مالك أكبر ترسانة بحرية: جدى صدّر السفن للسعودية والعلم والعنصر البشرى وضعانا فى مصاف العالمية

كتب: سهاد الخضرى

مالك أكبر ترسانة بحرية: جدى صدّر السفن للسعودية والعلم والعنصر البشرى وضعانا فى مصاف العالمية

مالك أكبر ترسانة بحرية: جدى صدّر السفن للسعودية والعلم والعنصر البشرى وضعانا فى مصاف العالمية

«نحتنا اسمنا فى الصخر، وبات اسمنا يتردد فى الخارج أسوة بالداخل، القوة البشرية والميكنة أهم عوامل النجاح، وقد أولينا ذلك اهتماماً بالغاً»، بتلك الكلمات بدأ «صلاح السمبسكانى»، مالك أكبر ترسانة متخصصة فى صناعة المراكب واليخوت فى الشرق الأوسط، حديثه لـ«الوطن»، مؤكداً أن صناعة السفن بدأت فى دمياط منذ العصور الفرعونية، حيث كانت مراكب شمسية فى البداية، ونظراً للموقع الجغرافى لمدينة «عزبة البرج»، والتى تشبه الجزيرة، أصبحت المدينة قلعة لصناعة السفن، منذ أكثر من 200 سنة.

وتابع «السمبسكانى» قائلاً إن «صناعة المراكب بدأت تنمو شيئاً فشيئاً، نتيجة الخير الناتج من البحر، حتى تغيرت الأمور فى حرب 1967، حيث تم منع مراكب الصيد من المرور، حفاظاً على سلامتها فى تلك الفترة»، مشيراً إلى أن القوات البحرية كانت تستعين بعدد من المراكب فى عمليات الاستطلاع، وبعد وقف الصيد على السواحل المصرية، اضطر عدد كبير من الصيادين من أبناء دمياط إلى السفر إلى اليونان وقبرص، بحثاً عن مصدر رزق، وتمكن عدد منهم من إثبات وجودهم فى الدول الأوروبية.

"السمبسكانى" لـ"الوطن": غزونا العالم بصناعتنا.. و"الروتين" يقتل أحلامنا

أضاف: «كنت واحداً ممن سافروا إلى اليونان، وكان عمرى لا يتجاوز 18 سنة، وظللت هناك لما يقرب من 14 شهراً، حيث كنت أعمل نجاراً متخصصاً فى صناعة المراكب، وبعد اكتساب خبرة كبيرة فى الصيد وفى صناعة السفن، وبعد انتهاء الحرب، عاد البعض إلى مسقط رأسهم، بينما فضّل البعض الآخر البقاء فى قبرص واليونان، وكان لهم دور كبير فى الترويج للسفن التى تتم صناعتها فى عزبة البرج، وبدأت عمليات التصدير للخارج، وخلال فترة التسعينات من القرن الماضى، كانت السفن المصرية تحظى بسمعة عالمية كبيرة، حيث كان يتم بيعها بأسعار تنافسية، نظراً لاعتمادها على خامات ممتازة بأسعار أقل، وبجودة أعلى من نظيراتها».

ولفت «السمبسكانى» إلى أنه كان يقوم بتصدير منتجاته إلى العديد من الدول، من بينها اليونان وقبرص ومالطا والسعودية وقطر وليبيا والسودان والصومال واليمن وجزر المالديف، كما أقام عدداً من المعارض فى ألمانيا وإيطاليا، ساعدت على فتح آفاق تسويقية جديدة لصناعات «السمبسكانى» التى يتردد اسمها فى شوارع كثير من الدول الأوروبية، وأضاف أن جده كان أول من قام بتصدير سفن الصيد إلى السعودية وفلسطين، خلال النصف الأول من القرن الماضى، وحتى قيام ثورة يوليو 1952.

