«منحنى العائد المقلوب»: الاقتصاد العالمى فى مرمى الخطر.. والمؤسسات الدولية ترصد تأثيراً متبايناً على مصر والأسواق الناشئة

«منحنى العائد المقلوب»: الاقتصاد العالمى فى مرمى الخطر.. والمؤسسات الدولية ترصد تأثيراً متبايناً على مصر والأسواق الناشئة
- البنوك المركزية العالمية
- الأزمة الاقتصادية العالمية
- أسعار الفائدة
- سندات الخزانة
- البنك الفيدرالى الأمريكى
- الاقتصاد
- المستثمرين
- البنوك المركزية العالمية
- الأزمة الاقتصادية العالمية
- أسعار الفائدة
- سندات الخزانة
- البنك الفيدرالى الأمريكى
- الاقتصاد
- المستثمرين
ترجمت السياسات والتحركات التى تقوم بها البنوك المركزية العالمية خلال الفترة الأخيرة اقتراب شبح الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك فى حالة من عدم قدرة السياسات النقدية على جذب «فرامل» الأمان قبل سقوط العالم فى هاوية الركود، حيث أصبحت آليات هذه البنوك بتحريك أسعار الفائدة لتوجيه الأسواق نحو حالة من التوسّع والانتعاش شبه عاجزة، فى ظل التطورات العالمية الحالية.
وتُعد سوق السندات العالمية صاحبة المردود الأول المتأثر من هذه الأزمة، التى عادة ما كانت بمثابة إشارة إنذار لدخول الاقتصاد العالمى فى حالة من الركود، فمنذ خمسينات القرن الماضى، وعلى مدار السبع موجات من الركود التى واجهها الاقتصاد الأمريكى، وكانت آخرها أزمة 2007، فإن الشواهد تؤكد أن هذه الأزمات دائماً ما تسبقها ملاحظة ظاهرة منحنى العائد المقلوب، ويعنى ذلك وجود فارق بالسالب بين العائد على سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر وأجل 10 سنوات، وهو ما يؤدى إلى انكماش فى الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى انهيار سوق الأسهم، واحتمالية حدوث أزمة مالية جديدة.
وفى هذا الصدد، أعلن البنك الفيدرالى الأمريكى ارتفاع العائد على سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر إلى 2.46%، بينما سجل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات نحو 2.42%، وهو ما يشير إلى وجود فارق بالسالب بين المعدلين، ولم يختلف الوضع كثيراً فى سوق السندات الألمانية التى حققت عوائد سالبة بين السندات طويلة الأجل وقصيرة الأجل لأول مرة منذ أكتوبر 2016، كما عمّقت السوق اليابانية الجراح لتصل إلى مناطق سالبة أكثر.
وتشير هذه النتائج إلى تراجع ثقة المستثمرين فى الاقتصاد العالمى، وذلك فى ظل التوترات التى يشهدها العالم، أبرزها غموض مستقبل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبى، مع تطور الكثير من الأزمات فى هذه المنطقة فى تركيا، التى تفقد كل يوم قوة عملتها، والميزانية الإيطالية التى تعوق الاتحاد الأوروبى، فضلاً عن الحرب التجارية التى ظهرت تداعياتها خلال الفترة الأخيرة، حيث جعلت الولايات المتحدة على أعتاب الدخول فى حالة من الركود الاقتصادى، وأثرت بالسلب على معدلات النمو فى الصين، لذا يفضّل المستثمرون الدخول فى استثمارات قصيرة الأجل تتمتّع بمخاطرة منخفضة عن الدخول فى استثمارات طويلة الأجل، فى ظل هذه التوترات.
تخارج صندوق النرويج السيادى من السندات الدولية أبرز ردود الفعل تجاه الأزمة.. وصندوق النقد: ثلثا التباطؤ المتوقع يرجع إلى أزمات الدول الغنية
كما جاء قرار صندوق الثروة السيادى بالنرويج، الذى تبلغ قيمته نحو تريليون دولار لإنهاء حيازته من سندات الشركات والحكومة فى الأسواق الناشئة، التى تشمل كلاً من المكسيك وكوريا الجنوبية وتشيلى وجمهورية التشيك والمجر وإسرائيل وماليزيا وبولندا وروسيا وتايلاند، مؤكداً أن حالة عدم الثقة لم تقتصر فقط على المستثمرين الأفراد، وإنما وصل صداها إلى أكبر المؤسسات السيادية استثماراً فى السندات، وذلك فى خطوة جديدة هزّت سوق السندات العالمية، فيما وجّه الصندوق ممتلكاته للاستثمار فى مشروعات البنية التحتية والطاقة الجديدة والمتجدّدة فى النرويج، وهو ما يشير إلى تحول وجهة المستثمرين إلى الاستثمارات الأقل خطراً، التى يحتاج إليها العالم الآن لتحريك معدلات النمو للأمام مرة أخرى من خلال زيادة معدلات الإنتاج.
ويبرز تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى حجم التحديات الجسيمة التى يواجهها الاقتصاد العالمى، حيث خفّض الصندوق توقعاته للنمو الاقتصادى العالمى للمرة الرابعة على التوالى، ليصل إلى 3.3%، مشيراً فى تقريره إلى أن التباطؤ الملحوظ يمثل انعكاساً لمجموعة العوامل التى أثرت على الاقتصادات الكبرى أو الدول الغنية التى يرى أنها ستكون السبب الأساسى فى تراجع النمو العالمى، مؤكداً أن ثلثى التباطؤ المتوقع فى 2019 يرجع إلى متاعب فى الدول الغنية.
