بمزمار وفرقة.. «يونس» يعزف في شوارع القاهرة: عندي 5 بنات ونفسي أجوزهم

بمزمار وفرقة.. «يونس» يعزف في شوارع القاهرة: عندي 5 بنات ونفسي أجوزهم
- العزف
- عزف الموسيقي في الشارع
- الموسيقي في الشارع
- فرق المزمار
- عزف المزمار
- العزف
- عزف الموسيقي في الشارع
- الموسيقي في الشارع
- فرق المزمار
- عزف المزمار
بجلباب بلدي وعباءة تفترش منكبيه النحيلتين تواجه برد الشتاء عنه؛ يجوب الشوارع حاملا مزماره، تلك الآلة الموسيقية الضاربة في التاريخ والتي كانت تستخدم قديما لحث الجيوش على القتال؛ يحملها الخمسيني عازفا عليها مستجديا العطف من المحبين و«السمّيعة»؛ بأنغام «الضوء الشارد»، ومواويل محمد طه والعزبي التي يتغنى بألحانها كالكروان الشريد.
يجوب البلاد والشوارع والأزقة تاركا مسقط رأسه في البحيرة، طالبا الرزق كما يطلب الطير المهاجر الرزق في هجراته وأسفاره؛ مستجديا المال دون تصريح؛ متغنيا بطلبه مداعبا مزماره كما تتحسس الفلاحة ضرع بقرتها تستجدي منها اللبن؛ متغنية داعية صابرة.
أبو عبدالله يونس صاحب الخمسين سنة، يجوب الشوارع محاربا بمزماره صمت الأزقة وزحام الشوارع، بفرقته المكونة من عازفين، يعزف للمارة ليس للتعبير عن فنه ولكنها حيلة لجأ إليها لكسب الرزق بعدما كثرت مصاعب الحياة عليه.
ارتحل من مسقط رأسه من محافظة البحيرة إلى القاهرة بحثا عن الرزق، فيعزف مع فرقته المكونة من 3 أشخاص من بينهم نجله، طلبا للمال بعدما تسبب جائحة كورونا في تدهور حياته المعيشية.
في سن 7 سنوات كان مولعا بالموسيقى وىلات العزف، ذلك الشغف الذي دفعه للبحث عن كل الطرق لتعلمها، فلم يسر على درب والده محفظ القرآن وشيخ أحد المساجد بمسقط رأسه، «كنت بروح الفرق أتعلم، وفي خلال 4 سنوات كنت بعزف على المزمار والأورج والطبلة».
طول مدة تعلم «يونس» العزف على الآلات الموسيقية في أحد فرق المزمار في قريته، كان يحلم باليوم الذي يُكَون فيه فرقته الخاصة، «كان نفسي الفرقة دي تبقى مشهور وتطلب بالاسم في الأفراح والمناسبات، ونبقى مشهورين»، حتى نجح في تحقيق حلمه عندما تجاوز الثلاثين بقليل.
بعد أعوام ليست بالطويلة ذاع صيت فرقة «قسمة» التي أسسها، فاضحت له فرقته الخاصة؛ والتي تطلب في الأفراح بالاسم، «بنطلب في أفراح في محافظة البحيرة والأماكن المحيطة بيها، وبنعمل عروض مزمار ورقص خيول وغناء مواويل».
تبدلت أحوال «يونس» منذ انتشار جائحة فيروس كورونا، التي تسببت في إلغاء الأفراح والمناسبات المختلفة وتوقف نشاطه تماما، ونفذ ما ادخره لأعوام طويلة، وأصبح لا يملك لأسرته ما يكفل طعامها وشرابها، «أسرتي مكونة من 9 أفراد 4 أولاد و5 بنات كلهم في سن الجواز ومعيش أوفر فلوس جهازهم».
بعد أشهر من ضيق الحال قرر «يونس»، التوجه إلى القاهرة للبحث عن أي مصدر للدخل يعود على أسرته، فاصطحب معه نجله وأحد أعضاء الفرقة، يجوبون الطرقات يعزفون يطلب العون من الآخرين بالموسيقى والعزف، «ربنا بيكرمنا، بنقعد أسبوعين وبنرجع البلد نجيب أكل للناس اللي في البيت عشان يعيشوا»، وبعد الاطمئنان عليهم يعود للقاهرة مرة أخرى في رحلة جديدة.
خلال رحلته لم يكن بحثه عن المادة هو هدفه الوحيد، فيحاول أن يسعد الطبقات الكادحة والعاملين في الشوارع بعزفه، «ببقى في قمة سعادتي لما بلاقي عامل في محل أو شركة بيخرج يرقص معايا أو يفرح بالعزف بتاعي، ده عندي مهم وأغلى من أي فلوس».
«نفسي مسألش الناس».. تلك هي أمنية «يونس»، في الحياة، أن يتمكن من تلبية احتياجات أسرته المادية، وتوفير حياة مستقر لهم في ظل تلك الظروف الصعبة، حتى يتمكن من ممارسة عمله كالسابق.