نصدّر منتجاتنا إلى اليونان وقبرص ومالطا وقطر وليبيا والسودان والصومال واليمن وجزر المالديف

وأوضح أن السعودية كانت تقوم باستيراد سفن الصيد التى يتم تصنيعها فى عزبة البرج لاستخدامها فى استخراج اللؤلؤ والمرجان، قبل اكتشاف البترول بها، بينما كانت السفن السياحية واليخوت الأكثر رواجاً فى أسواق اليونان وقبرص ومالطا، فضلاً عن تصدير سفن الصيد لعدد من الدول الأخرى فى القارتين الأفريقية والآسيوية، حتى أصبحت ماركة «السمبسكانى» تمثل بصمة واضحة فى صناعة مراكب الصيد على مستوى العالم، مشيراً إلى أن محافظة دمياط تمتلك ما يقرب من 65% من حجم السفن وقوارب الصيد فى مصر، ونحو 60% من قطاع الصيد فى البحر المتوسط، حيث إن مدينة عزبة البرج وحدها تمتلك أكبر أسطول بحرى، بما يقرب من 3650 قارباً.

ووصف «صلاح» أهالى عزبة البرج بأنهم «شطار»، حيث تمكنوا من زيادة أسطولهم من سفن الصيد، وبعد توقف إصدار التراخيص للقوارب الجديدة، بدأوا فى شراء بعض التراخيص السارية من عدد من أصحاب المراكب فى المحافظات والمدن المجاورة، مثل بورسعيد والإسكندرية والبرلس والعريش، خاصة الذين تركوا مهنة الصيد، بحثاً عن مصادر أخرى للرزق، ومع زيادة عدد مراكب أسطول الصيد فى دمياط، توجه عدد من الصيادين فى عزبة البرج بمراكبهم إلى السويس، للصيد فى المياه الإقليمية، بعدما اكتشفوا «خيراً وفيراً» فى البحر الأحمر، ووصلوا إلى سواحل عدد من دول شرق أفريقيا وجنوب آسيا، ومنها السودان وإريتريا وجيبوتى والصومال واليمن، كما لفت إلى أن كثيراً من الصيادين عمدوا إلى تجهيز مراكبهم بأحدث الأجهزة، لتتمكن من خوض رحلات طويلة، قد تستغرق 30 أو 35 يوماً فى عرض البحر.

وكشف «السمبسكانى» عن أنه يخطط حالياً لغزو السوق الأمريكية، إلا أنه أشار إلى أن هناك بعض التحديات، بسبب «الروتين» والتعقيدات الحكومية، قائلاً: «للأسف الروتين كفيل بقتل أحلامنا، وأصبحنا مهددين بالسجن، بسبب بعض المشاكل مع وزارة الرى»، حيث قامت الوزارة بتحرير العديد من محاضر ضد أصحاب الورش، مما كان سبباً فى إغلاق 4 ورش على الأقل، ولم يتبقَّ سوى 11 ورشة فقط، فضلاً عن إصدار قرارات إزالة لبعض الورش، رغم صدور قرار وزارى منذ عام 1991 بتخصيص 5.5 فدان لإنشاء مجمع لتصنيع السفن فى «طابية عرابى»، واصفاً الأمر بأنه «كارثة» على أصحاب ورش تصنيع السفن، وتابع بقوله: «لك أن تتخيل أنه أثناء جلوسك مع مستثمر أجنبى للاتفاق على تصنيع سفن أو يخوت سياحية لتصديرها للخارج، تفاجأ بقوة أمنية تداهم ورشتك، لتنفيذ قرار الإزالة، الأمر الذى يؤدى إلى هروب المستثمرين».

وطالب الدولة بدعم أصحاب ورش صناعة السفن، وتسهيل الإجراءات اللازمة لهم للحفاظ على هذه الصناعة العريقة، وحمايتها من الانهيار، وشدد على قوله: «أنا أحد الحريصين على بقاء هذه الصناعة، ولذلك عملت على تطويرها من خلال الاستعانة بالمعدات الحديثة، كما كان لأولادى دور كبير فى حماية صناعة السفن فى عزبة البرج»، مشيراً إلى أن اثنين من أبنائه، وهما «محمد» و«ماجد»، يعملان كمهندسين فى العمارة البحرية، وأضافا للصنعة كثيراً من خلال الخبرة والعلم، ولفت أيضاً إلى أنه عمل على تطوير صناعة السفن، وحسن استغلال العنصر البشرى، وتهيئة الظروف الملائمة اللازمة لاستمرار الصناعة، واختتم بقوله إن ورشته تتلقى الكثير من العروض الخارجية، خاصة من اليونان وقبرص، لإجراء الصيانة الدورية للسفن، مما يعد فرصة لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى، إلا أنه نتيجة التعقيدات الحكومية، لم يمكن تنفيذ معظم هذه العروض.


مواضيع متعلقة