بريد الوطن.. «على مهلك يا اسطى»

بريد الوطن.. «على مهلك يا اسطى»
فى هذه السيارة التى يقودها سائق عُرف بتهوره فى القيادة، وأثناء إسراعه بالسيارة على الطريق. انطلق صوت رجل كهل من المقعد الخلفى قائلاً: «بالراحة يا اسطى عشان إحنا مستعجلين»، ارتفعت أصوات معظم الركاب بالضحك على ذلك العجوز الذى يأمر بشىء ويرغب فى نقيضه، نظرت إلى العجوز فعلمت من ملامح وجهه أنه ما أراد أن يمزح بكلماته، وما صدرت منه تلك الكلمات عن خبل أصاب عقله، وإنما أراد بها حكمة، لم يفهمها إلا قليل من الركاب. هو أراد التأنى فى القيادة من أجل الوصول سريعاً، لأنه لو استمر ذلك السائق على نهجه فى القيادة لوقعنا فى حادث يتسبب فى عدم وصولنا إلى العمل فى الوقت المحدد، بل قد لا نصل إلى الأبد، لقد أطل العجوز من خبرته على نافذة المستقبل بواقع الحاضر، ومن رحلة السيارة إلى الرحلة الكبرى فى الحياة الدنيا فإن الكثير منا يريد الشىء فى وقته، وإن لم يتحقق فإنه يتحول إلى ساخط على قدر الله، لا يرى الشىء إلا فى ذاته وليس فى سياقه، فقد يكون فقرك فى ذلك الوقت خيراً لك فى المستقبل إن نظرت إليه بنظرة الغيب الذى لا يعلمه سوى الله، قد يكون حرمانك من المال شراً مؤقتاً ولكنه خير مطلق، وكذلك غيره من العطايا المرغوبة، حقاً، لو تعلمون الغيب لاخترتم الواقع.
د. عبدالرحمن صادق- عضو اتحاد الأدباء العرب
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com