من تقشير البصل إلى همّ البيت والعيال: امسكى دموعك يا «سماح»

من تقشير البصل إلى همّ البيت والعيال: امسكى دموعك يا «سماح»
دموعها لا تجفّ من على خدَّيها لسببين، الأول ما تشعر به من همّ وتعب، والثانى من تأثير البصل، حيث تقوم بتقشير 5 كيلو يومياً بداية من السابعة صباحاً، داخل محل صغير فى حارة متفرعة من شارع الحسينية، لإعداد وجبات شهية لزبائنها.
تسألها جارتها عن سبب بكائها، والدموع الغزيرة التى تنهمر منها، فتأتى إجابة «سماح»، مصحوبة بضحكة وهى تجفف وجهها: «الله يقوينى على البصل»، حيث تطهو يومياً أكلات بطاطس بالفراخ والبصل، ممبار، فشة وطحال، استعداداً لبيعها على عربة موجودة أمام المحل: «أخلص من هنا وعينى توجعنى أوى، وكل يوم على ده الحال».
فور انتهاء «سماح» من عملها على العربة عصراً، تشرد بذهنها وتأسف على حالها: «وقتها باعيّط بجد من قلبى مش من البصل، بتصعب عليا نفسى، وأقول ليه أنا بقيت كده، وأدعى أشوف عيالى أحسن منّى»، الدموع التى تراها أشد حرقة وأثراً فى النفس: «عياط البصل أهون كتير من عياط الهمّ والتعب».
تعمل «سماح» يومياً، ولا تأخذ أى راحة طوال الأسبوع، من أجل دعم زوجها سائق التاكسى، فتساعده فى دفع رسوم المياه، والكهرباء، ومصاريف ابنها وابنتها، إضافة إلى 500 جنيه شهرياً إيجار المحل: «مهنة صعبة وباحاول أتعود عليها، وكله علشان جوزى وعيالى».
7 أشهر مضت على عمل «سماح» فى تقشير البصل وإعداد الوجبات، تتذكرها لحظة بلحظة: «أول يوم نزلت قلت لأ مش هاقدر أعمل كده تانى، لكن بعدها أقنعت نفسى إنى لازم أشتغل الصعب علشان الحياة تستمر، لازم كل ست تساعد جوزها على الدنيا الصعبة».
27 عاماً قضتها «سماح» فى حارة الحسينية بالجمالية، ترى أن الحياة تغيرت كثيراً، كانت راحة البال تغلب على أبناء المنطقة: «دلوقتى كل واحدة فيها اللى مكفّيها، وهمومها تقيلة، ربنا يكون فى عونى أنا وكل الستات».