البنوك المركزية تعلن حالة الطوارئ لحماية الاقتصاد العالمى من تداعيات "كورونا"

كتب: فاطمة نشأت

البنوك المركزية تعلن حالة الطوارئ لحماية الاقتصاد العالمى من تداعيات "كورونا"

البنوك المركزية تعلن حالة الطوارئ لحماية الاقتصاد العالمى من تداعيات "كورونا"

لم ينته العالم بعد من تلك الآثار السلبية والاقتصادية الناتجة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، علاوة على تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك بخلاف الاضطرابات السياسية فى كثير من الدول العربية كسوريا، وليبيا، ولبنان، ليشهد العالم اليوم هلعاً متمثّلاً بعاصفة فيروس «كوفيد-19»، المعروف بفيروس كورونا المستجد، الذى بدأ يهدد بقوة الاقتصاد العالمى، وخطوط التجارة والسياحة والخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية.

تخطى عدد الحالات المصابة بالفيروس ١٠٠ ألف شخص حول العالم، ومن المتوقع أن تصل الخسائر المالية للاقتصاد العالمى إلى ٣٤٧ مليار دولار، وفقاً لتقرير البنك الآسيوى للتنمية، بخلاف خسائر فادحة فى أسواق الأسهم العالمية تخطت ٣ تريليونات دولار، لتحاول البنوك المركزية حول العالم تقليص حدة تفاقم أزمة انتشار فيروس كورونا باستخدام أدوات السياسة النقدية لديها، حيث لجأت البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة فى كثير من دول العالم، وذلك لتشجيع المصانع على التوسع فى نشاط التصنيع، وتحفيز الطلب الاستهلاكى من أجل منع ركود عالمى محتمل.

بدأ البنك المركزى الصينى سلسلة خفض أسعار الفائدة عالمياً ليقرر فى فبراير الماضى خفض سعر الإقراض القياسى الجديد، وهو سعر الفائدة على القروض لمدة عام، ليصل إلى 4.05%، كما قام «المركزى الصينى» بضخ 100 مليار يوان، بما يعادل 14.29 مليار دولار فى السوق من خلال عمليات إعادة الشراء العكسى لسبعة أيام بمعدل فائدة 2.4%، فضلاً عن ضخ 200 مليار يوان بما يعادل 28.65 مليار دولار، من التسهيلات المتوسطة لأجل عام المقدمة إلى المؤسسات المالية بفائدة 3.15% بدلاً من 3.25%، مستهدفاً الحفاظ على السيولة فى السوق الصينية، وخفض تكاليف تمويل الشركات ودعم استئناف إنتاجها وسط اندلاع فيروس كورونا.

كما خفض البنك المركزى الصينى الاحتياطيات الإلزامية التى ينبغى على جميع البنوك الاحتفاظ بها، بواقع 50 نقطة أساس، ليتيح سيولة بنحو 800 مليار يوان بما يعادل 114.91 مليار دولار.

من جانبه قال ليو قوه تشيانغ، نائب محافظ البنك المركزى الصينى، فى تصريحات سابقة، «إن الصين تستهدف مسيرة متتالية من خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وستحافظ على توافر السيولة بشكل ملائم لمساعدة الشركات المتضررة من فيروس كورونا».

ومنذ عدة أيام خفض المجلس الفيدرالى الأمريكى معدل الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى نطاق من 1.00% إلى 1.25%، وتلك هى المرة الأولى منذ عام 2008 التى يخفض فيها «الفيدرالى» الفائدة بشكل طارئ، وفى بيان صادر عن «الفيدرالى» أوضح أن أسس الاقتصاد الأمريكى ما زالت قوية، لكن فيروس كورونا يشكل مخاطر متصاعدة على النشاط الاقتصادى، فى ضوء هذه المخاطر ودعماً لتحقيق أهدافها لتعظيم التوظيف واستقرار الأسعار تم خفض معدلات الفائدة. بينما تدخل دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى، معبراً بأن خفض معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية ليس كافياً، ولا بد من توجه الفيدرالى لمزيد من الخفض.

جاء ذلك متماشياً مع قرارات البنوك المركزية بخفض معدلات الفائدة فى العديد من الدول، على سبيل المثال وليس الحصر كندا، تايلاند، الفلبين، الإمارات، البحرين، السعودية، والكويت، بهدف التصدى لفيروس كورونا من خلال تشجيع المستثمرين على الإنتاج، ودفع عجلة نمو الاقتصاد العالمى.

بينما أوضحت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزى الأوروبى، بأن «المركزى الأوروبى» مستعد لاتخاذ العديد من الإجراءات لمكافحة الآثار الاقتصادية لتفشى فيروس كورونا، مشيرة إلى أن اقتصاد منطقة اليورو قوى وتمكن من تحمل العديد من الأزمات الاقتصادية التى مر بها العالم خلال السنوات الماضية.

وقرر البنك المركزى الأوروبى السماح لموظفيه بالعمل من المنزل، البالغ عددهم ٣٧٠٠ موظف، كما ألغى «المركزى الأوروبى» رحلات السفر غير الضرورية حتى ٢٠ أبريل القادم، فى ظل محاولاته الحفاظ على صحة وسلامة موظفيه من خطر كورونا.

