حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «مصرف السيل» بأسوان.. هنا يبدأ تلويث نهر النيل بالصرف الصحى

كتب: عبدالله مشالى

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «مصرف السيل» بأسوان.. هنا يبدأ تلويث نهر النيل بالصرف الصحى

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «مصرف السيل» بأسوان.. هنا يبدأ تلويث نهر النيل بالصرف الصحى

لم يعد السكوت ممكناً، بعد أن تحولت شبكة الترع والمصارف فى كل محافظات مصر إلى شرايين مسدودة بالقمامة وورد النيل والأعشاب الضارة.

وخلال كلمته فى سبتمبر الماضى، أثناء افتتاح الطريق الدائرى الإقليمى، فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الجميع بأنه يعرف حقيقة ما آلت إليه الأمور فى هذا الملف الخطير الذى يشكل عصب الحياة فى مصر.

{left_qoute_1}

وأوضح الرئيس: لا يمكن أبداً لمسئولى الحكومة والمحافظين والأهالى أن يسمحوا بكل هذا الإهمال للترع والمصارف.

وطالب الرئيس الجميع ببذل أقصى الاهتمام بتطهيرها فوراً والحفاظ عليها من التعديات.

«الوطن» تفتح هذا الملف فى حملة متصلة، لتشير إلى أن شبكة الرى العملاقة التى تصل أطوالها إلى أكثر من 55 ألف كيلومتر، ما زالت تعانى من إهمال خطير، وأن هذا الإهمال لو استمر أكثر من ذلك سنصحو على كارثة انسداد أهم شرايين الحياة والنماء والخصوبة فى كل قرى ومدن مصر.

منذ عشرات السنين أنشأت الدولة «مصرف السيل»، ليكون مخراً لمياه السيول التى تضرب محافظة أسوان من حين لآخر، لكن مع مرور الزمن تحول إلى أنبوب ينقل مياه الصرف الصحى التى تنتجها المساكن ومحطات «كيما» إلى النيل مباشرة، ليصبح أول مصدر لتلويث مياه النهر على الأرض المصرية.

{long_qoute_1}

ومع غياب أجهزة الدولة صار المصرف مقصداً للأهالى للتخلص من المخلفات والقمامة والحيوانات النافقة.

زاد من حدة الأزمة، طوال العقود الماضية، أن عدد الأهالى كان يزداد عاماً بعد الآخر، ومع ضيق المساحة فى المدينة السياحية، زحفوا على الأراضى المجاورة لبداية المصرف، بناحية عزب كيما، وزادت كمية المخلفات المصدرة للمصرف ومنه للنيل.

ورغم أن الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتم بحل أزمة الصرف الصحى، عقب زيارته لمنطقة مصرف السيل ومحطات كيما بأسوان فى يناير 2017، وأمر بتحويل محطات معالجة المياه من ثنائية إلى ثلاثية، للسيطرة على الأزمة، فإن الأمر لا يكفى، وفقاً لأهالى المنطقة. ويُعتبر «مصرف السيل» أحد أشهر المصارف على مستوى الجمهورية، فهو أول مصادر التلوث للنيل، يصل طوله إلى نحو 7 كيلومترات، بداية من عزب «كيما»، ومروراً بمناطق «السيل» و«الناصرية» و«الحكروب» و«الجزيرة»، وصولاً إلى النيل، الذى ينقل إليه عشرات الآلاف من الأمتار من مياه الصرف الملوث.

قال يسرى محمد عبدالله، 43 عاماً، من أهالى عزبة «المرشح» بمنطقة كيما، إن الحياة هنا لا تطاق، سواء فى الصيف أو فى الشتاء، لأن المصرف ليس إلا مصباً لمياه الصرف الصحى غير المعالج، من محطة «صرف 10»، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة (ناموس وبعوض وذباب) التى تنقل الأمراض من شخص إلى آخر، لذلك نتردد كثيراً بأبنائنا على مستشفى الحميات.

وأشار إلى أن بعض الأهالى لما وجدوا أن شركة المياه والصرف الصحى، المسئولة عن إدارة محطة الصرف، تتجاهل صحة المواطنين وتهمل الاشتراطات الصحية والبيئية، أصبحوا يقلدونها ويلقون مخلفاتهم على جانبَى المصرف، وكل ذلك يذهب إلى النيل مباشرة.

وأكد خالد دهب، أحد القيادات الشعبية بمركز أسوان، ومقيم بقرية «أبوالريش»، أن الأهالى تعبوا من استمرار أزمة «مصرف السيل»، موضحاً أنه على الرغم من إنشاء محطات كيما «1، و2، و3»، لمعالجة مياه الصرف ثلاثياً، فإنها لا تكفى، لأن المدينة أصبحت تنتج نحو 200 ألف متر مكعب من الصرف الصحى يومياً، مضيفاً: «أرسلنا شكاوى كثيرة لمجلس الوزراء ووزارتى البيئة والرى وغيرها، ووصل بنا الأمر لإرسال شكاوى للرئاسة».

واستطرد: «نحن نعلم جيداً أن الدولة ضخت مئات الملايين حتى الآن، لكن ما زالت المياه بها جزء غير معالج، وتتدفق دون حلول على نهر النيل»، موضحاً أنه على الرغم من أن بعض الأهالى رفعوا قضايا فى مجلس الدولة ضد الحكومة، لإلزامها بالتدخل وحل الأزمة لكن دون تنفيذ، والأمر أصبح لا يطاق، وبعض الأهالى تركوا منازلهم بقرية «أبوالريش»، وانتقلوا للإقامة بالمدينة بحثاً عن كوب مياه نظيف.

ومن جهته قال المهندس محمد على، وكيل وزارة الرى بأسوان، المسئول الأول عن مصرف «السيل»، إن المصارف ومخرات السيول تتبع مديرية الرى بالمحافظة، ومصرف «السيل»، أحد المصارف المهمة، نظراً لامتداده بطول المدينة، موضحاً أن هناك تعليمات يتم تنفيذها بدقة بالعمل المستمر على تطهير المصرف، وتحرير محاضر مخالفة لأى شخص يلقى مخلفات أو قمامة به.

وأضاف أنه خلال الأعوام الماضية تمت تغطية أجزاء كبيرة من المصرف فى مناطق «السيل الجديد»، و«الحكروب» و«الجزيرة»، واستفدنا ببناء مشروعات خدمية على الأجزاء المغطاة، منها مواقف السيارات الأجرة، وسويقات بيع الخضار والفاكهة، ومحال تجارية، فضلاً عن مول تجارى، مشيراً إلى أنه سيتم تغطية مناطق أخرى، بحسب أهميتها والميزانية المحددة.

وأكد المهندس رفعت إسماعيل، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى، أن الشركة نفذت 3 محطات لمعالجة مياه الصرف ثلاثياً، وهى تستوعب ما يزيد على 150 ألف متر مكعب من المياه، وتعالجها قبل ضخها مرة أخرى فى مصرف «السيل»، الواصل إلى النيل مباشرة.

وأضاف: لدينا حلول أخرى لنقل ما يزيد عن طاقة المحطات «كيما 1، و2، و3» إلى الغابة الشجرية بالعلاقى، جنوب شرق مدينة أسوان، مشيراً إلى أن القيادة السياسية لم تتأخر فى توفير اعتمادات مالية بمئات الملايين لحل مشكلة الصرف الصحى وأزمة مصرف «السيل».

 

إسماعيل


مواضيع متعلقة