نقص العمالة الماهرة وغلاء الخامات وضعف التسويق.. أبرز التحديات

نقص العمالة الماهرة وغلاء الخامات وضعف التسويق.. أبرز التحديات
- دمياط
- عزبة البرج
- السفن
- صناعة السفن
- ترسانة بحرية
- الصناعات البحرية
- دمياط
- عزبة البرج
- السفن
- صناعة السفن
- ترسانة بحرية
- الصناعات البحرية
نظراً لمهارة أبنائها، خرجت صناعة السفن من المحلية للعالمية، حتى تبوأت محافظة دمياط، وتحديداً مدينة عزبة البرج، مكانة عالمية رفيعة بين الدول، حيث تصدّر المحافظة صناعتها المتميزة من السفن إلى كثير من الدول فى أوروبا والأمريكتين، إضافة إلى معظم دول الخليج، ورغم المكانة الكبيرة التى تشتهر بها دمياط فى صناعة السفن، فإنها تواجه العديد من العقبات فى الوقت الراهن، بسبب ارتفاع أسعار الخامات، فضلاً عن نقص العمالة الماهرة، بعدما ترك كثيرون منهم الحرفة واتجهوا إلى أعمال أخرى، علاوة على ذلك شكوى أصحاب الورش من ارتفاع القيمة الإيجارية للمتر من جنيهين إلى أكثر من 20 جنيهاً، فى حين أن مساحة الورشة الواحدة تتراوح بين 10 و30 ألف متر مربع.
«إحنا أصل الصناعة، غزونا العالم بصناعتنا، ومفيش حد عرف يوصل لما وصلنا له، لمهارتنا وجهد سنوات طويلة تتخطى قرن من الزمان، ورغم ذلك هناك العديد من الصعوبات التى تقف فى طريقنا، وتضطرنا إلى الوقوف عاجزين عن استكمال حلمنا الكبير، وللأسف الوضع تغير كثيراً عن ذى قبل»، بهذه الكلمات بدأ «أبوالمعاطى محمد أبوعطايا»، 62 سنة، أحد شيوخ مهنة صناعة السفن فى دمياط حديثه لـ«الوطن»، وتابع بنبرة بائسة قائلاً: «أنا باشتغل فى المهنة دى منذ كنت طفلاً صغيراً، كان عمرى وقتها لا يتجاوز 13 سنة، لقد توارثت صناعة السفن أباً عن جد، وخلال سنوات عملى فى هذه المهنة، قمت بتصنيع العديد من مراكب الصيد مختلفة الأشكال والأنواع، حازت إقبالاً كبيراً فى السوق المحلية، كما كنا نقوم بتصنيع السفن للغير»، وعن أبرز تحديات الصناعة، قال «أبوالمعاطى» إنها تتمثل فى عدم إصدار تراخيص المراكب، فضلاً عن غلاء أسعار الخامات، الذى بات أحد أهم معوقات الصناعة حالياً، علاوة على عدم وجود فئة جديدة من العمال تتعلم أصول الصنعة، حتى باتت الحرفة تواجه «شبح الانقراض»، على حد قوله.
"أحمد": حرفة الآباء والأجداد تواجه شبح الانهيار و"أبوعطايا": أغلقت الورشة بعدما غزوت أسواق العالم
والتقط «أحمد السمبسكانى»، 73 سنة، أحد شيوخ صناعة السفن، طرف الحديث قائلاً: «توارثت الصنعة أباً عن جد قبل نحو 70 سنة، منذ كنت طفلاً لا يتخطى عمره 3 أعوام، كنت أنزل بصحبة جدى ووالدى إلى الورشة»، مؤكداً أن محافظة دمياط هى «أصل صناعة المراكب»، ومنها انتقلت إلى المحافظات الأخرى، ومنها بورسعيد والبحيرة والسويس والبحر الأحمر، وأضاف: «كنا أيضاً سبباً فى نقل أصول الحرفة إلى عدد من البلدان العربية، ومنها سوريا ولبنان»، وأضاف أن عائلات «السمبسكانى وطرابية وأبوالعزم وأبوعطايا وحبيب» هى التى حافظت على مهنة صناعة السفن فى مصر بشكل عام، وفى محافظة دمياط على وجه الخصوص، ومن هذه العائلات جاء شيوخ المهنة وأبرز «الأسطوات»، مشيراً إلى أن السفن التى كانوا يقومون بتصنيعها كان يتم تصدير معظمها إلى العديد من الدول، مثل اليونان وقبرص وسوريا وليبيا، إضافة إلى دول الخليج، إلا أنه أعرب عن أسفه لما تشهده الصناعة من تراجع خلال السنوات الأخيرة، مما تسبب فى إغلاق كثير من الورش.
