للمحبين طرق.. ضريح «سلطان الصعيد» و«المسجد الأموى» قبلة المريدين.. ومدد يا «أبوالعيون» مدد

للمحبين طرق.. ضريح «سلطان الصعيد» و«المسجد الأموى» قبلة المريدين.. ومدد يا «أبوالعيون» مدد
إذا كنت من المحبين، الشغوفين برائحة رمضان «بتاع زمان»، فأنت مدعو للتعرف على ملامح الشهر الكريم فى محافظة أسيوط. وربما هى لا تختلف كثيراً عن عادات المصريين فى بقية المحافظات، حيث تبقى النفحات الرمضانية متشابهة فى كل بيوت مصر، تتوارثها الأجيال، فتستقبل أُسر أسيوط مطلع شهر الصوم بانشغال السيدات والفتيات فى تنظيف منازلهن، وغسل المفروشات والسجاد، بينما ينشغل الصبية بتعليق الزينة والفوانيس على النوافذ والشرفات، ويتعاون الجميع بالقرى فى تزيين الشوارع، وتتلقى كل فتاة مخطوبة هدية من خطيبها تسمى بـ«العشاء»، وتحتوى على كمية من اللحوم والخضراوات وغيرها من الأطعمة. والشىء نفسه تحصل عليه النساء المتزوجات من عائلاتهن.
وتنتشر موائد الرحمن فى الشوارع والمساجد، فتجد من يتولى مهمة الإنفاق والتنظيم لهذه الموائد، وهناك من يتولى مهمة إفطار الصائمين على الطرق الصحراوية لأصحاب السيارات والناقلات، كما تلحظ الزينة والأنوار التى تغطى سماء الشوارع، وتحيط بمآذن المساجد.. ففى أسيوط، هناك طقوس خاصة صنعت للمكان طابعاً ورائحة مميزة، لا يضاهيها أى مكان آخر
تشتهر محافظة أسيوط بوجود العديد من المساجد الكبرى التى تضم أضرحة لأولياء الله الصالحين، لكل منهم تاريخه وأهميته، مما جعلها أهم المقاصد للمريدين من زوار الأضرحة، والذين يتوافدون عليها بالآلاف من مختلف محافظات مصر خلال شهر رمضان، لعل من أبرزها مسجد «السلطان الفرغل» فى مدينة أبوتيج، على بُعد نحو 27 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة أسيوط، والذى يضم ضريح «أحمد الفرغل»، الملقب بـ«سلطان الصعيد».
ويقع مسجد «السلطان الفرغل» على بُعد 27 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة أسيوط، ويُعد من أشهر المزارات الدينية بالمحافظة، وله مكانة طيبة فى قلوب أهالى الصعيد، وخاصة الزهاد والمتصوفة، ويضم المسجد الممتد على مساحة كبيرة، ضريح «العارف بالله أحمد الفرغل»، وله مئذنتان إحداهما قديمة والثانية حديثة، ويقصده الكثيرون من أبناء أسيوط لتلقى علوم الفقه والحديث والتفسير، وعادة ما يكتظ المسجد بمئات المصلين خلال الجمعة الأخيرة من شهر شعبان، التى تسبق حلول شهر رمضان.
وترجع تسمية المسجد إلى أحد أقطاب الدعوة الإسلامية فى القرن الـ15، وهو الشيخ «أحمد الفرغل»، الذى وُلد فى عام 851 هجرية، 1407 ميلادية، وتوفى سنة 1447، ويرجع موطنه إلى بلاد المغرب العربى، ويمتد نسبه لأبيه إلى الإمام الحسن بن على، بينما يمتد نسبه لأمه إلى الإمام الحسين، ويُقام الاحتفال بمولده فى شهر يوليو من كل عام، ويستمر لمدة 15 يوماً، ويقصده ما يقرب من مليون زائر سنوياً.
ويُعد مسجد «ناصر» بمدينة أسيوط أحد أكبر المساجد التى تكتظ بالمصلين خلال شهر رمضان، وسُمى بهذا الاسم نسبة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى قام ببنائه فى بدايات النصف الثانى من القرن الماضى، وتُقام فيه معظم المناسبات الدينية الرسمية، ويصلى فيه كبار القيادات ورجال الدولة عند زيارتهم لمحافظة أسيوط، منذ بناء المسجد وحتى الوقت الراهن، عدا الرئيس «المعزول»، محمد مرسى، الذى رفض أداء صلاة الجمعة فى المسجد، أثناء زيارته لأسيوط، نظراً لأنه يحمل اسم الزعيم عبدالناصر، وأداها فى مسجد «عمر مكرم».
