مؤسسات دولية: الكوكب على حافة الهاوية.. ومستقبل البشرية محفوف بـ«الكوارث المتطرفة»

كتب: أحمد مصطفى أحمد

مؤسسات دولية: الكوكب على حافة الهاوية.. ومستقبل البشرية محفوف بـ«الكوارث المتطرفة»

مؤسسات دولية: الكوكب على حافة الهاوية.. ومستقبل البشرية محفوف بـ«الكوارث المتطرفة»

دعا البنك الدولى جميع دول العالم للاصطفاف لمواجهة التغير المناخى، محذراً من أنه لا وقت للتفكير لأن العالم فى خطر، ومستقبل البشرية أصبح مهدداً، حتى من المنظور الاقتصادى، فالخسائر ستصل إلى تريليونات الدولارات.

وقال البنك، فى تقارير حديثة له، إن «اتفاقية باريس تلزم العالم بالسعى للحد من الارتفاع فى درجات الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات حقبة ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية القرن الماضى، والسعى للحد منها على نحو أكبر لتصل إلى 1.5 درجة مئوية».

وكانت درجات الحرارة العالمية قد ارتفعت بالفعل بمقدار 1.2 درجة مئوية فوق مستويات حقبة ما قبل الثورة الصناعية تغير المناخ يزيد من حدوث التقلبات ويهدد الجهود التى تهدف إلى القضاء على الفقر.

ووفقاً للتقارير، فإن آثار تغير المناخ يمكن أن تدفع 100 مليون شخص إلى الدخول فى دائرة الفقر بحلول عام 2030، فى حين يقدر تأثير خسائر الكوارث الطبيعية المتطرفة بـ520 مليار دولار فى الاستهلاك السنوى، ويؤدى إلى إفقار نحو 26 مليون شخص كل عام.

وعقب ثلاث سنوات من توقيع اتفاق باريس، اجتمع فى 12 ديسمبر الماضى، أكثر من 200 بلد فى مدينة كاتووايس ببولندا لبدء الدورة الـ24 لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وكانت الأولوية فى المفاوضات للاتفاق على «لائحة قواعد اتفاق باريس» أو الإرشادات الموجهة لتطبيق اتفاق باريس، وهى فعلياً إطار القواعد وإجراءات التشغيل التى ستشكل أسس الاتفاقية. {left_qoute_1}

وبحسب التقارير، فإن للمناخ آثاراً حقيقية يمكن قياسها على صحة الإنسان، حيث إن الملوثات المشتركة المرتبطة بانبعاثات الكربون مسئولة بالفعل عن أكثر من 7 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، فى حين يقدر أن التكاليف المباشرة للمشاكل الصحية تتراوح بين 2-4 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2030.

ويُعد نقص التغذية أكبر الآثار الصحية لتغير المناخ فى القرن الـ21، ومن المتوقع حدوث انخفاض بنسبة 6% فى محاصيل القمح العالمية، وانخفاض بنسبة 10% فى غلة الأرز من جراء كل ارتفاع إضافى قدره درجة مئوية واحدة فى درجات الحرارة العالمية، مع تأثيرات كبيرة على نقص التغذية والتقزّم فى المناطق التى تعانى من انعدام الأمن الغذائى أو المناطق الفقيرة.

وتوقع «البنك» فى تقرير أطلقه باسم «التصور العام: الاستعداد للهجرات الداخلية الناجمة عن تغير المناخ» أنه من المحتمل إجبار أكثر من 143 مليون شخص فى ثلاث مناطق بحلول عام 2050، وهى أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا على النزوح داخل بلدانهم للهروب من الآثار البطيئة لتغير المناخ، كعدم كفاية المياه وفساد المحاصيل، مشيراً إلى أن هناك مخرجاً من تلك الأزمة لو تضافرت الجهود، فمن الممكن خفض هذا العدد البالغ 143 مليون شخص بنسبة كبيرة تصل إلى 80% أو 100 مليون شخص، محذراً من أن العالم سيضطر لدفع تريليونات الدولارات للتحول إلى اقتصاد عالمى منخفض الانبعاثات الكربونية إذا لم يتم التحرك عاجلاً، حيث يحتاج العالم على مدار السنوات الخمس عشرة القادمة نحو 90 تريليون دولار لتجديد البنى التحتية، ومعظم هذه الأموال سيكون مطلوباً فى البلدان النامية والبلدان متوسطة الدخل.

وأكد أن اتخاذ الخيارات السليمة لصالح مشروعات البنية التحتية التى تتسم بالقدرة على مواجهة آثار التغيرات المناخية والتحرك فى مسار التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية، أصبح أمراً ملحاً وبالغ الأهمية، فمن شأن اتخاذ التدابير اللازمة الآن أن يجنبنا تكاليف ضخمة فيما بعد.

وحذر البنك فى وقت سابق من ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، متوقعاً أن ينحسر هطول المطر بما يتراوح بين 20 و40% وسيكون لزيادة ندرة المياه تداعياتها الاقتصادية، مع توقعات بأن تؤدى إلى انخفاض النمو من 6 إلى 14% بحلول عام 2050، إلا أن التأثير سيتباين، حيث تشتد حدة المعاناة للبلدان الأفقر والأكثر اعتماداً على الزراعة، فالمجتمعات الأشد فقراً ليس لديها سوى القليل من الموارد التى تجابه بها تداعيات تغير المناخ ومن ثم ستكون الأكثر تضرراً، وسيؤدى انكماش الزراعة إلى زيادة البطالة فى الريف، ما يدفع أعداداً كبيرة من البشر إلى الهجرة للمدن المكتظة بالسكان، وستشهد المناطق الحضرية موجات أشد حرارة، فضلاً عن تلوث الهواء، والأتربة الناجمة عن تدهور التربة والتصحر.