واعتبر «السمبسكانى» أن عدم قدرة الصنّاع على تسويق منتجاتهم من السفن، بالإضافة إلى الركود فى حركة البيع والشراء، من أبرز المشاكل التى تواجهها الصناعة فى الوقت الراهن، مشيراً إلى أن عمله يقتصر حالياً على أعمال الصيانة لبعض المراكب، كما أشار إلى عدم وجود عمالة ماهرة يمكنها الحفاظ على الصناعة، وتراجع الإقبال على صناعة المراكب، مما اضطر أكثر من نصف العاملين بهذه المهنة إلى تركها والبحث عن مصدر رزق لهم فى مهن أخرى، فى ظل الخسائر الفادحة التى يتكبدها العاملون فى صناعة السفن، نتيجة زيادة القيمة الإيجارية للورش التى يعملون بها، من جنيهين إلى أكثر من 20 جنيهاً للمتر المربع الواحد.
ويشير إلى أن مساحة الورشة الواحدة تتراوح بين 10 و30 ألف متر مربع، كما لفت إلى أن عدداً من أصحاب ورش صناعة السفن يقيمون فى منطقة «طابية عرابى» منذ أكثر من 40 سنة، إلا أنهم فوجئوا مؤخراً بوزارة الرى تقوم بتحرير محاضر ضدهم، وتغريمهم مبالغ مالية تصل إلى 15 ألف جنيه، رغم قيامهم بتسديد الرسوم السنوية إلى هيئة أملاك الدولة، الأمر الذى ترتب عليه أنهم أصبحوا مطالبين بتسديد الإيجار إلى جهتين مختلفتين، مؤكداً أن الأراضى المقامة عليها الورش تتبع هيئة الأملاك رسمياً، ولا علاقة لهم بوزارة الرى.
الوضع لا يختلف كثيراً عند «أحمد أبوعطايا»، 75 سنة، أحد كبار شيوخ المهنة، دفعته الظروف التى تواجهها الصناعة حالياً إلى تصفية نشاطه وإغلاق ورشته، قائلاً: «عملت فى صناعة السفن منذ كنت شاباً صغيراً، لا يتخطى عمرى 16 سنة، لقد توارثت تلك المهنة أباً عن جد، فوالدى كان يصنع المراكب من الخشب، أما أنا فقد أدخلت عليها بعض التطوير، حيث كنا نقوم بصناعة المراكب من الخشب والحديد، وبمرور السنوات لمع اسمنا فى السوق، وأصبحت أصنع المراكب السياحية، ومراكب الشحن والتفريغ، وقوارب الصيد، ونجحنا فى تصدير منتجاتنا إلى كثير من الدول حول العالم، منها اليونان وقبرص والسنغال، ولكن مؤخراً توقفت عن الصناعة، نظراً لكونها غير مجدية، بسبب غلاء الخامات، وارتفاع أجور العمال، علاوة على نقص العمالة الماهرة»، لافتاً إلى أن كثيراً من العمال الآن أصبحوا يريدون أجوراً مرتفعة دون عمل، وأضاف أنه تنازل عن الورشة لصالح هيئة أملاك الدولة. ويلفت «محمد صلاح»، ميكانيكى، إلى مشكلة أخرى تكمن فى الإجراءات القانونية المتبعة فى ترخيص وإجراءات صناعة السفن، وهى الإجراءات المعمول بها منذ أكثر من 50 سنة دون تغيير.