ميدان طلعت حرب.. هنا "قبلة المتحرشين"

يرتفع صوت الباعة الجائلين المفترشين لشارع طلعت حرب، وسط حالة من الزحام الشديد، ضجيج السيارات يملأ المكان، أفيشات أفلام السبكي تتصدر المشهد في سينمات وسط البلد الفارهة، وتمتلئ الأرصفة بصفوف المتحرشين الذين تتفحص أعينهم وجوه وأجساد الفتيات اللاتي يتجولن في الشارع بحثًا عن فريستهم.. هنا طلعت حرب الذي تحوَّل إلى "قبلة المتحرشين" في عيد الفطر، فقد أصبح ميدان طلعت حرب المسمى باسم أحد أعظم رجال الاقتصاد الوطني في تاريخ مصر الحديث، ملاذًا آمنًا لمرتكبي جريمة التحرش الجنسي في العيد. [SecondImage] يقف في وسط الطريق بزيه الأبيض المميز بين السيارات في محاولة منه لتنظيم المرور، بالرغم من سنه الذي تجاوز الخمسين، وقال أحد رجال المرور بشارع طلعت حرب إن "نسبة إقبال الشباب من كل محافظات مصر في العيد بجانب وجود سينمات، ومحال تجارية هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع نسبة التحرش في طلعت حرب، حيث زادت في الثماني سنوات الأخيرة بنسبة تعدت 80% بعد حادث التحرش الشهير بالراقصة دينا في العيد"، وتابع قائلاً: "أفلام السبكي المبتذلة هي السبب الرئيسي وراء حوادث التحرش بسبب اللي هي بتصدره للشباب من حركات وألفاظ مسيئة ومبتذلة"[FirstQuote] وتابع رجل المرور قائلاً "بنقفل شارع عدلي وشارع شريف وطلعت حرب بسدادات لمنع السيارات، وفتحه فقط للمشاة في العيد، والأمن الشرطي متواجد بشكل كبير بجانب خدمة البحث المكونة من ضباط بالزي المدني لرصد أي حالة تحرش أو مخالفة وقت وقوعها".[ThirdImage] "إحنا كرهنا النزول في الشارع سواء في العيد أو غيره، بقا أمان تمشي جنب كلب مسعور و متمشيش جنب راجل" هكذا قالتها زينب، الفتاة العشرينية، بمزيج من الانكسار والغضب في محاولة منها لإخفاء الدموع التي بدأت تغزو عينيها، وتكمل قائلة: "حتى بعد حكم العشرين سنة على اللي اتحرَّشوا بالستات في التحرير، الوضع مش هيتغيَّر لأن العقول القذرة اللي شافية جسم البنت قطعة لحم لازم تتغطى هيفضلوا يشوفوها كده حتى لو ملفوفة بميت توب قماش". وقف على أحد الأرصفة بشارع طلعت حرب بجوار "فرشة" تحتوي على بعض "المحافظ" يطارد المارة بعبارات مختلفة في محاولة منه لجذبهم إلى بضاعته المرصوصة بشكل فني ومتناسق، قال مروان، بائع متجول: "لبس البنت الخليع هو السبب في التحرش اللي بيحصل لأنهم أصلًا نازلين في العيد عايزين يسمعوا كلمة وكمان الولد لما يشوف ده يطلع منه كلمة أو تصرف غصب عنه، لازم نعذرهم برضو"، ليتفق معه رضا، عامل بإحدى سينمات وسط البلد، قائلاً: "الولاد في العيد بتشرب حشيش ومخدرات وتنزل تتحرش بالبنات في العيد جوه السينمات كمان، والإدارة والشرطة مبتقدرش عليهم، فالحل الوحيد إن البنات متنزلش طالما عارفة إن في تحرش". سيدة ستينية تتجول في الشارع مع ابنتها لشراء بعض الاحتياجات، وتتفحص بشكل كبير كل من يمر بجانبها خوفًا من الذئاب البشرية التي تتجول بحثاً عن صيد سهل، "القانون هو الحل الوحيد، لازم القوانين تتفعل عشان تلم الأشكال دي بقى، أنا بخاف على بنتي من كتر ما بسمعه والشرطة مش قادرة تحمي نفسها عشان تحمي بناتنا، الشارع بقى غابة بكل ما في الكلمة من معنى"، هكذا قالت السيدة الستينية. "أنا كل صحابي ناس محترمة ومش بنعمل كدة أبدًا، بالعكس لو شفنا بنت بيتحرشوا بيها هنساعدها" هكذا خرجت الكلمات بمنتهي التلقائية والبراءة من الطفل يوسف الذي لم يتجاوز عمره الثالثة عشر عامًا، ليتابع بابتسامة خجولة على وجهه: "في ولاد بتنزل وسط البلد في العيد عشان يضايقوا البنات، عشان كده لازم البنت تكون جريئة ومتسمحش لحد إنه يمد إيده عليها وتفضحه". الأخبار المتعلقة "كورنيش النيل".. فيه تحرش قاتل بالصور| "الفسطاط" ضحية التحرش والسرقة والبلطجة.. ومدير الحديقة: "ده كلام عايم" الحديقة الدولية بمدينة نصر.. عندما يتحول المربع الأخضر إلى منطقة "افتراس" مع اقتراب العيد.. حملات مواجهة "التحرش" تنتشر في الأماكن العامة بالإسكندرية المنظمات النسائية تواجه التحرش بـ"أرقام الاستغاثة".. ومتطوعون لضبط المتحرشين والتعامل معهم التحرش "وليمة" للإعلام.. وخبراء: عدم المهنية تسيطر على المشهد المؤبد لـ"ذئاب التحرير".. حكم ينهي التحرش أو يبقي الحال على ما هو عليه التحرش والعيد.. مرض يقتل الفرحة "وسط البلد".. منطقة شهدت ظهور "أول تحرش جماعي" في مصر