"إذا هبت رياحك فاغتنمها".. حكاية عشق بين هواة الصيد وكورنيش الإسكندرية

"إذا هبت رياحك فاغتنمها".. حكاية عشق بين هواة الصيد وكورنيش الإسكندرية
"إذا هبت رياحك فاغتنمها.. فإن لكل عاصفة سكوناً"، حكمة يسير على دربها الهواة من عاشقى الصيد على كورنيش الإسكندرية، وعلى الرغم من العواصف والرياح التى تصحب النوات التى تضرب سواحل المدينة فى فصل الشتاء، إلا أنها لا تشكل عائقاً أمام هواة الصيد فى عروس البحر المتوسط، فمنذ بزوغ الفجر، يصطف مئات الصيادين "الهواة" على طول الكورنيش، تحاربهم تيارات الهواء فيتشبثون بسناراتهم، ويعدلون من أوضاع جلوسهم بشكل يجانب تلك الرياح، ويترقبون "غمز السنارة"، فتجدهم يقبعون على صخور منطقة لسان "جليم"، وفى مناطق "الشاطبى" و"الرمل" و"المنشية"، وأعلى كوبرى "ستانلى"، وصولاً إلى المقاعد المخصصة لهواة الصيد بمنطقة "بحرى"، تتراوح أعمارهم ما بين النشئ والشباب وحتى كبار السن.
{long_qoute_1}
"الصيد حالة عشق للبحر أكثر من كونه وسيلة للحصول على بعض السمك اللذيذ لتناوله"، قالها "على محيى الدين"، 42 سنة، مدير بإحدى الشركات، يهوى الصيد منذ ما يقرب من 15 سنة، مؤكداً لـ"الوطن" أنه اعتاد على الصيد صيفاً وشتاءً، وقال: "لكل وقت متعته، ولكل وقت نوع من الأسماك، ففى الصيف يكثر صيد السمك البلطى، وفى الشتاء تكثر أسماك الجناشير والشناشير والبطاطا"، مشيراً إلى أنه يأتى إلى الكورنيش لممارسة هوايته منذ الثالثة فجراً، وحتى الساعة العاشرة صباحاً، وقد يستمر فى الصيد لما بعد هذا الوقت، وفقاً لحالته الصحية، وحالة الصيد.
أما "إبراهيم رزق"، 67 سنة، موظف على المعاش، فقال إنه بدأ ممارسة هواية الصيد منذ سنوات طويلة، ولكنه أصبح يمارس هذه الهواية بشكل مستمر بعد خروجه على المعاش، فهو يرى أنها أفضل طريقة لقضاء الوقت، وأفضل من الجلوس على المقاهى، وأضاف لـ"الوطن" قائلاً إن الصيد فى الشتاء أفضل بكثير من الصيف، حيث تساعد تقلبات الجو على زيادة الأسماك، بالإضافة إلى نقاء المياه، وعدم تزاحم الصيادين على مناطق الكورنيش، على عكس فصل الصيف، الذى تكتظ فيه المدينة بالمصطافين، بالإضافة إلى كثرة السمك عقب "النوة"، مردداً الجملة الشهيرة التى يحفظها الصيادون عن ظهر قلب "بعد النوات.. الصياد فى الهنا يبات"، وتابع بقوله: "احنا كصياديم هواة ممكن نيجى نصطاد وقت النوة، بنقعد على الرصيف برة، لأننا مش محتاجين ندخل جوة البحر، ويكون فيها خطورة علينا، وعلشان كدا تلاقى الهواة يعشقون الشتاء، لأن السمك بيطلع لنا لحد برة على الشاطئ، أما الصيادين اللى حرفتهم الصيد مبيحبوش الشتاء، لأنهم مبيعرفوش ينزلوا البحر".
وعن الأدوات المستخدمة فى الصيد بالنسبة للهواة، قال "محمد هريدى"، صاحب محل لبيع أدوات الصيد بمنطقة "الأنفوشى"، إن أغلب زبائنه من الهواة، نظراً لقيام المحترفين بتصنيع أدواتهم بأنفسهم، حيث أن ما يوفره من خلال محله، هى أدوات الصيد التى تشمل "البوص، وماكينة الصيد، وشعر السنارة، والرصاصة"، وهى الأدوات التى يحتاجها هواة الصيد على طول الكورنيش من "أبى قير" شرق الإسكندرية، إلى "بحرى" فى غرب المدينة، وأضاف أن فترة العمل الجيدة تكون مع نهاية الشتاء، بسبب تجهيزات حمامات السباحة، التى توفرها محلات بيع أدوات الصيد، بالإضافة إلى اتجاه الهواة لشراء السنارات وأدواتها، للصيد مع أبنائهم، أثناء قضائهم عطلة الصيف.
وأكد "هريدى" لـ"الوطن" أن فترة نوات الشتاء تعتبر من أضعف فترات البيع، معتبراً أنه أمر طبيعى، بسبب توقف أنشطة الصيد مع ارتفاع أمواج البحر، حرصاً على سلامة الصيادين، إلا أن فترة "النوة" قد تشهد بعض الرواج، يتمثل فى بيع أدوات تجهيز المراكب، حيث تكثر عمليات البيع والشراء قبيل حلول النوة مباشرةً من جانب صيادى المراكب، الذين يقدمون على شراء الحبال و"الهلب" والأقفال، لتأمين مراكبهم أثناء فترة النوة، لتتمكن من مواجهة قوة الريح وارتفاع الأمواج، كما تكثر عمليات بيع بيع سنارات الصيد، نتيجة كسر بعضها بسبب قوة الرياح، ومنها ما يمكنه إصلاحها، مثل السنارات "الفايبر"، التى تنقسم إلى عدة أجزاء، حيث يقوم بتبديل الجزء المكسور بها ووضع آخر جديد، بينما يتم شراء سنارة جديدة، فى حالة إذا ما كانت السنارة التالفة من "البوص"، معتبراً أن هذا الأمر لا يؤثر كثيراً على هواة الصيد، نظراً لثمنها الزهيد، الذى لا يتعدى فى معظم الأحوال مبلغ 10 جنيهات.