حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «الباجورية».. قصة ترعة تحولت من «شريان خير» لـ«مقلب قمامة»

كتب: محمود الحصرى

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «الباجورية».. قصة ترعة تحولت من «شريان خير» لـ«مقلب قمامة»

حملة «الوطن»| شرايين مصر المسدودة: «الباجورية».. قصة ترعة تحولت من «شريان خير» لـ«مقلب قمامة»

لم يعد السكوت ممكناً، بعد أن تحولت شبكة الترع والمصارف فى كل محافظات مصر إلى شرايين مسدودة بالقمامة وورد النيل والأعشاب الضارة.

وخلال كلمته فى سبتمبر الماضى، أثناء افتتاح الطريق الدائرى الإقليمى، فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الجميع بأنه يعرف حقيقة ما آلت إليه الأمور فى هذا الملف الخطير الذى يشكل عصب الحياة فى مصر.

وأوضح الرئيس: لا يمكن أبداً لمسئولى الحكومة والمحافظين والأهالى أن يسمحوا بكل هذا الإهمال للترع والمصارف.

وطالب الرئيس الجميع ببذل أقصى الاهتمام بتطهيرها فوراً والحفاظ عليها من التعديات. «الوطن» تفتح هذا الملف فى حملة متصلة، لتشير إلى أن شبكة الرى العملاقة التى تصل أطوالها إلى أكثر من 55 ألف كيلومتر، ما زالت تعانى من إهمال خطير، وأن هذا الإهمال لو استمر أكثر من ذلك سنصحو على كارثة انسداد أهم شرايين الحياة والنماء والخصوبة فى كل قرى ومدن مصر.

بعد عقود طويلة حظيت خلالها بأهمية كبيرة، كواحدة من أهم وأطول الروافد المائية، ومصدر أساسى لرى آلاف الأفدنة بعشرات القرى فى محافظة المنوفية، تحولت ترعة «الباجورية» إلى مقلب قمامة كبير، فضلاً عما تعانيه من حالات صارخة للردم والتعدى على حرمها، والترسب الذى طال أحد جوانبها وما يصاحبه من «نحر وتآكل» للشاطئ، بسبب اختناق المجرى المائى وتعدد الانحناءات وسرعة جريان المياه.

{left_qoute_1}

ويضر تردى أوضاع الترعة أراضى زراعية واسعة فى نحو 13 قرية وعشرات العزب، فى مراكز الباجور، ومنوف، وشبين الكوم، والشهداء، وتلا بمحافظة المنوفية، ويمتد تأثيرها السلبى إلى أراضى كفر الزيات فى محافظة الغربية.

وتعانى الترعة من عمليات اعتداء ممنهج من قبل الأهالى، الذين يستبدلون المجرى المائى، بالعشش والمقاهى والأكشاك، مستخدمين مئات الأطنان من مخلفات البناء والقمامة فى ردمها والبناء عليها، خاصة بجوار قنطرة شبراباص، وكوبرى دراجيل، وقنطرة كفر ربيع، فى ظل انعدام الرقابة من مسئولى الأحياء والرى.

