أستاذ قانون دولي: "الجنائية الدولية" يمكنها إدانة دول ليست من أعضائها

كتب: حسن رمضان

أستاذ قانون دولي: "الجنائية الدولية" يمكنها إدانة دول ليست من أعضائها

أستاذ قانون دولي: "الجنائية الدولية" يمكنها إدانة دول ليست من أعضائها

أعلنت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، أمس، إنها تريد فتح تحقيق شامل في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، وقالت: "أعرب عن ارتياحي إزاء وجود أساس معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين"، فيما لم يشر البيان إلى مرتكبي الجرائم المزعومة، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

وأوضحت بنسودة: "لدي قناعة أن هناك جرائم حرب، ارتكبت أو ما زالت ترتكب في الضفة الغربية، بما يشمل القدس الشرقية وفي قطاع غزة"، مضيفة أن قبل فتح التحقيق، ستطلب من المحكمة، أن تقرر ما هي الأراضي المشمولة ضمن اختصاصها، بسبب "فرادة الوضع القانوني والوقائع المرتبطة بهذه الحالة، والخلافات الشديدة حولها"، موضحة: "سعيت بشكل خاص للحصول على تأكيد أنّ (الأرض) التي يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها عليها، والتي يمكنني أن أخضعها للتحقيق، تشمل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة".

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية، في عام 2002، كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. وحضت بنسودة القضاة على الفصل باختصاص المحكمة "من دون تأخير غير مبرر"، وأشارت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، إلى أنّها لا تحتاج إلى طلب أي إذن من القضاة لفتح تحقيق إذ ثمة إحالة سابقة من الفلسطينيين، الذين انضموا إلى المحكمة في 2015، موضحة أنها ستطلب من المحكمة، تحديد ما هي الأراضي المشمولة ضمن صلاحياتها، كون إسرائيل ليست عضوا في المحكمة.

وأضافت بنسودة، أن جميع المعايير القانونية التي ينص عليها ميثاق روما "معاهدة تأسست بموجبها المحكمة جنائية الدولية" توافرت، وتسمح بفتح تحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب بالأراضي الفلسطينية، وطالبت المدعية العامة من قضاة المحكمة الدولية، تقديم وجهة نظر قانونية في هذا الشأن، ما سيتيح لها التحقيق مع مسؤولين إسرائيليين وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي ومحاكمتهم، بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتوجه مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، للدائرة التمهيدية في المحكمة، وطالبه بإصدار قرار، بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من ميثاق روما، للبت في اختصاصها الإقليمي في فلسطين، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

وشمل قرار بنسوده، الطلب إلى المحكمة التمهيدية تحديد الولاية الجغرافية للأراضي الفلسطينية، وهذا القرار من الممكن أن يأخذ ما بين 30 إلى 120 يوما قبل أن تصدره المحكمة.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت في 5 ديسمبر الجاري، التقرير السنوي بشأن التحقيق الأولي الذي تجريه المحكمة منذ عام 2015، وخصص التقرير سبع صفحات تتعلق بالقضية الفلسطينية شملت تحليلا للأحداث التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة خلال العام الماضي.

وأعربت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، في تقريرها السنوي عن القلق لما تخطط له إسرائيل بشأن ضمّ غور الأردن، بحسب ما ذُكر خلال الانتخابات الأخيرة التي جرت في إسرائيل على أن يتم تقديم مشروع ضمّ غور الأردن في الضفة الغربية إلى الكنيست إذا أعيد انتخاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 وأشارت المحكمة في تقريرها، إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية ارتفع إلى 600 ألف مستوطن منذ عام 1967 يعيشون في 137 مستوطنة تعترف بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي رسميا وتضم 12 "حيّا" كبيرا في الجزء الشرقي من القدس، و100 بؤرة استيطانية لا تعترف بها إسرائيل.

وذكرت بنسودا، أن التحقيق الأولي ركز على جرائم حرب وقعت في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، منذ 13 يونيو 2014، وجمع معلومات مع التركيز على أنشطة مرتبطة بالمستوطنات قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية ومن المزعوم أنها ترقى لجرائم حرب وفق المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 ولفت التحقيق الأولي الذي أجرته المحكمة الجنائية الدولية، إلى حصول مكتب المدعية العامة على معلومات تشير إلى وقوع جرائم حرب ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، قد تُعتبر بحسب المادة 7 من نظام روما الأساسي جرائم ضد الإنسانية، ومن الأمثلة التي ذكرها التقرير: جريمة الاضطهاد، وترحيل المدنيين، وجريمة الفصل العنصري، وفقا لما ذكره موقع الأمم المتحدة على الإنترنت.

