محمود عزت أمام القاضي: نظام "عبدالناصر" جاهلي ولا يستمد قوانينه من الشريعة.. والحكومة كفار

محمود عزت أمام القاضي: نظام "عبدالناصر" جاهلي ولا يستمد قوانينه من الشريعة.. والحكومة كفار
- سيد قطب
- اغتيال عبدالناصر
- حسن الهضيبى
- زينب الغزالى
- تنظيم 65
- مجلس قيادة الثورة
- الإخوان الإرهابية
- تنظيم الإخوان الإرهابية
- تنظيم الإخوان السري
- محمود عزت
- سيد قطب
- اغتيال عبدالناصر
- حسن الهضيبى
- زينب الغزالى
- تنظيم 65
- مجلس قيادة الثورة
- الإخوان الإرهابية
- تنظيم الإخوان الإرهابية
- تنظيم الإخوان السري
- محمود عزت
المفاجأة الكبرى فى تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع المتهم محمود عزت، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب آنذاك، التى جرت يوم ٢٠ نوفمبر ١٩٦٥ الساعة الثانية ظهراً واستمرت ٥ ساعات و٢٠ دقيقة، تكمن فى الشخص الذى جند محمود عزت وذهب به -عبر وسيط- إلى عبدالفتاح إسماعيل، أحد أكبر الفاعلين فى تنظيم سيد قطب، وواحد من تروسه الهادرة.
شاب سورى -مثلما حدث مع بديع- هو الذى جند محمود عزت، والمتاح لدى عزت ولدى وكيل نيابة أمن الدولة العليا ممدوح البلتاجى أن اسم هذا الشاب الذى يدرس فى كلية الزراعة هو «مروان حديد».
المستقبل وحده يحمل بين طياته مصيراً مثيراً جداً لهذا الشاب الذى سيؤسس فصيلاً مسلحاً فى «حماة» فى سوريا سيحمل اسم «الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين»، سيعزى إليه فيما بعد مذبحة حماة الشهيرة عام ١٩٨٢.
إرهابى سورى يدعى "مروان حديد" جنّد "عزت" وألحقه بالإخوان
مروان حديد صار رقماً صعباً فى المعادلة السورية الداخلية بعدما قاد التيار الإسلامى هناك لأقصى درجات الصدام مع السلطة وسعى لتسليح كوادره وتأسيس الأجنحة السرية المسلحة داخل أروقة الدولة السورية، ليصبح واحداً من أعتى رعاة الإرهاب فى سوريا الشقيقة.
الكيمياء لعبت دوراً بالغاً فى تذويب الجدران الفاصلة بين الشابين «عزت وحديد» حين تشاركا وجهتى نظريهما عن الإسلام والحكومات والحكم، حتى أحس مروان حديد بضرورة توصيل محمود عزت إلى من يكمل به الطريق.
لكن المفارقة أن عبدالفتاح إسماعيل نفسه، وفقاً لإفادة محمود عزت فى التحقيقات، سيقول عن مروان حديد: «رجل مسلم قوى إلا أنه مندفع فى تصرفاته»..
ثم لم تلبث الأقدار إلا أن ألقت بكل من الثلاثة إسماعيل وعزت وحديد لنهاية تراجيدية بامتياز.
التحقيقات معه تكشف انغماسه فى تصوراته ورؤاه عن الإسلام والدولة والعالم
لكن مسار التحقيقات مع «نائب المرشد» المختفى، يعكس شخصاً واثقاً من نفسه ومنغمساً فى تصوراته ورؤاه عن الإسلام والدولة والعالم، وعلى قدر كبير من الإحاطة بتفاصيل التنظيم السرى الذى انتمى له، ولديه القدرة الذهنية واللغوية للإبانة عن هذه الأفكار، بل وصبغها بشخصيته الخاصة أحياناً، والقفز بالتصورات إلى خطط بعيدة المدى.
