنا سنين بنطالب بتبطين الترع، وماكانش حد بيسمع شكوتنا».

يمسك بطرف الحديث المهندس حازم حسن، مشرف عملية تطوير الترع بمركز أبوقرقاص، ويقول إن مشروع تبطين الترع يُعد من أهم المشروعات القومية التي تتبناها الدولة في الآونة الحالية، وذلك لأن هذا المشروع سيوفر المياه: «مشروع قومي عظيم، ولازم يكون فيه اهتمام أكتر من الأهالي بالحفاظ عليه، لأنه يستحق فعلاً إن الكل يحافظ عليه». يهدف المشروع، بحسب «حسن»، إلى تعظيم الاستفادة من المياه، إلى جانب المساهمة في توصيل المياه لعدد أكبر من الأراضي الزراعية، وهنا يمكن زيادة الرقعة.

مع تدشين مبادرة حياة كريمة تغيّر الحال وتبدلت الأوضاع كثيراً لدى أهالى قرية نجع التل، الذين عانوا لعقود طال أمدها من عدم وجود صرف صحي، الأمر الذي دفعهم إلى بناء «طرنشات» لتصريف المخلَّفات، تشبه الغرف الكبيرة، يتم بناؤها تحت الأرض، وهنا تكمن الخطورة، لأن أبناء القرية كانوا يشربون من المياه الجوفية، التي ربما تختلط بمياه تلك الغرف الملوثة، وهذا يفسر بوضوح سبب تفشي فيروس سي بين أهل القرية.

بعدما علم خليل إبراهيم، أحد أهالي قرية نجع التل، بأن مبادرة حياة كريمة تبنّت مشروع إنشاء محطة صرف صحي، إلى جانب تركيب مواسير صرف داخل القرية، أحسّ بسعادة بالغة لم يشعر بمثلها يوماً: «ماكانش عندنا مياه شرب، ولا صرف صحي، كنا بنحفر في الأرض علشان المياه الجوفية، وأصلاً القرية كلها عايمة على مياه مجاري، اللي أكيد بتتخلط مع المياه الجوفية».

دعم الدولة للقرى الأكثر احتياجاً كان سبباً في إشعار المواطنين بالقرية بأن القيادة السياسية تفكر فيهم بعد عقود من الإهمال: «ماكناش بنشوف مسئول واحد حتى، ولا كنا نحلم إن رئيس مجلس المدينة يبص علينا من الأساس، لكن دلوقتي كل يوم فيه مسئول بيبص علينا، ويتابع أعمال الحفر».

جميع أبناء القرية يشاهدون أعمال الحفر من شُرفات المنازل المتهالكة، السعادة تبدو ظاهرة على الوجوه، ها قد تحقق حلم طال انتظاره لسنوات، تمنى خلالها السكان توصيل المرافق.

قرية جريس بمركز أبوقرقاص، هي الأخرى عانت لسنوات من عدم وجود صرف صحي، ما أشعر أبناء القرية بالإحباط، فلم يخطر ببالهم أن خدمة الصرف الصحي ستصل إلى القرية، لأن ذلك بالنسبة لهم كان حلماً صعب المنال، حتى جاءت مبادرة حياة كريمة وأيقظت بداخلهم الأحلام مرة أخرى. يقول محمد عبدالمجيد، 67 سنة، أحد أبناء القرية، إنه لم يكن يحلم بأن القرية يصلها الصرف الصحي، وذلك لأنها تنقصها خدمات كثيرة: «طول عمرنا ماعندناش خدمات، لكن مبادرة حياة كريمة حسستنا فعلاً إننا عايشين».


مواضيع متعلقة