بريد الوطن| عن قارون الذى من لحمى ودمى

بريد الوطن| عن قارون الذى من لحمى ودمى
إن قارون كان من قومى، فبغى علينا، كان فقيراً، فكانت روحه فى أحسن تقويم، فاغتنى فنسى الله فأنساه نفسه، ورد روحه لأسفل سافلين، كان عطوفاً حنوناً على إخوته الذين دخلوا جحيم اليتم مبكراً، فلم يكن لهم غيره، وكأغلب شباب القرى غادر قارون قريته ليعمل فى القاهرة، قهرت القاهرة خلقه وعاداته الريفية الجميلة، حولته إلى مسخ يخدع الناظرين الذين إذا خرج عليهم بزينته من سيارته سحرهم، فقالوا يا ليت لنا مثل ما أوتى قارون من شقق وسيارات، إنه لذو حظ عظيم. تزوج قارون من قاهرية جعلت بينه وبين أشقائه حجاباً، استولت عليه وجعلته من ضمن كمالياتها، وكلما طلبوا منه المساعدة يرد: «إنما أوتيته عن علم عندى.. بتعبى وتشغيل دماغى.. لا حق لكم فى مالى»، وبنى من تشويه إخوته حائط صد يبرر للناس عدم مساعدته لهم، فالناس هم ربه الذى يعبده بعد المال، فخسف الله روحه دون أن يدرى، فحجبها عنه، فتلقفها الشيطان، فأغرقه فى لذة النساء، فأصبح يغترف منها دون ملل، وأصبح لعابه يسيل على أى تاء تأنيث، سيجارة الحشيش تأبى مغادرة فمه، وكأنها تنتقم منه لأشقائه، يحاول بها خلق عالم مواز يجد فيه سعادة وهميه تعوضه عن واقعه المرير الذى يهرب منه، لا تنتظروا أن أخبركم أن الله خسف به الأرض، فما ابتلاه الله به من خسوف للروح أشد كثيراً.
مصطفى سيد عبدالسلام
الدلاتون - منوفية
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
bareed.elwatan@elwatannews.com