وذكر التقرير أن اقتصاد منطقة اليورو فقد زخماً أكبر من المتوقع، مع ضعف ثقة المستهلكين والأعمال، واضطراب إنتاج السيارات فى ألمانيا، نتيجة تطبيق معايير الانبعاثات الجديدة، كما هبط الاستثمار فى إيطاليا مع اتساع فروق العائد على السندات السيادية، فضلاً عن تراجع الطلب الخارجى فى آسيا الصاعدة، كما تضرّر النشاط فى اليابان بفعل الكوارث الطبيعية.
"هيرميس": نجاح مصر فى الابتعاد عن الأزمة السابقة للأسواق الناشئة يرجّح كفتها فى حسابات المستثمرين.. و"فاروس": معدلات الفائدة الحالية تحجم المخاطر
وبناءً على الوضع الاقتصادى الراهن، قامت البنوك المركزية الرئيسية فى العالم بتحويل سياستها النقدية إلى توسّعية لضخ المزيد من السيولة فى الأسواق لإنقاذ الوضع من الدخول فى دوامة الركود، التى نجحت تاريخياً فى خفض تأثير الأزمات، حيث تراجع البنك الفيدرالى عن سلسلة الزيادات فى أسعار الفائدة، التى كان يتبعها خلال العام الماضى وأعلن عن نيته خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة، ويقوم بالإجراء نفسه البنك المركزى الأوروبى، الذى أعلن حزمة سياسات توسعية خلال العام الحالى، لكن مع وجود أسعار الفائدة الحالية عند مستوى منخفض بالفعل، مقارنة بالأزمات العالمية السابقة، هل تنجح آلية أسعار الفائدة فى مهمتها بإنعاش الأسواق، أم سنحتاج إلى آليات مالية جديدة لإنقاذ الوضع الاقتصادى المتردى؟
وأوضحت وكالة «بلومبرج» فى تقرير لها عن تباين تأثير منحنى العائد المقلوب بالولايات المتحدة على الأسواق الناشئة، مشيرة إلى أنه فى بداية الأمر قد يؤثر ذلك القرار إيجابياً، إذا اتخذ «الفيدرالى الأمريكى» قراراً بخفض أسعار الفائدة للحد من حدوث أزمة ركود حادة، وهو ما قد يدفع المستثمرين للبحث عن أسواق بديلة تقدم عوائد مرتفعة لاستثمار أموالهم بها، وسيكون للأسواق الناشئة نصيب كبير من هذه الدول.
وتابعت أنه فى المرحلة الثانية من تأثير ظاهرة العائد المقلوب على الأسواق الناشئة تكون سلبية، حيث إنه مع حدوث ركود أمريكى مدفوعاً بشكل غير مباشر بالمشكلات الاقتصادية الصينية، واتخاذ إجراءات تشدّدية لدعم الاقتصاد وتحفيزه، التى قد تخفّض حجم التبادلات التجارية بين الولايات المتحدة ودول الأسواق الناشئة.
وعلقت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار «فاروس»، على هذا الأمر، قائلة إن الأشهر القليلة الأولى من حدوث ظاهرة منحنى العائد المقلوب تتمكن الأسواق الناشئة من جذب رؤوس الأموال التى خرجت من الاقتصاديات الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبى، وذلك لارتفاع أسعار الفائدة بها، مقارنة بالسياسات التوسّعية، التى تقوم بها الدول المواجهة للأزمة، خصوصاً بعد توجّه الكثير من دول الأسواق الناشئة لرفع معدلات الفائدة لأرقام قياسية لاحتواء الموجات التضخمية التى تواجهها.
وأشارت «السويفى» إلى أنه فى حال دخول الاقتصاد الأمريكى فى حالة من الركود، ستتأثر دول الأسواق الناشئة بالتبعية بانخفاض قيمة المعاملات التجارية التى كانت تتم مع الولايات المتحدة.
ولعل سوق السندات المصرية تعتبر من أكثر المستفيدين من التطورات الأخيرة، فرغم توجّه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة، ثم أبقى عليها خلال اجتماعه الأسبوع الماضى، إلا أنها ما زالت مستقرة عند مستويات مرتفعة نسبياً.
وعقّب على ذلك محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار (هيرميس)، قائلاً إن أزمة منحنى العائد المقلوب قد تؤثر على مصر بنسبة محدودة، لأن كثيراً من المستثمرين أصبحوا على دراية ومعرفة كاملة بالظروف الاقتصادية لكل من الأسواق الناشئة، حيث إنه رغم حدوث أزمة الأسواق الناشئة الأخيرة فإن مصر لن تتأثر بشكل كبير، مقارنة بالأسواق الأخرى.
وأوضح «أبوباشا» أن 85% من الحالات الاقتصادية التى اتّخذ فيها قرارات بزيادة العائد على السندات قصيرة الأجل، مقارنة بمثيلتها ذات الأجل الطويل، يتبعها تباطؤ فى النمو الاقتصادى بشكل كبير، لذلك يعد منحنى العائد المقلوب مؤشراً مهماً لانعكاس المستقبل الركودى لاقتصاد الولايات المتحدة.