انقلاب البرتغال 1974

كتب: سيد جبيل

انقلاب البرتغال 1974

انقلاب البرتغال 1974

فى عام 1974 أطاح الجيش البرتغالى بالنظام الاستبدادى الذى حكم البرتغال لأكثر من 40 عاماً، وكان يعرف باسم (ستادا نوفو) أو الدولة الجديدة، الذى أسسه الرئيس (أنطونى دى أوليفيرا سالازار) فى عام 1930. هذا النظام كان مثالاً صارخاً للاستبداد، فقد أخرس كل الأصوات المعارضة ودعّم نظاماً اقتصادياً حابى الأغنياء وجعل من العمال البرتغاليين الأدنى أجراً فى أوروبا الغربية، وجرّم الإضرابات وجعل المنافسة مع باقى الأحزاب السياسية صورية، وعقّد إجراءات تسجيل الناخبين، ما أدى إلى اقتصار الجداول على 15% فقط من قاعدة الناخبين فى انتخابات عام 1973، التى سبقت الانقلاب، ولم يكن النظام يتردد فى تزوير نتائج الانتخابات عند الضرورة. وبإيجاز، أصبحت آلية الانتخابات عديمة الجدوى، إضافة إلى الأساليب الوحشية للشرطة والمغامرات العسكرية للنظام التى ورطت البرتغاليين فى حروب استعمارية مكلفة فى أنجولا وغينيا بيساو وموزمبيق. تصاعد الغضب الشعبى ووصل ذروته بانقلاب 200 من صغار الضباط على النظام فى 25 أبريل من عام 1974، واضعين نهاية لأقدم ديكتاتورية فى أوروبا الغربية، واستجاب على الفور الشعب فتوافد الآلاف على الشوارع لدعم الضباط الذين حملوا إليهم هدية الحرية، وعُرف هذا الانقلاب باسم ثورة القرنفل، لأن المواطنين حملوا معهم أزهار القرنفل، ليضعوها على فوهات بنادق الضباط كرمز لدعمهم، وفى الأسابيع التالية أصبح القرنفل فى كل مكان فى البرتغال. بعد الاحتفالات، بدأت فترة انتقالية لمدة عامين، وفى اليوم التالى للانقلاب أصدر ضباط الجيش بياناً قصيراً أوضحوا فيه أسباب انقلابهم، وتعهدوا بإلغاء النظام الاستبدادى وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية أساسية، تهدف إلى إقامة نظام ديمقراطى، وألزموا أنفسهم بإجراء انتخابات فى غضون عام لجمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد، يتلوها انتخابات برلمانية ورئاسية فى السنة التالية، وتعهد الجيش بإيجاد حل سياسى للحروب فى المستعمرات الأفريقية التى أنهكت البرتغال دون طائل من ورائها منذ عام 1961. وباختصار، وعد الجيش بـ3 أمور رئيسة، وهى إنهاء الاستعمار وتحقيق الديمقراطية والتنمية، وأوفى قادة الانقلاب بوعودهم، فأجريت انتخابات لجمعية تأسيسية فى الذكرى السنوية الأولى للانقلاب الموافق 25 أبريل 1975، لكن الجمعية التأسيسية لم تتمكن من صياغة الدستور الذى كان يتمناه أعضاؤها، فعلى الرغم من انتخابهم ديمقراطياً، فإن أعضاء الجمعية التأسيسية التى سيطر على مقاعدها 3 أحزاب سياسية وقّعوا على اتفاق مكتوب بالموافقة على الدور الرقابى للجيش عليهم أثناء عملية صياغة الدستور، وتحت رقابة الجيش أنهت الجمعية التأسيسية صياغة الدستور الجديد فى أبريل 1976، ولم يطرح الدستور الجديد على الشعب من خلال الاستفتاء، ثم جرت انتخابات برلمانية فى الذكرى الثانية للانقلاب، وبعدها بشهرين نظمت الانتخابات الرئاسية التى توافقت قبلها الأحزاب السياسية الكبرى على دعم ضابط واحد لسباق الرئاسة، وكان هذا الضابط هو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الثورة (أنطونيو أيانس)، وفى أعقاب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبعد نجاح قادة الانقلاب فى تفكيك هياكل النظام الاستبدادى السابق وإقامة الديمقراطية، سلموا السلطة إلى القادة المنتخبين ديمقراطياً. ومرة أخرى أحكم الجيش سيطرته على الدستور الجديد ومنح لمجلس الثورة حق إصدار القوانين تماماً مثل البرلمان المنتخب، بل إن الدستور خول لمجلس الثورة الحق فى الحكم على دستورية القوانين التى يصدرها البرلمان، وهو الوضع الذى تغير فى عام 1982 حين طالب البرلمان الذى خرج من رحم الانقلاب بأغلبية الثلثين بتعديل الدستور وتقليل صلاحيات الرئيس، وألغى مجلس الثورة، وحل مكانه مجلس مدنى استشارى ومحكمة دستورية، وأجريت تعديلات دستورية مكنت الحكومة المنتخبة من إخضاع المؤسسة العسكرية لها، ووضعت البرتغال قدميها على طريق ديمقراطية راقية». الأخبار المتعلقة: «الانقلاب العسكرى الديمقراطى» الشروط السبعة لـ«الانقلاب المشروع» الفارق بين «الديمقراطى» و«غير الديمقراطى».. عدم تحول الجنرالات إلى «طغاة» انقلاب تركيا 1960 انقلاب مصر 2011