ومع انخفاض منسوب المياه تظهر عشرات الجزر من القمامة والمخلفات والحيوانات النافقة، فى ظل اختفاء عمليات التطهير والتكريك المستمرة، ما يهدد سريان المياه فى المجرى، والأمر لا يقف عند حدود تعديات الأهالى، بل وصل إلى تورط بعض الوحدات المحلية فى إلقاء القمامة وردم المجرى، وهو ما تم توثيقه بفيديوهات منذ عامين، أمام قرية شبراباص. محمود علام، أحد أهالى قرية شبراباص، أكد أن مياه الشرب التى تمدهم بها محطة التحلية، تمر على أطنان من القمامة والحيوانات النافقة، الملقى بها أمام المأخذ، الذى يمد المحطة، بالقرب من الكوبرى والهويس، وذلك بسبب إقامة سوق القرية على شاطئ الترعة، وإلقاء البائعين والأهالى مخلفاتهم فى المجرى مباشرة، حيث تحولت المنطقة بأكملها إلى مقلب قمامة كبير، أصبح مصدراً لانتشار الأمراض والأوبئة، وكذلك تزايد أعداد الكلاب الضالة والزواحف. وقال محمد الشرقاوى، أحد فلاحى مركز شبين الكوم، إن مديرية الرى، كانت فى السابق تداوم على تطهير الترعة ورفع الترسيبات من قاعها لضمان سريان المياه، التى تغذى آلاف الأفدنة بداية من المنبع فى الباجور وحتى حدود المنوفية عند قرية «كفر الشرفا»، التابعة لمركز تلا، ومنها إلى قرى كفر الزيات بمحافظة الغربية. وأضاف أنه منذ اختفاء كراكات التطهير التابعة للرى فى السنوات الأخيرة، وحال الترعة يتردى يوماً بعد يوم، حتى ظهرت جزر صغيرة وسط المجرى، تمنع وصول المياه إلى ماكينات الرى، وكذلك تعيق قوارب الصيادين، الذين كانت الترعة مصدر رزق كبير لهم فى الماضى، ودُمر الآن بفعل التلوث والإهمال.

وتؤكد دراسة أعدها المركز القومى لبحوث المياه، التابع لوزارة الرى، أن ترعة الباجورية، هى إحدى التفرعات الطبيعية لنهر النيل، وكانت تستمد مياهها سابقاً من فرع دمياط، تجاه قرية بئر شمس، ومع حفر الرياح المنوفى عام ١٨٦٥ تم تغيير فم الباجورية لتتفرع من الرياح، من أمام قرية كفر الغنامية، ويبلغ طولها نحو 90 كيلومتراً، يقع منها 74.4 كيلومتر فى زمام محافظة المنوفية. وذكرت الدراسة أن أغلب قطاعات الترعة لا يوجد بها جسور، وتقع ملكيات الأهالى مباشرة على المجرى المائى، وقد أدت التعديات واختلاف عرض القطاع من نقطة إلى أخرى، إلى وجود تذبذب شديد فى مناسيب القاع، نتيجة للنحر من جهة، وإلقاء المخلفات من جهة أخرى، حيث يقل القاع فى بداية قرية دراجيل، ثم يزداد تدريجياً ليتعدى القاع التصميمى، عند منتصف القرية، مشيرة إلى أن هناك 9 محطات تحلية تمد الأهالى بمياه الشرب، تقع على المجرى المائى لـ«الباجورية».

وقال المهندس حسن خطاب، مدير عام رى المنوفية لـ«الوطن» إن جميع التعديات على ترع المحافظة، متخذ حيالها إجراءات قانونية، بما فيها التعديات على ترعة الباجورية، حيث تم تحرير محاضر مخالفات، وصادر لها قرارات إزالة، ويتم التنسيق حالياً مع مديرية أمن المنوفية لتنفيذ الإزالات. وأشار إلى أنه يتم بحث مشكلة ترعة الباجورية لإدراجها فى عمليات التطهير والتكريك، للحفاظ على الأعماق المطلوبة لسريان المياه، حيث تتمتع الترعة بأهمية خاصة، موضحاً أن مديرية الرى تحتاج إلى تعاون عدد من الأجهزة منها مديرية الطرق لصيانة الطريق، الذى هو جسر الترعة، وكذلك الوحدات المحلية، لمنع إلقاء المخلفات والحيوانات النافقة، بالإضافة إلى مديرية الأمن لإزالة التعديات ومنع الأهالى من ردم المجرى، وأيضاً المواطنين المنوط بهم الحفاظ على سلامة مجرى المياه لأنه يخدمهم ويخدم أرضهم بشكل أساسى.

 

الصاوى


مواضيع متعلقة