 وجمع مكتب المدعية العامة معطيات تتعلق بوقوع أكثر من 200 حادثة أدت إلى وفاة متظاهرين بالرصاص الحي وغيرها من الأسلحة التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وركزت على الحوادث التي أدت إلى مقتل أطفال وطواقم طبية وصحفيين وذوي إعاقة، في الفترة الواقعة بين 30 مارس 2018 و2019، أي منذ بداية "مسيرات العودة الكبرى".

والمحكمة الجنائية الدولية، هي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة، وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مئة ألف شخص مثلاً. 

وتقتصر ولاية المحكمة الموضوعية على الحالات التي تحيلها فقط للمحكمة الدول الأعضاء فيها و عددهم 123 دولة، كما تقتصر ولاية المحكمة أيضا على الجرائم الأربعة المرتكبة اعتبارا من دخول نظام المحكمة حيز النفاذ عام 2002. 

من جانبه، ذكر الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام، في تصريح لـ"الوطن"، أن فلسطين إحدى الدول الأطراف في نظام المحكمة الجنائية الدولية وعدد هذه الدول 123 دولة، ليس من بينهم دول عربية إلا الأردن "أول دولة عربية" وجزر القمر "المدعية أمام المحكمة ضد المسؤولين الإسرائيليين في حادث السفينة مرمرة عام 2010  باعتبارها دولة العلم لسفن المساعدات الإنسانية إلى غزة" وكذلك جيبوتي وفلسطين وتونس.

الدكتور"أيمن سلامة": لا يهم "الجنائية" مثول الإسرائيليين الملاحقين أمام تحقيقات المدعي العام

وأضاف سلامة "مادامت ارتكبت أي جرائم في إقليم أحد الدول الأطراف في نظام المحكمة أو ضد رعاياها أو سفنها أو طائرتها، فالمحكمة ووفق قواعد الاختصاص وشروط تحريك الدعوى وقواعد الأدلة والإثبات تقوم بالفحص الأولي للحالة المحالة للمحكمة من دولة طرف في المحكمة، وبغض النظر كون الأشخاص المطلوب ملاحقتهم يحملون جنسية دولة طرف في المحكمة أو لا"، وأشار أستاذ القانون الدولي العام، إلى أنه "لا يهم المحكمة مثول الإسرائيليين الملاحقين أمام تحقيقات المدعي العام ولا يؤثر في إجراءاتها الترخيص لمكتب المدعي العام بالتحقيق في الإقليم الإسرائيلي من عدمه".

 ونرصد أهم المعلومات عن المحكمة الجنائية الدولية:

- تأسست المحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي الهولندية في 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

- بلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 "الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة".

- صادقت على قانون المحكمة 123 دولة حتى 6 يناير 2015 تشمل غالبية أوروبا وأمريكا الجنوبية، ونصف أفريقيا، 34 دولة أخرى وقعت على القانون لكن لم تصادق عليه بعد.

- المحكمة الجنائية الدولية كانت موضع خلاف منذ المفاوضات الدبلوماسية لتأسيسها الذي كان في 1998 في روما.

- تعرضت المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند وأمريكا وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة.

- في عام 2002 سحبت الولايات المتحدة وإسرائيل توقيعهما على قانون المحكمة، وأشارتا إلى أنهما لا ترغبان بعد الآن بالعضوية وبذلك لم يعد هناك ما يحملهما على تنفيذ ما يترتب عليهما من التزامات تجاه المحكمة.

- يقع المقر الرئيس للمحكمة في هولندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان.

- تعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية.

- يضع قضاة المحكمة نصب أعينهم وضع حد للتجارب المتمثلة في الإفلات من العقوبة على مستوى العالم.

- تُنظم علاقة المحكمة بمنظمة الأمم المتحدة بموجب اتفاقية تنسيق بين الجانبين، وفاق لما ذكرته إذاعة صوت ألمانية "دويتشه فيله".

- المحكمة تعمل على إتمام دور الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير.

- تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.

- بالنسبة للدول التي انضمت لاحقا بعد هذا التاريخ، تقوم المحكمة آليا بممارسة سلطتها القضائية في هذه الدول بعد 60 يوما من تاريخ مصادقتها على الاتفاقية.

- يحتاج تقديم دعوى  للمحكمة 100 ألف تصديق من أشخاص وقعت عليهم جرائم عنصرية أو إبادة جماعية أو اضطهاد عرقي أو مذهبي أو جرائم مشابهة.

- فتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى ودارفور، كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشبه بهما ينتظران المحاكمة.


مواضيع متعلقة