د. محمود محيى الدين: الاقتصاد العالمى فى مرحلة ترقُّب.. ومصر تحتاج 8% معدلات نمو ليشعر المواطن بالنتائج.. وبرنامج الإصلاح بدأ يؤتى ثماره

كتب: رسالة واشنطن: دينا عبدالفتاح

د. محمود محيى الدين: الاقتصاد العالمى فى مرحلة ترقُّب.. ومصر تحتاج 8% معدلات نمو ليشعر المواطن بالنتائج.. وبرنامج الإصلاح بدأ يؤتى ثماره

د. محمود محيى الدين: الاقتصاد العالمى فى مرحلة ترقُّب.. ومصر تحتاج 8% معدلات نمو ليشعر المواطن بالنتائج.. وبرنامج الإصلاح بدأ يؤتى ثماره

«المستقبل ليس كما كان متوقعاً» تلك هى المسألة عند الاقتصاديين حول العالم، فى ظل تغيرات جذرية تطل على الخريطة الاقتصادية للدول وأفكارها تجاه ما هو قادم، فالفلسفة القديمة للإدارة لم تعد تجدى، حيث تتوارى المساومة والمهادنة فى السياسة الاقتصادية للدول الكبرى، وأصبحت «القوة» فى اتخاذ القرار هى العامل الأساسى للنجاح، أو لتخطى «سور القلق العظيم» الذى شُيّد حول العالم.

ووسط أجواء ملبّدة بالاضطرابات الاقتصادية العالمية، وفى مقدمتها الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، والمؤشرات السلبية لسوق السندات العالمية، وأزمة الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى غموض مستقبل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبى وما ترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على اقتصاد القارة الأوروبية، إلى جانب الاضطرابات والمشاكل الاقتصادية التى تطل على منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يلوّح بوجود أزمة اقتصادية جديدة، لا خلاف على أن مصر ستتأثر بها بشكل أو آخر. وفى ظل هذه الأحداث، تفرض الضرورة إدراك ما يحدث حولنا وتأثيره علينا من وجهة نظر «خبيرة» ببواطن الأمور، وهو ما دعا «الوطن» لمحاورة الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى لأجندة التنمية المستدامة 2030 وعلاقات الأمم المتحدة والشراكات، وذلك أثناء تغطية اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين، التى عُقدت فى واشنطن من 9 إلى 14 أبريل الحالى.

النائب الأول لرئيس البنك الدولى لـ"الوطن": السياسات التوسعية لعدد من الدول بعد أزمة 2008 أنهكت قوتها الاقتصادية

الدكتور «محيى الدين» يرى أن الطرح الخاص بصندوق النقد والبنك الدوليين حول توقعاتهما السلبية لمعدلات النمو للاقتصاد العالمى، مسألة فى غاية الأهمية لمستقبل الاقتصاد العالمى لإعادة اكتشاف أدواته وصياغة أسس جديدة لإدارة سياساته الاستثمارية والتجارية.

وأضاف أن الاقتصاد العالمى يواجه حالياً ما يطلق عليه عصر «المربكات الكبرى»، وأوصى بعدة أمور لتعزيز قدرات الاقتصاد المصرى فى ظل هذه المتغيرات، منها تعزيز جهود محاربة الفقر وتشجيع التنويع الاقتصادى والاستثمار فى تنمية العنصر البشرى. إلى تفاصيل الحوار:

دعنا ننطلق فى تساؤلاتنا من المناقشات التى شهدتها اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين خلال العام الحالى، والتى أشارت بقوة إلى وجود أوضاع اقتصادية مغايرة سيشهدها العالم تتطلب إجراءات استثنائية وخططاً بديلة؟