ومن أشهر المساجد فى أسيوط، مسجد وضريح «سيدى جلال السيوطى»، نسبة إلى «عبدالرحمن بن الكمال أبى بكر بن محمد سابق الدين الخضيرى الأسيوطى»، الذى وُلد فى غرة رجب من سنة 849 هجرية، الموافق سبتمبر عام 1445، وكانت أسرته تشتهر بالعلم والتدين، حيث كان والده من العلماء ذوى المكانة الرفيعة التى جعلت بعض أبناء الوجهاء يتلقون العلم على يديه، ورحل «السيوطى» إلى بلاد الحجاز والشام واليمن والهند والمغرب، ودرّس فى رحلاته «الحديث»، ثم تجرّد للعبادة والتأليف عندما بلغ سن الأربعين.
وقد عاصر «السيوطى» نحو 13 سلطاناً من المماليك، إلا أن علاقته بهم كانت متحفظة، وطابعها العام المقاطعة، وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم، وضع نفسه فى مكانته التى يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا، قاطعهم وتجاهلهم، وبلغ عدد مولفاته نحو 725 مؤلفاً، أشهرها «الجامع الكبير»، و«الجامع الصغير فى أحاديث النذير البشير»، و«الإتقان فى علوم القرآن»، و«الدر المنثور فى التفسير بالمأثور»، و«تنوير الحوالك فى شرح موطأ الإمام مالك»، و«الخصائص والمعجزات النبوية»، و«طبقات الحفاظ»، و«طبقات المفسرين»، و«الأشباه والنظائر»، وهما كتابان باسم واحد أحدهما فى اللغة، والثانى فى فروع الشافعية، بالإضافة إلى مؤلفه «بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة»، و«الفريدة»، وهى ألفية فى النحو، وله ألفية أخرى فى مصطلح الحديث «اللآلئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة»، وله العديد من المقامات والمشاركات الأدبية.
كما يُعد مسجد «المجاهدين» بمدينة أسيوط واحداً من أقدم المساجد بالمدينة، ويرجع تاريخ إنشائه إلى العصر العثمانى، وبناه «محمد بك»، أمير اللواء السلطانى، ويتكون من مدخل ضخم يعلوه عقد ثلاثى الفصوص، واجهته من الطوب الأسود المحروق، تحيطه زخارف خشبية جميلة، تعلوه لوحة بتاريخ المسجد، وصاحب أمر بنائه. ويتميز المسجد بتصميمه المستطيل، ويتوسطه صحن «شخشيخة» للإضاءة والتهوية، تضم «صندلة» خشبية لرفع الأذان، كما تحتوى على مصلى للنساء، كما تم تزويد المسجد ببئر للمياه، وتحيط بحوائطه زخارف خشبية، كما يشتمل على العديد من العناصر الزخرفية والهندسية، ويرجّح أنه بُنى على أنقاض مسجد مملوكى، كما يوجد بالمسجد ضريح «الشيخ عمران»، أحد الأولياء الصالحين، ويحتوى على مئذنة ضخمة، تُعد من أجمل المآذن الإسلامية، لاحتوائها على زخارف دقيقة، باعتبارها تحفة فنية رائعة، وواحدة من المآذن الشاهقة الارتفاع فى صعيد مصر، ويُعتبر المسجد من المساجد المعلقة.
وفى قرية «دشلوط»، التابعة لمركز ديروط، يوجد مسجد «أبوالعيون»، الذى يتميز بتصميمه الهندسى البديع، وبجواره مقام صاحبه «إبراهيم أبوالعيون»، المتوفى فى عام 1940، ويمتد نسبه إلى «الإمام الحسن بن على»، وتوجد بجوار الضريح مقابر لعدد من أبناء وأحفاد صاحب المقام، من بينهم «خالد محمد خالد أبوالعيون»، توفى فى 23 يونيو 1992، و«عبدالعليم محمد أبوالعيون»، توفى يوم الأربعاء 17 رمضان 1419 هجرية، الموافق السادس من يناير 1999، و«فرج خالد عبدالعليم أبوالعيون»، توفى فى الثانى من ربيع الأول سنة 1399 هجرية، 30 يناير 1979، وأخوه «محمد خالد عبدالعليم»، وابن أخيه «عبدالمعز محمد خالد أبوالعيون»، وجميعهم من علماء الأزهر الشريف.
كما يُعد المسجد «الأموى»، المعروف باسم «الجامع الكبير»، فى وسط مدينة أسيوط، أحد أهم المساجد التى يقصدها المصلون خلال شهر رمضان، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1068 هجرية، الموافق 1657 ميلادية، وتم تشييده خلال فترة حكم الدولة الأموية، على مساحة نحو 3 آلاف متر مربع، وتم تطوير وتجديد المسجد فى عهد الملك فؤاد الأول.