وستبدو القدرة التنظيمية مهيمنة على إجابات عزت، الذى سيدخر له القدر إدارة تنظيم الإخوان المسلمين فى لحظات ما قبل الانهيار والإعياء التام التى تلت ما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، حتى إنه إلى اليوم ما زال فى مخبئه السرى الذى لا يعلم أحد عنه شيئاً.
ومنذ اللحظة التى جنده فيها عبدالفتاح إسماعيل، اتفق معه على اتخاذ اسم حركى هو وكل فرد فى مجموعته، فكانت كنية محمود عزت «أبويوسف». إلا أنه عكف هو ورفاقه على اتخاذ أسماء أخرى فاقترحوا «دعبس» و«حسبو» و«بسيونى» إلا أن عبدالفتاح إسماعيل نهرهم وقال إن الأمر ليس هزلاً!
ورغم الانغماس الكلى فى التنظيم، فإن «عزت» يذكر أن السيد صلاح الدين السيد أحمد ابن خاله كان يهاجم سيد قطب، ذاكراً أن اتجاه القوة والعنف الذى يرد فى كتاباته سيرى أى إصابة المسلمين بالضرر.. لكنه رغم هذه الآراء لن ينثنى عزمه عن المضى قدماً فيما هو فيه.
يكشف «عزت» فى إجاباته على المحقق ممدوح البلتاجى، تفاصيل مدهشة عن انتمائه لجماعة الدعوة والتبليغ قبل التحاقه بالإخوان حين أحس أن الأولى لا تلبى طموحاته:
«أنا بدأت بعد تربيتى الدينية أبحث عن حل لكى يكون الإسلام وهو دين ودولة مطبقاً فى جميع نواحى الحياة وقد عاصرت فريد الواقى، صاحب جماعة الدعوة والتبليغ وسافرت معه فى جوامع الإسكندرية ومرسى مطروح ولكن شعرت بأن هذا الاتجاه سلبى ويدعو إلى الاعتكاف فى المساجد وعدم مخالطة المجتمع والتأثير فيه وكانت هذه الدعوة كذلك تقتصر على مظاهر الدين كإطلاق اللحية ولبس الجلباب ويعتبرون ذلك من صميم الإسلام ولقد شعرت بهذه السلبية بعدما كشف لى ذلك الشيخ عبدالفتاح إسماعيل فى لقاءاتى به وأحسست بأن الاتجاه السليم هو الانضمام إلى جماعة تمكين القرآن عن طريق تكوين أفراد مسلمين مرتبطين بتنظيم يحاول الوصول إلى مراكز القيادات فى المجتمع عن طريق تكوين كفاءات ممتازة تتمكن من تحريك المجتمع».
هذه الإجابة الشافية التى لا تتلعثم ولا تتلكأ فى الإفصاح عن مكنون نفس صاحبها ستدفع وكيل النيابة لاستجلاء موقف «عزت» من نظام حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وسيدير معه حواراً شائقاً، سيبدو الفضول الشخصى للمحقق حاضراً فيه:
ما وجهة نظرك العقائدية فى تقييم نظام الحكم الحاضر؟
- إن نظام الحكم الحاضر لا يستمد تشريعاته من القرآن، ولذا فإنه نظام جاهلى.
وما المقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمجتمع الإسلام المنشود لديك وما أوجه تناقضها مع مقومات المجتمع المصرى ونظام الحكم الحاضر؟
- من الناحية السياسية فإن مجتمع الإسلام الذى أنشده هو الذى يقوم فيه تنظيم سياسى على أساس الأحكام المستمدة من القرآن وهى أن يكون هناك أمير للمؤمنين ومجلس للشورى وكل التشريعات التى يطبقها هذا الحاكم المسلم تكون صادرة من القرآن والسنة وهذا يتناقض مع الوضع السياسى الحالى فهو غير مستمد من القرآن.