- ‏اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين ركزت على محورين رئيسيين ‏يتعلقان ‏بالتوقعات السلبية للنمو الاقتصادى العالمى‏ ومراجعتها مرة جديدة بالتخفيض عما كانت عليه ‏مقارنة بتقديرات العام الماضى، ‏وذلك فى ظل التطورات الاقتصادية العالمية المتعلقة بالعلاقات التجارية، والترقب والقلق فى السياسات النقدية العالمية لدى العديد من البنوك المركزية وأيضاً تراجع الإنتاجية والاستثمار، بينما يتعلق العنصر الثانى بالإجراءات ‏التوسعية التى اتخذتها بلدان متعددة فى السنوات التى أعقبت الأزمة المالية العالمية فى 2008، والتى «استنفدت قوتها الاقتصادية»، ‏وانعكست على معدلات النمو الاقتصادى فيها، وكانت أكثر انخفاضاً فى الدول المتقدمة، ‏فيما كان التأثير أقل فى معدلات نمو الدول النامية، ‏حيث سجلت معدلات النمو الاقتصادى فى الدول النامية أعلى من التقديرات العالمية بنحو نقطة مئوية عن المتوسط العالمى، والبالغ قدره 3.3٪، ‏فى حين تُقدر فى الدول النامية بنحو 4.4 ٪.

الاقتصاد العالمى يواجه عصر "المربكات الكبرى" حيث نزوح البشر وتغيرات المناخ وتسارع وتيرة التكنولوجيا

وما أبرز التحديات التى تتمثل فى تراجع معدلات النمو الاقتصادى للعديد من الدول؟

- ‏تتمثل المشكلة الرئيسية بالنسبة لتراجع النمو الاقتصادى فى عدم قدرة الدول على إدارة وخدمة ديونها السيادية، ‏وهو ما يزيد من مشكلة سداد وخدمة الدين، سواء للدول منخفضة الدخل، أو الدول متوسطة الدخل، أو الأعلى دخلاً، مما يجعل الأذهان تعود إلى ورقة «بالى» المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين، ‏والتى حذرا خلالها من ‏مشكلة ارتفاع عدد الدول منخفضة الدخل ‏التى تعرضت لضغوط نتيجة ارتفاع الديون والتى تضاعفت بالنسبة للدول منخفضة الدخل من حيث العدد، لترتفع من نسبة 22٪، إلى 44%، ‏كذلك الوضع بالنسبة للأسواق الناشئة والمتوسطة ‏فى إطار الوقاية من آثار سلبية تتعلق بإدارة وخدمة الديون السيادية.

وما الإجراءات التى تم الاتفاق عليها من خلال «ورقة بالى»؟

- تم إعداد ورقة بالى فى الاجتماعات السنوية الماضية لصندوق النقد والبنك الدوليين، وتم خلالها الاتفاق على عدد من الإجراءات ‏تتمثل فى تطوير قواعد البيانات وتحديثها، خاصة فيما يتعلق بالإعلان عن أرقام الديون، سواء المحلية أو الخارجية، وفقاً للقواعد العالمية فى الإفصاح، بينما يتمثل الإجراء الثانى فى زيادة كفاءة القدرات التحليلية عند ‏الدول المدينة، ‏وعرض سيناريوهات مختلفة للخروج من مأزق الدين، ويتمثل المحور الثالث فى ‏الاستعداد لتقديم العون الفنى وإتاحته للدول التى تريد التفاوض وإعادة جدولة الديون قبل حدوث الأزمة الاقتصادية، ويتمثل الإجراء الرابع فى الدفع بمعدلات النمو الاقتصادى‏ وتخفيض الاعتماد على الديون الخارجية عبر الاستثمارات، وزيادة التصدير، ‏والاهتمام بتعبئة الموارد المحلية، وضبط الموازنة العامة، حتى يقل الاعتماد على الاستدانة الخارجية.

