التحرش "وليمة" للإعلام.. وخبراء: عدم المهنية تسيطر على المشهد

التحرش "وليمة" للإعلام.. وخبراء: عدم المهنية تسيطر على المشهد
بعد تكرار وقائع التحرش بشكل مُلفت في فترة الأعياد، سلَّطت وسائل الإعلام الضوء عليها بقوة، لفضح أمر الجناة بتصوير تلك الحوادث وعرضها على الرأي العام، ولكن وسائل الإعلام بذلك جنت بنفسها- دون أن تدري- على حق الضحايا، ومهنية الوظيفة ذاتها، وروَّجت للظاهرة أكثر مما عالجتها، باعتبارها "موسمًا إعلاميًا"، كما أكد عدد من الخبراء الإعلاميين.
"الإعلام لا يتعامل بالطريقة الصحيحة، ويجب أن ينقل المشكلة ويصل لأسبابها بشفافية لحلها"، كان ذلك رأي الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، في تصريح لـ"الوطن"، مضيفة أن الإعلام يعاني من حالة من الاختلال وعدم القدرة على ترتيب الأمور لمساندة المجتمع على تجاوزها، حيث إن الوسائل الخاصة وخاصة القنوات الفضائية تبالغ وتضخم من المشكلة وتندد بها خارج المسار الصحيح لها، فليس دور الصحافة هو الإثارة، على حد وصفها.
واستنكرت عبدالمجيد، قيام عدد من الوسائل الإعلامية بعرض صور وأسماء الضحايا، وحشد موظفي تلك الوسائل الإعلامية للحصول على وقائع تحرش للوصول "للانفراد الصحفي"، واصفة ذلك "بعدم المسؤولية أو الالتزام بمهنية العمل الصحفي".
وطالبت الإعلام بأهمية توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة واستخدام أسلوب التفكير العلمي لذلك، وعلى الإعلاميين أن يبذلوا مجهودًا أكبر لغياب الرؤية وتخطيط للأهداف في معالجتهم للقضايا المجتمعية.
فيما قال الدكتور سامي الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، إن التضخيم الشديد لوسائل الإعلام في تعاملها مع قضية التحرش بعرض اللقطات وفيديوهات التحرش، يكون حافزًا للمهتمين بزيادتها وتقليد تلك المشاهد، مضيفًا أنها تخالف المهنية والقيم والأخلاق، كما يتنافى عرض صور وأسماء النساء الضحايا للقانون.
وتابع الشريف بأن الإعلام يعاني من حالة انفلات شديدة في ظل غياب المهنية الإعلامية، وعدم وجود هيئة مستقلة ذات سلطة واسعة لمحاسبة المخطئين، مشيرًا إلى أن القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية الإلكترونية هي أكثر من ينتهك مبادئ المهنية، حيث إنها الأكثر انتشارًا الآن ولقدرتها على عرض الفيديوهات والصور أكثر من الصحف.
ووافقه في الرأي الدكتور فوزي عبدالغني، عميد كلية الإعلام بجامعة فاروس بالإسكندرية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على خصوصية المرأة المجني عليها، بعدم عرض صورتها أو اسمها إلا في حالة موافقتها، حتى لا يخالف الإعلامي قواعد المهنية وميثاق الشرف، لذلك ينبغي عليه إرجاع هذه الظاهرة للناحية العلمية والثقافية والأسرية لحل تلك المشاكل بدلًا من تضخيمها دون إيجاد الحلول الفعلية.
وأوضح عبدالغني أن وسائل الإعلام نجحت في حشد الرأي العام ضد التحرش، خاصة في فترة العيد، وأنها ظاهرة عمرها 5 سنوات، كانت بدايتها في حادث التحرش الجماعي في جامعة الدول العربية، وبعد ثورتيّ 25 يناير و30 يونيو، تم تناول الظاهرة من منظور الانفلات الأمني والأخلاقي، مع المبالغة الواضحة في التناول الإعلامي لها والتعامل معها على أنها "موضة" ذات طبيعة موسمية ولا يقومها، وهو ما يرسِّخ هذا السلوك الخاطئ، ويضر بالنسيج المجتمعي.[FirstQuote]
كما علَّق على هذا الشأن، الدكتور ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامي، بقوله إن التحرش ظاهرة تؤثِّر على النسيج الاجتماعي والمصلحة العامة مباشرةً، وتنال من حقوق الإنسان وكرامته، وتهزُّ من صورة الدولة، وبالتالي لوسائل الإعلام دور هام في أن تلقي الضوء عليها، وأن يسعى للتحقق والتأكد والتوثيق لهذه الظاهرة، مضيفًا أنه على الإعلام أن يكون ملتزمًا بأخلاقيات الإعلام، وقواعده، وألا يصطنع أو يبالغ، ولكن عليه أن يبحث عنها وينقلها بأقصى درجة من الإتقان.
الأخبار المتعلقة
"كورنيش النيل".. فيه تحرش قاتل
بالصور| "الفسطاط" ضحية التحرش والسرقة والبلطجة.. ومدير الحديقة: "ده كلام عايم"
ميدان طلعت حرب.. هنا "قبلة المتحرشين"
الحديقة الدولية بمدينة نصر.. عندما يتحول المربع الأخضر إلى منطقة "افتراس"
مع اقتراب العيد.. حملات مواجهة "التحرش" تنتشر في الأماكن العامة بالإسكندرية
المنظمات النسائية تواجه التحرش بـ"أرقام الاستغاثة".. ومتطوعون لضبط المتحرشين والتعامل معهم
المؤبد لـ"ذئاب التحرير".. حكم ينهي التحرش أو يبقي الحال على ما هو عليه
التحرش والعيد.. مرض يقتل الفرحة
"وسط البلد".. منطقة شهدت ظهور "أول تحرش جماعي" في مصر