إذن، فقد كانت هناك حتمية لصدام عنيف بين الجماعة السرية وبين الحكومة؟
- طبعاً لأن إحنا بنعتبر الحكومة من الكفار وطواغيت الأرض.
وما الذى أعدته الجماعة السرية لحتمية الصدام العنيف بينها وبين الحكومة إذا اكتشفت الحكومة أمر هذه الجماعة؟
- السرية الكاملة!
ولكن السؤال الموجه إليك هو عن الإعداد الذى وفرته الجماعة السرية لنفسها لتواجه الصدام العنيف المحتم الوقوع بينها وبين الحكومة إذا اكتشفت الحكومة أمر هذه الجماعة.
- علمت فى نهاية الأمر أنهم يعدون أفراد مسلحين لمواجهة الصدام مع الحكومة ولكن لم أعلم هذا فى بادئ انضمامى للجماعة.
عند هذه النقطة ستتطور إجابات محمود عزت لتكشف عن تصوره عن التسلل الناعم لمفاصل الدولة ودفع أفراد التنظيم للالتحاق بكافة الهيئات فى انتظار لحظة القفز على الحكم، وهى الأساس الذى سيدمغ تحركات الإخوان المسلمين لعقود.
يسأل «البلتاجى»:
وما مبرر السرية الذى اتسم بها هذا التنظيم ابتداء إذا كنت تقدر أن الحكومة لن تهاجمه طالما أنه غير مسلح؟
- الجماعة سرية لأنه لا توجد وسيلة للوصول إلى الحكم إلا عن الطريق السرى.
وكيف يمكن أن يوصل العمل السرى إلى الحكم؟
- بأن الجماعة تستطيع بعدم إعلان مبادئها تجنب الهجوم ابتداء وأن كل فرد فيها سينال فرصة فى الوصول إلى منصب يستطيع أن يطبق الإسلام وكمجموعة يمكن تطبيق الإسلام فى جميع شئون الدولة بأن تكون الجماعة متكاملة فى جميع الشئون الخاصة بالحكم.
ولماذا لا يكتفى كل فرد من أعضاء هذه الجماعة بأن يطبق على نفسه وأسرته الإسلام حتى إذا ما أتاحت له مؤهلاته وظروفه العادية أن يلى المنصب الملائم أن يطبق من خلاله فى مسلكه وعمله التعاليم التى تتفق والإسلام إذا صح ما تزعم؟
- لا يمكن حكم الدولة إلا عن طريق تولى كافة الشئون وأدوات الحكم أو على الأقل غالبيتها.
وفى نهاية التحقيق، سنصل إلى مفاجأة مدوية، حول المصادر التى يجمع منها تنظيم سيد قطب معلوماته ويكتب من خلالها تقاريره!
يسأل وكيل نيابة أمن الدولة العليا:
وما المصادر التى أرشدكم عبدالفتاح إسماعيل لتستقوا منها المعلومات التى كلفكم بجمعها وكتابتها فى تقرير يقدم إليه؟
- هو لم يحدد المصادر وقال لنا من أى مصدر.
ما قولك فى أن محمود فخرى قد قرر أن عبدالفتاح إسماعيل قد طلب منكم استقاء هذه المعلومات من بين إذاعات لندن وإسرائيل، ذاكراً لكم أن الأنباء التى تذيعها هاتان المحطتان عن الأوضاع فى مصر تمثل الحقيقة التى لا يمكن معرفتها من مصادر الأنباء المحلية؟
- عبدالفتاح إسماعيل فعلاً كان بيستمع لمحطة إسرائيل وكان يصف أخبارها بأنها صحيحة وحقيقية ولكن مش متذكر إذا كان طلب منا الاستماع إلى إذاعة لندن وإسرائيل أم لا، ومحمود فخرى قد يكون أكثر ذاكرة منى ولكن أنا لم أستمد المعلومات التى قدمتها لعبدالفتاح إسماعيل من محطتى لندن وإسرائيل ولم أستمع إليهما.