"عدالة توزيع الدخل والثروة" المشكلة الأكبر فى ‏المنطقة العربية لاستحواذ 10٪ فقط على 60% من الدخل القومى

ذكرت من بين تلك الإجراءات تقليل الاعتماد على الاستدانة الخارجية، فما تأثير الاستدانة الخارجية على البلدان واقتصاداتها؟

- ‏يجب التأكيد على أن القروض الخارجية ليست كلها سيئة، فالقروض الخارجية التى تتسم بفترات سداد طويلة الأجل ويتم الحصول عليها للارتقاء بالبنية التحتية للدول، ‏ورفع كفاءة الاستثمار فيها، ومساندتها فى أوقات الأزمات، تكون أكثر إفادة من القروض التى توجه للاستهلاك، ‏أو لخدمة ‏ديون سابقة، ‏وهو ما يعنى أن ‏مدى الاستفادة من القروض الخارجية يحدد وفقاً لأنواعها ومجالات استخدامها وفترات استحقاقها. وعلى سبيل المثال إذا أرادت دولة تحقيق معدلات نمو اقتصادى تقدر بنحو 7%، إذاً فهى تحتاج إلى معدلات استثمار تقترب من 25٪ ‏إلى 28٪، بحسب كفاءة الاستثمار، ‏وبالتالى تُعتبر ‏تعبئة المدخرات عنصراً رئيسياً لتحقيق ذلك، إلا أن الوطن العربى يتسم بقلة المدخرات نسبة إلى الدخل القومى، بما فى ذلك الدول المتقدمة، فإذا كانت معدلات الادخار تقل عن 10٪ سيتم توفير النسبة المتبقية ‏عن طريق الاقتراض الخارجى أو الداخلى، ‏وهو ما يتم فى صورتين، إما عن طريق استثمارات خارجية سواء مباشرة أو غير مباشرة، أو السندات التى تُعتبر ديوناً، ‏أو الاقتراض المحلى من خلال البنك المركزى، والذى يُعتبر إصداراً نقدياً، ويجب الابتعاد ‏عن مجالات الإصدار النقدى، ‏والاقتراض غير المبرر، ‏وهو ما يحتاج العمل على زيادة الادخار وتخفيض العجز فى الموازنة العامة.

وماذا عن معدلات النمو المتوقعة فى البلدان العربية وكيف تتم زيادتها؟

- تشير تقديرات النمو الاقتصادى فى المنطقة العربية إلى نسب تتراوح بين 2.5% و3.5%، ‏والبلدان العربية ستكون قادرة على زيادة معدلات نموها عن تلك المعدلات من خلال ‏زيادة الطلب المحلى، أو بدافع من الاستثمارات فى البنية التحتية، أو من خلال زيادة حركة التصدير.

الدولة المصرية نجحت فى تشجيع الاستثمار عبر التجمعات الصناعية ويجب العمل على جعلها ركيزة للاستثمار والتصدير

وهل ترى أن معدلات الادخار فى البلدان العربية كافية للمساهمة فى تخفيض عجز الموازنة فيها؟

- تُعتبر المحفزات الادخارية، سواء كانت حجم الفوائد أو ثقافة الادخار، فى البلدان العربية ضعيفة، ‏مما يحتم ضرورة الاهتمام بتثقيف طلبة المدارس والجامعات بأهمية الادخار، ‏وتخصيص أوعية ادخارية للأطفال، ‏وهو ما قامت به ألمانيا واليابان، كذلك الاهتمام بالادخار لدى القطاع الخاص والحكومى، ‏لذا كان موضوع النمو الاقتصادى وسياسات إدارة الديون من الموضوعات المهمة التى تمت مناقشتها باجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين.

