التليفزيون المصري.. ستين سنة إبداع

التليفزيون المصري.. ستين سنة إبداع
- ماسبيرو
- التلفلزيون المصري
- 60 سنة ماسبيرو
- طارق حبيب
- ماما نجوى
- ماسبيرو
- التلفلزيون المصري
- 60 سنة ماسبيرو
- طارق حبيب
- ماما نجوى
"هنا مصر".. تتجمع وتلتقي وتبث إرسالها من هذه الكعكة العملاقة التي تتوسطها شمعة ضخمة.. هنا "ماسبيرو" المشرف على نيل القاهرة بين مبنى وزارة الخارجية الأنيق، ومبنى فندق هيلتون رمسيس ذو اللون الطوبي القاتم.. هنا "التليفزيون العربي" الذي أصبح في بلادنا "حاجة عظيمة.. بتسلي تمام زي السيما".
هنا مئات البرامج المميزة التي سحرت أفئدة العالمين: "نجمك المفضل"، و"سهرة مع فنان"، و"ركن الأطفال"، و"النادي الدولي"، و"أتوجراف"، و"العلم والإيمان"، و"حديث المدينة"، و"اخترنا لك"، و"العالم يغني"، و"تليسينما"، و"خلف الأسوار".. هنا "أماني ناشد"، و"سلوى حجازي"، و"تماضر توفيق"، و"طارق حبيب"، و"سلمى الشماع"، و"سمير صبري"، و"ليلى رستم"، و"أحمد سمير"، و"أحلام شلبي".
هنا الثلاث قنوات الرئيسية التي تسيدت البث لفترة طويلة قبل أن تلحق بهم القنوات المحلية، فالفضائية المصرية، فقنوات النيل المتخصصة.. هنا "ماما نجوى وبقلظ" صباح يوم الاثنين، ومسلسل الثانية عشر ظهراً على القناة الأولى، و"حديث الشعرواي" عقب صلاة الجمعة، ومباريات الأهلي والزمالك المنقولة من استاد القاهرة، وفيلم الأبيض والأسود في عصر يوم صيفي، وبرنامج "حياتي" عند غروب الشمس، وجلسات البرلمان الساخنة في المساء، و"حديث الروح" قبل نشرة التاسعة، وفيلم السهرة الأجنبي في "نادي السينما"، وفقرة الإعلانات الطويلة المملة التي تبدأ بـ"محمود إيه ده يا محمود"، وتنتهي بـ"هيجوزوني!!".
هنا حفلات أم كلثوم برقيّها وانسجام المستمعين "الشيك"، وخناقة عبدالحليم الشهيرة مع الجمهور ثم اعتذاره لهم علنا.. هنا مسرحيات التليفزيون الكوميدية، وعروض المسرح القومي، وحفلات باليه الأوبرا، و"سامر زكريا الحجاوي" للفن الشعبي.. هنا مسلسلات "الضحية"، و"هارب من الأيام"، و"عادات وتقاليد"، و"رأفت الهجان"، و"المال والبنون"، و"الوسية"، و"ليالي الحلمية" ومنين بييجي الشجن.
هنا أيام "رمضان جانا وفرحنا به".. و"ألف ليلة وليلة" بصوت "زوزو نبيل" واهتمام "عبدالرحيم الزرقاني": "اسمك اذن شهرزاد؟ جاريتك يا مولاي".. هنا فوزاير "المناسبات"، "وفطوطة مخرج انتيكا"، "ونيللي وشريهان"، و"يا شي يا شي يا شي.. مين فيكم ما عرفهاشي".. هنا "العيال كبرت" في عيد الفطر، و"الشيماء" في مولد النبي، و"الأيدي الناعمة"، في عيد العمال، و"رد قلبي" في ذكرى ثورة يوليو، و"الرصاصة لا تزال في جيبي" في الاحتفال بانتصارات أكتوبر.
هنا خطب عبدالناصر، صاحب قرار إنشاء التليفزيون، بعنفوانه واندفاعه وتحديه لأمريكا وإسرائيل، ثم هزيمته وانكساره "قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أي منصب رسمي"، وأخيراً جنازته الحزينة التي صبغت البلاد بالسواد: "الوداع يا جمال يا حبيب الملايين".. هنا حرب أكتوبر المجيدة، و"محمد البطل" يرفع العلم على أرض سيناء، والكاميرات تستعرض طوابير الأسرى الإسرائيليين بملابسهم الممزقة وشعورهم المنكوشة، و"عساف ياجوري" قائد اللواء الإسرائيلي المدرع، يظهر ليبدي ندمه على احتلال أرض لم تكن لهم.
هنا خطاب السادات بزيه العسكري يعلن النصر في مجلس الشعب، وجلساته في "ميت أبوالكوم" بالعباءة والعصا، يحكي قصة حياته أمام "همت يا بنتي"، والبث يمتد لينقل خطابه الأخير وهو يدق بقبضته متأسفاً على عفوه عن "الإخوان": "أنا كنت غلطان"، قبل أن يتصدر مشهد سقوطه قتيلاً في "المنصة" الشاشة الصغيرة.
هنا "مبارك" و"أول طلعة جوية.. فتحت باب الحرية" مروراً بـ"اخترناه وبايعناه".. وليس انتهاء بقراره "التخلي عن منصب رئيس الجمهورية وتكليفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.. والله الموفق والمستعان".
هنا نجوم ونجمات دخلوا البيوت بلا استئذان فلمعوا وارتفعوا إلى عنان السماء، وآخرين انحسرت عنهم الأضواء فلم يذكرهم أحد ولو بتحية عابرة.. هنا ساعات من البث لا تنقطع ليلاً أو نهاراً، فلا تفتتح كما كانت قديماً بالقرآن الكريم، ولا تنتهي بالسلام الجمهوري و"وششش".
هنا أقدم مبنى للإذاعة والتليفزيون في المنطقة كلها، والجامعة التي تخرج فيها آلاف المذيعين والمعدين والمخرجين فأثروا التليفزيونات العربية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.. هنا الريادة والسيادة وستين عاماً من الفن والعطاء والأبداع غير المنقوص، ولا تزال الرحلة الطويلة مستمرة.