تحذيرات دولية من التدخل العسكري التركي في ليبيا

تحذيرات دولية من التدخل العسكري التركي في ليبيا
أعلنت عدد من دول العالم رفضها لقرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل عسكريا في ليبيا، وذلك بعد حصوله على موافقة البرلمان التركي لإرسال وحدات عسكرية لمساندة ميليشيات حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، محذرة من الدخول العسكري المباشر ، وكان آخر تلك التحذيرات صدرت أمس من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش.
حيث حذر "جوتيريش" من مغبة إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، معتبرا أن أي دعم أجنبي للأطراف المتحاربة هناك يهدد بتصعيد الأزمة.
وأضاف في بيان له، أن أي دعم أجنبي للأطراف المتحاربة لن يؤدي إلا إلى تعميق الصراع المستمر، وسيزيد من تعقيد الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي سلمي وشامل.
وأكد أن الانتهاكات المستمرة لحظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 الصادر في 2011 وتعديلاته في القرارات اللاحقة تزيد الأمور سوءا.
و شدد "جوتيريس" على أن التقيد الصارم بالحظر ضروري لتهيئة بيئة مؤاتية لوقف الأعمال القتالية"، مجددا دعوته إلى "وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، وعودة جميع الأطراف إلى الحوار السياسي".
كما أعرب أيضًا الاتحاد الأوروبي، في بيان له، عن "قلقه البالغ" بشأن قرار تركيا بالتدخل عسكريا في الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا، وأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية، والإجراءات التي تدعم هؤلاء الذين يقاتلون في الصراع ستزيد من زعزعة استقرار البلاد والمنطقة ككل".
وشدد البيان على أنه يتعين على جميع الشركاء الدوليين الالتزام بـ "الاحترام الكامل" لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا ودعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة.
وأضاف البيان "سيحتفظ الاتحاد الأوروبي بمشاركة نشطة في دعم جميع إجراءات خفض التصعيد والخطوات المؤدية إلى وقف فعال لإطلاق النار واستئناف المفاوضات السياسية".
كما أجرى وزير الخارجية، سامح شكري، اتصالات مع سكرتير عام الأمم المتحدة، ومستشار الأمن القومي الألماني، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لمناقشة الوضع في ليبيا.
وأكد بيان وزارة الخارجية على "فيس بوك"، أنه تم التأكيد خلال اتصالات "شكري" على رفض التصعيد التركي في ليبيا، وضرورة تفعيل كل الآليات الممكنة للحيلولة دون حدوث أي تدخُل في ليبيا بما يخالف القانون الدولي.
وجرى التأكيد أيضًا على أهمية العمل للحفاظ على فرص التوصل إلى حل سياسي من خلال عملية برلين، التي تم التأكيد على دعمها الكامل خلال تلك الاتصالات.
كما أدانت مصر، أول أمس، موافقة البرلمان التركي على تفويض الرئيس رجب طيب أردوغان إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا.
وحذرت أنقرة من مغبة التدخل في ليبيا، وقالت الخارجية إنّ أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا هو تطور يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، مما يستوجب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات.
وأضافت الخارجية: "تدين جمهورية مصر العربية بأشد العبارات، اليوم الثاني من يناير 2020، خطوة تمرير البرلمان التركي المذكرة المقدمة من الرئيس التركي بتفويضه لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، وذلك تأسيساً على مذكرة التفاهم الباطلة الموقعة في إسطنبول بتاريخ 27 نوفمبر 2019 بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري".
وأعلن البيت الأبيض، في بيان، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أبلغ أردوغان في اتصال هاتفي بأن "التدخل الأجنبي يعقد الوضع في ليبيا".
كما أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة القرار التركي إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، معتبرة إياه انتهاكا واضحا لمقررات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا.
وحذرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيان لها، من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، مؤكدة رفضها لأي مسوغات قانونية واهية تستخدمها تركيا.
وقالت إن مثل هذا التدخل يمثل تهديدا، واضحا للأمن القومي العربي واستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط.
ونوهت الوزارة بالدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات المتطرفة والإرهابية عبر نقل عناصر متطرفة إلى ليبيا، مما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المُسلحة الذي تدعمه تركيا.
كما أشارت إلى مخالفة فايز السراج، عبر توقيعه مؤخرا مذكرتي التفاهم مع الجانب التركي - للاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات في ديسمبر 2015، وبالأخص المادة الثامنة التي لم تخول السراج صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد، وخولت في ذلك المجلس الرئاسي مجتمعا، واشترطت مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التي يبرمها المجلس الرئاسي.
ودعت الوزارة، في بيانها، المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته في التصدي لهذا التطور التركي، المنذر بالتصعيد الإقليمي، وآثاره الوخيمة على جهود التوصل عبر عملية برلين والجهود الدولية الساعية لتسوية شاملة من خلال المسار الدولي.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، أنّه تحدث مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قائلا إنّه حذر أردوغان من تداعيات التدخل العسكري في ليبيا، لافتا إلى أن تلك الخطوة من شأنها أن توقع العديد من الضحايا المدنيين، ولن تكون في صالح أي جانب.
كما رفع الجيش التونسي درجات التأهب الأمني على الحدود مع ليبيا، تحسباً لأي موجات نزوح ربما تتجه نحو تونس، نتيجة احتدام المعارك بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات التركية الموالية لحكومة الوفاق، كما قرر مجلس الأمن الوطني الجزائرى، الجمعة، اتخاذ إجراءات أمنية "احترازية" لحماية الحدود المشتركة مع ليبيا، وفقاً لما أعلنته الرئاسة الجزائرية.
وخرجت تظاهرات في عدة مدن ليبية منددة بالتدخل التركي الوشيك في ليبيا، بعد إقرار البرلمان التركي، مشروع قانون لإرسال جنود أتراك إلى طرابلس للقتال بجانب حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ضد الجيش الوطني الليبي.
ورفع المتظاهرون في مدينة بنغازي لافتات منددة بالتدخل التركي والرئيس رجب طيب أردوغان الذي وصف بالداعم للجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا.
كما أصدرت قوى التجمعات الوطنية الليبية، بياناً تدين فيه بشدة التهديدات التركية، بإنزال قوات عسكرية تركية على الأراضى الليبية.
وقالت قوى التجمعات في بيانها، إن "التهديد بإنزال قوات تركية على الأرض الليبية يعد غزواً وانتهاكاً لسيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، وكل المنظمات القارية والإقليمية، كما أنه يعد تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، نظراً لما يحمله من تداعيات إدخال إقليم المتوسط وشمال أفريقيا، في صراع مسلح، سيكون الخاسر الوحيد فيه، الشعب الليبي ومقدراته الاقتصادية".
وأكدت قوى التجمعات، أن "اعتماد الرئيس التركى فى تدخله المباشر في الشؤون الداخلية لليبيا على مذكرتى تفاهم في مجالى الأمن والتعاون العسكري وتحديد الحدود البحرية وقعها مع فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، يفتقر إلى الأسس القانونية الوطنية الليبية والأعراف والقوانين الدولية".
من جانبه أعلن المشير خليفة حفتر، "الجهاد والنفير والتعبئة الشاملة" لصد أي تدخل عسكري تركي في بلاده، قائلا: "على كل ليبي حر حمل السلاح، رجالا ونساء، عسكريين ومدنيين، لندافع عن أرضنا وعرضنا وشرفنا".