القروض الخارجية ليست كلها "سيئة" بشرط توجيهها للارتقاء بالبنية التحتية للدول ورفع كفاءة الاستثمار

هل ترى أن العالم يحتاج إلى إصلاحات وحلول أكثر شمولاً من فكرة الإصلاح الاقتصادى والمالى؟

- أُجريت مؤخراً مجموعة كبيرة من الدراسات التى تزامنت مع مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، فى محاولات لإعادة اكتشاف النظام الاقتصادى الذى تمارسه الدول، وربطه بمعايير الاستدامة، وفكرة الارتباط مع المجتمع، وإعادة النظر فى قواعد الرأسمالية العالمية، وإعادة العمل بقواعد نظام السوق والرقابة عليها. وقد أصدر البنك الدولى ما أطلق عليه «الاستثمار المؤثر»، والمتمثل فى 9 معايير رئيسية للاستثمار، وكيف يكون له أثر اجتماعى مثل الأثر الاقتصادى، أو أثر على الإيرادات والأرباح. وتم تدشين المعايير التى أطلقها البنك الدولى بعد مشاورات امتدت لأكثر من عام مع بنوك الاستثمار وشركات الاستثمار طويل الأجل، لتحديد التأثيرات التى تجعل لهذا الاستثمار مساهمة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحدثت عن تأثير الاستثمار الاجتماعى وهو الذى يكافح الفقر ويحسن من جودة خدمات التعليم والصحة، مع وضع معايير قابلة لقياس مدى تأثير الاستثمار على المجتمعات.

"القاهرة" مطالبة بتعزيز جهودها فى محاربة الفقر والاستثمار فى العنصر البشرى.. والترويج للاستثمار بحوافز غير تقليدية

يُعتبر الفقر المدقع من القضايا المهمة التى يضعها البنك الدولى ضمن أجندة أعماله.. ما أبرز جهود البنك فى محاربة تلك القضية؟

- يصنَّف عالمياً مَن هم بمنطقة الفقر المدقع بمتوسط دخل أقل من ‏دولار وتسعين سنتاً فى اليوم، وهذا المستوى يتم تعديله باختلاف الدول، إلا أن أحدث الإحصائيات تشير إلى أن عدد مَن هم تحت خط الفقر المدقع يقدر بنحو 700 مليون، أى نسبة 10٪ عالمياً، ‏إلا أن هذه النسبة سترتفع فى البلدان العربية من 2.6% إلى 5٪، ‏خلال ثلاث سنوات. ولعل المشكلة الأكبر فى ‏المنطقة العربية هى العدالة فى توزيع الدخل والثروة، حيث ‏تستحوذ نسبة الـ10٪ الأغنى منها على 60% من الدخل القومى، ‏فى حين تستحوذ الـ10٪ الأغنى فى قارة أوروبا على نحو 37٪ من الدخل القومى، ‏وتصل تلك النسبة فى الصين إلى 41٪، ‏والهند 55٪. ‏وتُعتبر محاربة الفقر المدقع هدفاً رئيسياً للبنك الدولى، بالإضافة إلى ما يُعرف بالمشاركة فى تعزيز ثمار النمو والتنمية، التى يتم قياسها على نسبة نصيب الـ٤٠٪ الأفقر فى المجتمعات من الدخل القومى لدولهم، وإذا تطرقنا إلى التجارب التى تمت فى هذا الصدد على مر الزمان سنجد أن نظام التأميم والمصادرات أثبت فشله، لكونه ضد الطبيعة الإنسانية، إلا إذا كانت هذه الأموال من مصادر غير مشروعة.

وما أبرز السياسات التى يتبناها البنك الدولى لمحاربة الفقر فى العالم؟

- يتبنى البنك الدولى 3 سياسات رئيسية لمحاربة الفقر المدقع، أولاها إتاحة الفرص بكفاءة بين أفراد المجتمع للحصول على التعليم والتدريب الجيد، والتميز فيها للحصول على فرص جيدة للوظائف دون عوائق، وهو ما يرتبط بالتعليم والتدريب والبنية الأساسية والمرافق، وتتمثل الثانية فى إعداد منظومة جيدة لإعادة توزيع الدخل والثروات، من خلال منظومة جيدة للمالية، عبر آليات الضرائب المباشرة وغير المباشرة، والضرائب العقارية، وغيرها من الضرائب التى تم تفعيلها فى أوروبا ونجحت فى تحقيق هدفها، فى حين تتمثل السياسة الثالثة فى تطبيق منظومة متكاملة تتضمن توفير الحد الأدنى من المعيشة عبر نظم الضمان الاجتماعى، ونظم المساندة المجتمعية فى العموم، خاصة فى مجالات التعليم والصحة والمواصلات، مما يتيح للمواطن مرونة يستطيع من خلالها تحمُّل باقى التكاليف المعيشية، ولهذا وُجدت الدولة بنظاميها الاجتماعى والاقتصادى.

