حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة.. «الكلابية» فى قنا: تعديات بمنازل خرسانية وطوب وصرف.. والنتيجة «لا مياه»

كتب: رجب آدم

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة.. «الكلابية» فى قنا: تعديات بمنازل خرسانية وطوب وصرف.. والنتيجة «لا مياه»

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة.. «الكلابية» فى قنا: تعديات بمنازل خرسانية وطوب وصرف.. والنتيجة «لا مياه»

لم يعد السكوت ممكناً، بعد أن تحولت شبكة الترع والمصارف فى كل محافظات مصر إلى شرايين مسدودة بالقمامة وورد النيل والأعشاب الضارة.

{left_qoute_1}

وخلال كلمته فى سبتمبر الماضى، أثناء افتتاح الطريق الدائرى الإقليمى، فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الجميع بأنه يعرف حقيقة ما آلت إليه الأمور فى هذا الملف الخطير الذى يشكل عصب الحياة فى مصر.

وأوضح الرئيس: لا يمكن أبداً لمسئولى الحكومة والمحافظين والأهالى أن يسمحوا بكل هذا الإهمال للترع والمصارف. وطالب الرئيس الجميع ببذل أقصى الاهتمام بتطهيرها فوراً والحفاظ عليها من التعديات. «الوطن» تفتح هذا الملف فى حملة متصلة، لتشير إلى أن شبكة الرى العملاقة التى تصل أطوالها إلى أكثر من 55 ألف كيلومتر، ما زالت تعانى من إهمال خطير.

منازل خرسانية وأخرى من الطوب الأبيض، تكشف الحال الذى وصلت إليه ترعة الكلابية، المغذية لمئات الأفدنة فى محافظ قنا، بعدما حاصرتها التعديات، فأصبحت شرياناً مسدوداً لا تنقل المياه إلى الأراضى الزراعية، وإنما تكفى بالكاد لرى عطش ماشية الأهالى المحاصرين لها، فيما تحولت أجزاء منها إلى مكان للتخلص من الصرف الصحى.

تمتد «الكلابية» بطول 30 كيلومتراً بالتوازى مع طريق القاهرة - أسوان الزراعى، ما يجعل مشهد التعديات عليها أحد المشاهد البارزة أمام عيون المارة على الطريق ليلاً أو نهاراً، سواء من قِبل المواطنين أو مسئولى الرى والمحليات، الذين تركوا الترعة تعانى حتى تحوَّلت إلى أحواض لإلقاء مخلَّفات الصرف الصحى فيها، مع نمو كثيف للحشائش.

وتروى الترعة وفروعها الممتدة فى أنحاء قنا آلاف الأفدنة بطول المحافظة وعرضها، لكن ترويها بمياه الصرف الصحى، بعدما امتدت لها مئات المواسير من منازل المواطنين لإلقاء المخلَّفات فيها، حسبما رصدت «الوطن»، بالإضافة لانتشار العشش على جوانبها، والتى تحوَّلت مع الوقت إلى مبانٍ خرسانية تعيش فيها الأسر والماشية.

أمام مدخل قرية أولاد عمرو الواقعة على طريق القاهرة - أسوان الزراعى، بنى أحد المواطنين جداراً أسمنتياً على حافة الترعة مباشرة، ليحول المكان إلى «مقهى»، وضع مقاعد وترابيزات مخصصة لجلسة زبائنه المترددين على المقهى، وعلى مسافة قصيرة من مدخل القرية يتفرع من «الكلابية» مصرف السمطات أو «سالم» كما يطلق عليه الأهالى، ويروى قرابة 1000 فدان.

وبعد مسافة كيلومتر واحد على طريق نجع الفقرة، تظهر عدة عشش ومنازل بقواعد خرسانية على حافة الترعة مباشرة، وجميعها مبنية حديثاً بالطوب الأبيض والأحمر، بينما لم يجد عدد من الأهالى مكاناً لبناء مسجد لهم إلا داخل الترعة تماماً، حيث زرعوا الأعمدة وسط المياه، التى حاصرتها مخلَّفات البناء.

بداية من مصنع نجع حمادى لصناعة الأخشاب «الفيبر بورد»، يتحول اللون الأخضر المعتاد لمياه ترعة الكلابية إلى الأسود، بسبب تلويثها بمياه الصرف الصناعى غير المعالجة، وأمام قرى فاو بحرى، قرب منبعها، وصلت تعديات المزارعين على الترعة إلى حد تقليص عرضها من 14 متراً إلى 5 أمتار فقط، نتيجة أعمال الردم العشوائى.

المزارع أحمد عبدالسميع، أحد أبناء قرية الحجيرات فى قنا، قال إن «التعديات على ترعة الكلابية وفروعها وصل لذروته خلال السنوات الأخيرة، ووصل إلى حد بناء مسجد فى قلب مصرف السمطات، بينما توقفت أعمال التطهير، وزادت كميات مخلَّفات البناء الملقاة على جانبى المصرف بصورة غير مسبوقة».

وقال هلالى السمطى، أحد أبناء نجع الفحيرة، التابع لقرية السمطا بحرى: «بدءاً من قرى فاو بحرى حتى قرب نهاية الترعة تزايدت أعمال الردم خلال السنوات الأخيرة، حتى ضاق عرضها ليصل إلى 5 أمتار فقط، ما يعيق عملية الرى، خاصة أن مخلَّفات البناء الملقاة على الجانبين، والحشائش الكثيفة المحيطة بها، تعيق وصول المياه إلى الأراضى». وتساءل رمضان فهيم، أحد أبناء قرية البيجية، عن أسباب التأخر فى إزالة التعديات على الترعة، موضحاً أن «بعض الأهالى استغلوا فترة ما بعد الثورة فى التعدى على حرم الترعة، لكن أجهزة الدولة استعادت عافيتها الآن، ورغم هذا ما زال الأهالى يتمادون فى التعدى على الترعة بالبناء أو إلقاء المخلَّفات، فيومياً نشاهد هذه التعديات، دون أن نرى من يحصرها».

أما جمال السيد، مالك قطعة أرض زراعية فى قرية فاو بحرى بدشنا، فقال إن «الجزء المار فى القرية من الترعة يحمل مياهاً سوداء اللون، نتيجة صب الصرف غير المعالج لمصنع الخشب.

وقال المهندس أحمد الشريف، مسئول الترع والمصارف بـ«رى قنا»، إن جميع التعديات على ترعة الكلابية تم رصدها، وتحرير محاضر عنها، إلا أن أعمال الإزالة كانت تتعطل لدواع أمنية، موضحاً: «الآن الشرطة تتعاون معنا فى تأمين أعمال إزالة التعديات، وسنواصل أعمال الإزالة حتى القضاء على جميع التعديات تماماً».

عند مواجهة «الوطن» للمهندس محمد خضير، وكيل وزارة الرى فى قنا، بصور التعديات على ترعة الكلابية، قال: «الدولة أصبحت قوية الآن، وكل تعدٍّ سيُزال، وجارٍ التنسيق مع الأجهزة التنفيذية لتنفيذ هذه الإزالات»، مضيفاً: «فى الفترة السابقة كانت الأجهزة المعنية مشغولة بالتعديات على الأراضى الزراعية، لكن ننسق معها حالياً لإزالة التعديات على الترع والمصارف، كما حُرر محضر ضد مديرية الأوقاف بسبب بناء أحد المساجد داخل الترعة».


مواضيع متعلقة