"خفض الفائدة" و"نسبة الاحتياطى الإلزامى" و"ضخ السيولة".. أبرز أدوات البنوك المركزية للتصدى للوباء ومقاومة الركود

على المستوى المحلى اتبع البنك المركزى المصرى خلال العام الماضى 2019 سياسة التيسير النقدى من خلال خفض معدلات الفائدة 4 مرات بنسبة 4.5%، خاصة بعد تراجع معدلات التضخم الأساسى السنوى خلال العام الماضى مقارنة بالأعوام السابقة عليه ليصل إلى 2.4% بنهاية ديسمبر 2019، فضلاً عن تأثير العديد من الظروف العالمية، المتمثلة فى تباطؤ معدل النمو الاقتصادى العالمى. إلا أنه منذ بداية العام الحالى اختار البنك المركزى تثبيت أسعار الفائدة، ولكن ماذا عن اجتماع لجنة السياسة النقدية، المقرر انعقادها فى ٢ أبريل القادم فى ظل تفشى فيروس كورونا وضرورة تشجيع الشركات على الاستثمار والتصنيع، تزامناً مع تراجع معدلات التضخم الأساسى السنوى ليصل إلى ١.٩٪؟

قال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، فى تصريحات سابقة «إن القطاع المصرفى المصرى لن يتأثر بانتشار فيروس كورونا»، وأرجع ذلك إلى إطلاق البنك المركزى العديد من المبادرات لدعم الاقتصاد فى قطاعات السياحة والصناعة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتمويل العقارى، ودعم المتعثرين، بما يجنب الاقتصاد أى تداعيات اقتصادية لانتشار الفيروس، وأضاف نجم أنه من المتوقع أن تقرر لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى خفض معدلات الفائدة ولكن من أجل تنشيط البورصة والصناعة، خصوصاً المصانع المتعثرة التى تعمل الدولة على إعادتها للعمل خلال الفترة الحالية من خلال المبادرة التى أطلقتها الحكومة بالتعاون مع المركزى المصرى.

فى سياق متصل قال حازم حجازى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة، إن القطاع المصرفى المصرى جزء من النظام العالمى، وعلى الرغم من تأثر البنوك العاملة فى السوق المحلية من خفض حجم وحصيلة الاعتمادات المستندية وحركة التجارة الخارجية بنسبة كبيرة، إلا أنها ستكون فترة مؤقتة قد تستمر لأسابيع قليلة، وتابع حجازى أن القطاع المصرفى المصرى قوى وصلب وقادر على تحمل الأزمات، حيث تتمتع البنوك المصرية بمعدلات كفاية رأس المال مرتفعة للغاية مقارنة بمختلف الدول المماثلة، كما أن نسبة توظيف الودائع فى القروض ما زالت محدودة، التى سجلت حوالى ٥٠٪، مقارنة بدول أخرى تتخطى تلك النسبة ٨٠٪، وعلى رغم من إيجابيات زيادة نسب توظيف معدلات الودائع إلى القروض إلا أنها تجعل البنوك على المحك وأكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية حال عدم قدرة الأفراد على السداد نتيجة أزمة اقتصادية أو وباء كفيروس كورونا.

"فاروس": ضغوط عملات الأسواق الناشئة والاستثمارات الأجنبية قد تدفع "المركزى" لتثبيت أسعار الفائدة فى مطلع أبريل

من جانبها توقعت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة، اتجاه لجنة السياسة النقدية لتثبيت أسعار الفائدة فى اجتماعها مطلع أبريل المقبل، فى ظل الضغوط التى تتعرض لها عملات الأسواق الناشئة، والتى تؤثر على الاستثمارات الأجنبية، حيث من المتوقع أن يتبع البنك المركزى سياسة أكثر هدوءاً فى تطبيق دورة التيسير النقدى المخطط لها فى 2020، لتصل معدلات الفائدة إلى 11.25% للإيداع، و10.25% للإقراض مع نهاية العام الحالى.

رئيس "الغرف التجارية": تأثير "كورونا" على السوق المحلية محدود ومعدلات العرض والطلب والأسعار عند المستويات المعتادة

فى سياق متصل قال إبراهيم العربى، نائب الرئيس التنفيذى لمجموعة العربى، ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، ورئيس غرفة القاهرة، إنه حتى الآن لم تتأثر السوق المحلية بتفشى فيروس كورونا على مستوى العالم، وما زال معدل الإنتاج، وعمليات التصنيع، وحركة التجارة الخارجية، ومستويات الأسعار، ومعدلات الطلب عند مستوياتها المعتادة، مضيفاً أنه لن يتم حظر أى من السلع الصينية المصدرة لمصر.

فيما أشار العربى إلى أن اتجاه البنك المركزى نحو خفض معدلات الفائدة مرضٍ تماماً لأصحاب رؤوس الأموال، مضيفاً أنه إذا اتخذ البنك المركزى قراراً بتثبيت معدلات الفائدة سيكون وفقاً لبيانات ومعطيات بعد تحليلها والتنبؤ بنتائجها يراها «المركزى» تستدعى الحفاظ على معدلات الفائدة السائدة حالياً، موضحاً أن الاقتصاد المحلى مستقر وبدأ فى استرجاع صلابته ولن يتأثر بفيروس كورونا.


مواضيع متعلقة