ثقافة "الادخار" فى الوطن العربى ضعيفة ويجب تثقيف طلبة المدارس والجامعات بأهميته ‏وتخصيص أوعية ادخارية للأطفال

وكيف ترى التكلفة التى يحتاجها العالم سنوياً لتحقيق التنمية المستدامة؟

- تقديرات صندوق النقد الدولى أكدت أن الحكومات مطالبة بزيادة إنفاقها العام للوصول لأهداف التنمية المستدامة، (الأهداف الـ17)، خاصة التعليم والصحة والطاقة والنقل والمياه، التى تحتاج إلى تكلفة 2.6 تريليون دولار سنوياً، كما تحتاج مصر، وهى دولة متوسطة الدخل، لزيادة إنفاقها العام بمقدار 50% سنوياً على الأقل، حتى تستطيع أن تحقق أهداف التنمية المستدامة، فى حين تحتاج الدول منخفضة الدخل إلى زيادة إنفاقها بنحو 14% فى العام.

عدم قدرة بعض الدول على إدارة وخدمة ديونها السيادية "أزمة" حذرت منها ورقة "بالى" المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين

وكيف ترى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه مصر، وهل يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات؟

- اتخذت مصر خطوات مهمة جداً فى عملية الإصلاح الاقتصادى التى بدأتها بتحرير أسعار الصرف والقضاء على السوق الموازية للعملة، كما اهتمت الحكومة المصرية بالتوازى مع تحرير سعر الصرف بالعديد من الإصلاحات الأخرى، منها تخفيض عجز الموازنة، وتقليل حجم الديون، ومن المقرر استكمال تنفيذ إجراءات خاصة بتحرير أسعار الطاقة، وهى جميعها كانت مشكلات مزمنة. ويحتاج الاقتصاد المصرى إلى إعادة مراجعة ضوابط الأسواق الرئيسية، المتمثلة فى سوق العمل، وسوق التجارة، وسوق رأس المال بالمعنى الواسع، بما فيها القطاعات المالية المصرفية وغير المصرفية، إلى جانب ضرورة التجديد والتطوير بصفة عامة فى ظل الدخول على مرحلة المربكات الكبرى، حيث تم عمل ورقة كاملة Development committee، لإعطاء النصح المناسب للدول المختلفة فى هذا الشأن، وكيفية التصدى لهذه المربكات، وتم إطلاق مصطلح «المربكات» عليها نظراً لدور التكنولوجيا الجديدة فى إرباك السوق والأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى نزوح البشر، والتغيرات الحادثة فى المناخ.

700 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع.. ونسبتهم فى البلدان العربية ستتضاعف خلال 3 سنوات ومصر تحتاج إلى زيادة إنفاقها العام بمقدار 50% سنوياً للوصول لأهداف التنمية المستدامة

وما نسب النمو التى تحتاجها مصر ليشعر المواطن بثمار الإصلاح الاقتصادى؟

- تنمو مصر اقتصادياً بمعدلات أكبر من المتوسط العالمى، إلا أنها تحتاج إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادى أعلى لتعويض ما فقدته من نمو خلال سنوات كثيرة، مع وجود معدل نمو سكانى كبير، فمصر تحتاج دائماً أن يكون معدل النمو الاقتصادى أكبر من معدل النمو السكانى، والذى يزيد على 10%، حيث يُعتبر الـ7% أو 8% كمعدل نمو اقتصادى خلال 8 سنوات هو الحد الأدنى الذى سيمكّن المواطن من الشعور بنقلة نوعية، إذا ما تُرجم فى شكل خدمات.

