"عاشوراء" يجدد صراع الصلاة في مساجد آل البيت بين "السلفية والأزهر"

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى

"عاشوراء" يجدد صراع الصلاة في مساجد آل البيت بين "السلفية والأزهر"

"عاشوراء" يجدد صراع الصلاة في مساجد آل البيت بين "السلفية والأزهر"

تجدد الخلاف حول الصلاة بمساجد التي بها أضرحة بين السلفيين، الذين يحرمون الأمر بشكل تام ويعتبرونه خطأ في عقيدة من يقوم به، وأزهريين يرون أن الصلاة بمساجد الأضرحة أمر مستحب، وقام الطرفان بنشر راوبط لفتاوي قياداتهم وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونشرت جروبات السلفيين عبر "فيس بوك" فتاوى وفيديوهات التحريم، ومنها فيديو للشيخ أحمد النقيب، القيادي السلفي البارز، قال فيه: "لا يجتمع مسجد وقبر في الإسلام ولا تصح الصلاة في المساجد التي بها قبور، ولا يجوز القياس على مسجد النبي لأن قبر النبي لم يكن أصلاً من جملة المسجد، وإنما دخل المسجد في عصر الأمويين، والتوسعات الكثيرة لا زال القبر في طرف مسجد النبي، ثم إن الصلاة في مسجد النبي صلاة مخصوصة لا يقاس عليها مساجد غيرها".

الشيخ أبو إسحاق الحويني، أحد كبار مشايخ السلفية، يقول: "الصلاة في المساجد التي بها قبور محرمة وليست باطلة، فلو أن رجل صلى في مسجد به قبر لا يبطل الصلاة لكن يحرم عليه الصلاة فيها لقول النبي (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا أني أنهاكم عن ذلك)"، والإمام الشافعي يقول: "لا يجتمع مسجد وقبر في دين الإسلام"، فهناك عدم تجريد التوحيد في تلك المساجد".

كما قال الشيخ مصطفى العدوي، عضو مجلس شورى علماء السلفية: "النبي نهي عن الصلاة التي بها قبول وشدد في النهي، قائلا: "لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، فهم أشرار الخلق يوم القيامة، فلا نصلي للقبور ولا نجلس عليها، فالأرض كلها مسجد إلا القبر والحمام، فالقبور لا يصلي فيها، والنبي قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد"، فهناك العديد من البدعيات والشركيات التي تحدث في تلك المساجد.

من جانبه، قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: "السلفية قلة ولا يعتبرون السواد الأعظم، بل رقمهم بالنسبة للمسلمين لا يصلون إلي 0%، فالنبي قال لا تنظر إلا السلفيين بل إنظر إلي الجماعة، فما تفعله الجماعة نفعله، فجماعة المسلمين تصلي في المساجد التي بها ضريح، والصلاة في مسجد سيدنا الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب مباح، فالمسلمين يصلون في المسجد النبوي وبه ضريح النبي الكريم وقبر سيدنا عمر وسيدنا ابو بكر، فهدم الأضرحة جرائم وإهانة».

الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية الصوفية، أكد أن المسجد في اللغة مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان والمكان والحدث، فهذا معناه أنهم يسجدون لمن في القبر، فمن يعبد الانبياء يقصد الله بهم قول الرسول "لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فالمسلمين لا يعبدون أحد أبداً لا النبي ولا غيره ومن يفعل ذلك كالدروز والبهائية فلم يعودوا مسلمين".

وأكد الشيخ محمد متولي الشعراوي، وزير الأوقاف الأسبق: "قبر النبي في مسجده وقبور الأولياء كلها في المساجد، فدليل الرافضين لا يعرفون الاستدلال الصحيح له، فيقولون: (لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فهم لا يعرفون تعريف القبر، فالقبر هو الذي به جثمان الشخص، بل يسمي مقصورة، فلا يتخذ القبر صلاة، فالقبرية لا داخل لها، فلم ينكرها الله تعالي".

من جانبهعا قالت دار الإفتاء، إن الصلاة بها صحيحة ومشروعة وتصل إلى درجة الاستحباب.

وأضافت الدار، أن الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة الأولياء والصالحين صحيحة ومشروعة، بل إنها تصل إلى درجة الاستحباب، وذلك ثابت بالكتاب والسنة وفعل الصحابة وإجماع الأمة الفعلي، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: «فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا»، وسياق الآية يدل على أن القول الأول هو قول المشركين، وأن القول الثاني هو قول الموحدين، وقد حكى الله تعالى القولين دون إنكار، فَدَلَّ ذلك على إمضاء الشريعة لهما، بل إن سياق قول الموحدين يفيد المدح، بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك، بينما جاء قول الموحدين قاطعًا، وأن مرادهم ليس مجرد البناء بل المطلوب إنما هو المسجد.

ومن السنة: حديث أبي بصير رضي الله عنه الذي رواه عبد الرزاق عن معمر، وابن إسحاق في "السيرة"، وموسى بن عقبة في "مغازيه" وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك؛ ثلاثتهم عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم: "أن أبا جندل بن سهيل بن عمرو دفن أبا بصير رضي الله عنه لما مات وبنى على قبره مسجدًا بسيف البحر، وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة".

وهذا إسناد صحيح، كله أئمة ثقات، ومثل هذا الفعل لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فلم يرد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «في مسجد الخيف قبر سبعين نبيًّا» أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير، وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار": هو إسناد صحيح.

وأضافت الدار في تقريرها: ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دفنا في الحجر من البيت الحرام، وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السير: كابن إسحاق في "السيرة"، وابن جرير الطبري في "تاريخه"، والسهيلي في "الروض الأنف"، وابن الجوزي في "المنتظم"، وابن الأثير في "الكامل"، والذهبي في "تاريخ الإسلام"، وابن كثير في "البداية والنهاية"، وغيرهم من مؤرخي الإسلام، وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، ولم يأمر بنبش هذه القبور وإخراجها من مسجد الخيف أو من المسجد الحرام».

وتابع: "أما حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؛ فالمساجد: جمع مسجد، والمسجد في اللغة: "مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان والمكان والحدث، ومعنى اتخاذ القبور مساجد: السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان، كما فسرته الرواية الصحيحة الأخرى للحديث عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فجملة "لعن الله قومًا..." بيان لمعنى جعل القبر وثنًا، والمعنى: :اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُسجد له ويُعبد كما سجد قوم لقبور أنبيائهم".


مواضيع متعلقة