بريد الوطن.. مسير الحى يتسفلت
بريد الوطن.. مسير الحى يتسفلت
فى الصغر كنت مختلفاً عن الأطفال، فلم أكن أحيا فى مدينة الأحلام ولا أتمنى الطيران ببساط علاء الدين، كانت أمنيتى تتلخص فى أننى أود الوصول إلى المدرسة بحذائى نظيفاً، أجل، فالمعتاد أن شوارع قريتى قرية سيف الدين بمحافظة دمياط تتحول إلى بحيرات، إن لم تملأها مياه الأمطار شتاء، أغرقتها قاذورات المجارى صيفاً، اعتدت على انقضاء يومى بين حمل هم الوصول للمدرسة صباحاً، وتنظيف ما قد أسفرت عنه عواقب الوصول للمنزل، وما هى إلا دقائق عقب الوصول للمنزل حتى أغرق فى سبات تراودنى فيه كوابيس الطريق وأحداثه.
وذات يوم أخبرنا المدرس بقدوم أحد نواب مجلس الشعب لمدرستنا، انتهزت الفرصة وأخبرت الرجل بعقبتى فى كيفية الوصول للمدرسة، وأخذت فى نشر القضية بين زملائى وتصاعد الموقف إلى بعض أولياء الأمور الذين شاركونا فى القضية، لكن لم يلتفت أى مسئول لمطلبنا وهو «صرف صحى جديد».
قررنا فى النهاية الاحتشاد فى أحد الميادين الكبرى لعل صوتنا يصل، وأدركت أن الثورة الحقيقية ليست بتغيير رموز وأشخاص، إنما الثورة هى التغيير العام فى السياسة المعتادة للدولة، وجلست على مصطبة دارى أتذكر مقولة جدتى حينما كان ينتابنى الملل والإرهاق من صعوبة الوصول لمقصد العلم «يا ابنى مسير الحى يتسفلت».
د. عبدالرحمن صادق
عضو اتحاد الأدباء العرب
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com