بعد تطبيق حزمة من الإصلاحات التشريعية والتنفيذية لتشجيع الاستثمار.. هل ما زالت مصر بحاجة إلى أطر جديدة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص المحلى والأجنبى فى مسيرة التنمية؟

- فى بلد قوامه أكثر من 100 مليون مواطن، ومعدلات النمو السكانى به كبيرة ومستمرة، لا يمكن تلبية احتياجات الأسواق بالاقتصار على نوع معين من الاستثمار، وبالتالى يجب فتح مجال أوسع أمام الاستثمار بكافة أشكاله، واليوم ليس لدينا رفاهية الاستبعاد والاستقطاب لأنواع استثمار بعينها، ففى العام الماضى سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفاضاً شديداً بالسوق المصرية بلغت نسبته 27% عن العام السابق عليه. وكانت أكبر نسبة انخفاض ما بين الدول المتقدمة وبعضها، ولكن الدول النامية حافظت على نصيبها، وحالياً تحتاج مصر بشدة إلى الترويج للاستثمار بعد أن كانت تعتمد على تقديم حوافز تقليدية، فلم تكن المنافسة بذات القدر الموجود حالياً، ولم تكن العوائق أيضاً على حركة تدفقات رأس المال عالمياً بهذا القدر، كما أن المستثمر بشكل أساسى لا يبحث عن الوطنية، ولكن يبحث عن الربحية، مثل ما حدث فى أسواق أمريكا عقب إجراء الإصلاحات الضريبية التى أثرت على نشاط الدمج فى السوق الأوروبية، حيث أصبحت السوق الأمريكية أفضل من أوروبا، ومصر تمتلك سوقاً استثمارية كبيرة، بالإضافة إلى توافر كافة شرائح المستهلكين، ولذا يجب العمل على جعل مصر ركيزة للاستثمار والتصدير. وقد اتخذت الحكومة بالفعل خطوات جيدة فى مجال تشجيع الاستثمار، عبر التجمعات الصناعية التى تم إنشاؤها، ومنها تجمعات صناعات الجلود والأثاث، وهى ما يساعد المنتج والمستهلك فى آن واحد.

توتر العلاقات التجارية وعدم استقرار السياسات النقدية العالمية انعكسا بالسلب على توقعات النمو الاقتصادى والحكومات مطالبة بزيادة إنفاقها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحتاج إلى 2.6 تريليون دولار سنوياً

وهل ترى أن نسبة الإيرادات الضريبية فى مصر قياساً على حجم الناتج القومى جيدة؟ وكيف يمكن تحسينها؟

- نسبة الإيرادات الضريبية فى مصر أقل من 15% من حجم الناتج القومى، وهى نسبة ضعيفة للغاية، لكن هذا لا يعنى بالضرورة زيادة النسب الضريبية المقررة، بقدر ما يرتبط الأمر بمدى كفاءة التحصيل، والتقييم، والمتابعة، بالإضافة إلى تحسين أوضاع القطاع غير الرسمى الذى سيتم عبر تحسين أوضاع القطاع الرسمى أولاً، وزيادة دور القطاع الخاص فى التنمية والاستثمار، والذى بدوره ينقسم إلى القطاع الخاص المرتبط بالقطاع المالى، والآخر المتعلق بالمنتج، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة تطوير نظم ممارسة الأعمال، وتحسين مناخ الاستثمار، وتحديد المشروعات التى من الممكن مشاركة القطاع الخاص بها والاستثمار أيضاً فى تنمية العنصر البشرى، ونجد فى هذا الصدد نماذج متميزة مثل كولومبيا ورواندا، والتى نجحت فى جذب الاستثمارات الخاصة، وهو ما ساهم فى تقوية نظام المالية العامة لديها، وزيادة حجم الإيرادات.


مواضيع متعلقة