وتوقع «البنك» أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر فى تزايد الفيضانات بالمناطق الساحلية التى تشهد توسعاً حضرياً سريعاً وبدلتا الأنهار، وسيؤدى ارتفاع مستوى مياه البحار إلى تسرب المياه المالحة إلى مكامن المياه الجوفية فى المناطق الساحلية، ما يقلص كميات المياه الصالحة للشرب والرى.

وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين بنهاية هذا القرن سيتطلب ما متوسطه 3.5 تريليون دولار سنوياً فى استثمارات قطاع الطاقة حتى عام 2050، فيما تُقدر مؤسسة التمويل الدولية أن تمثل المساهمات الوطنية لمكافحة تغير المناخ فى 21 بلداً من بلدان الأسواق الناشئة وحدها 23 تريليون دولار فى فرص الاستثمار.

وأعلنت مجموعة البنك الدولى فى وقت سابق عن مجموعة رئيسية جديدة من الأهداف المتصلة بالمناخ للسنوات 2021-2025، بمضاعفة استثماراتها الحالية على مدى خمسة أعوام إلى نحو 200 مليار دولار لمساندة البلدان فى جهودها لاتخاذ إجراءات طموحة لمكافحة تغيُّر المناخ.

وقال فيليب لو هورو، المسئول التنفيذى الأول فى مؤسسة التمويل الدولية: «أمام القطاع الخاص فرص بتريليونات الدولارات بكل ما فى هذه الكلمة من معنى للاستثمار فى مشروعات ستساعد على إنقاذ كوكب الأرض».

ووفقاً لتقرير اقتصاد المناخ الجديد، الصادر عن البنك، فإن الاستثمار فى المشروعات الصديقة للمناخ يفتح 26 تريليون دولار ويضمن 67 مليون وظيفة حتى عام 2030، وفى نفس الوقت يوفر ازدحاماً أقل وهواءً أكثر نظافة وفرص عمل وفرصاً فى السوق.

وقال صندوق النقد الدولى إن التغير المناخى قد يكون إحدى أكبر الصدمات الاقتصادية فى القرن الواحد والعشرين، إذا لم يتم التعامل معه، بسبب التأثيرات الضارة بما فى ذلك درجات الحرارة المرتفعة، والكوارث الطبيعية الأكبر والأكثر تكراراً، وارتفاع مستويات البحار، حيث يعيش نحو 60% من سكان العالم فى دول قد تحدث فيها هذه التأثيرات.

وتشير استنتاجات حديثة لـ«الصندوق» إلى أن معظم أنواع الكوارث المرتبطة بالأحوال الجوية ستزداد شيوعاً مع نهاية هذا القرن فى كل البلدان على اختلاف مستويات دخلها، وستطرأ زيادة كبيرة على معدل تواتر الكوارث الناجمة عن موجات الحر والأعاصير المدارية وحرائق الغابات، وبينما يتوقع العلماء أن ينخفض معدل التواتر الكلى للأعاصير المدارية فى عالم أكثر دفئاً، فإنهم يتوقعون أيضاً أن تزداد حدة العواصف التى تتشكل، ما يرجح أن يؤدى إلى مزيد من الكوارث.

وقال «الصندوق» فى تقرير حديث إن على العالم أن يستعد لتغير مناخى قد يحتاج إلى جميع الجهود الممكنة بوصفه أكبر تهديد للبشرية، فحسب تحليلاته فإن المخاطر المتزايدة بسبب الكوارث الطبيعية سوف تظهر إلى العيان قريبة، ولن يقتصر الإحساس بها على العلماء فقط، بالإضافة إلى الآثار السلبية الأطول أجلاً التى يتركها ارتفاع درجات الحرارة على النشاط الاقتصادى الكلى، فقد يتسبب هذا فى هجرة أعداد كبيرة من البلدان المتضررة مع ما يستتبعه ذلك من تداعيات محتملة كبيرة فى مختلف أنحاء العالم.

ودعا الدول للاستثمار فى إقامة بنية تحتية قوية تمكنها من مواجهة ارتفاع مناسيب البحار وزيادة سرعة الرياح وغيرها من المخاطر المتزايدة، بجانب تحديث قوانين التنظيم العمرانى ووضع قواعد لمراعاة تغير المناخ، بالإضافة إلى تحسين نظم الإنذار المبكر، ولكن الأهم من كل ذلك أن تدخر البلدان فى أوقات اليسر حتى تفسح مجالاً لزيادة الإنفاق الحكومى الداعم للاقتصاد فى حالة وقوع الكوارث المرتبطة بالمناخ.

وقال «الصندوق» إنه يعمل على تخفيف الانبعاثات عبر إقناع الدول بفرض ما يسمى بـ«ضرائب الكربون» وغيرها من الرسوم كالتى تفرض على استخدام الفحم فى الصناعة هى أكثر الأدوات فعالية فى تخفيض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، (المصدر الرئيسى لغازات الاحتباس الحرارى)، كما يمكنها توفير إيرادات كبيرة للحكومة بحيث يمكن استخدامها لتخفيض ضرائب أخرى مرهقة للاقتصاد، أو تمويل استثمارات داعمة للنمو.


مواضيع متعلقة